تدور معظم أحداث فيلم "Operation Finale"، الذي انتجته نيتفليكس في العام 2018، في العاصمة الأرجنتينة بيونس آيرس. الفيلم المستند إلى أحداث حقيقية، يظهر عملية خطف قام بها الموساد الإسرائيلي في 1961 لضابط ألماني سابق، يعتقد الإسرائيليون أنه مسؤول أساسي عن الجرائم التي اقترفها الألمان ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية المعروفة بإسم محارق الهولوكوست.
فرّ الكثير من النازيين بعد الحرب إلى الأرجنتين، وقد سهل الأمر عليهم تواجد الرئيس بيرون في السلطة يومها
يلعب الممثل الأميركي أوسكار إسحاق، المولود في غواتيمالا، دور بيتير مالكين عميل الموساد الإسرائيلي الذي توكل إليه مهمة القبض على ادولف إيخمان لتقديمه للمحاكمة في إسرائيل، وقد لعب الممثل البريطاني بن كنغسلي دور إيخمان. فرّ الكثير من النازيين بعد الحرب إلى الأرجنتين، وقد سهل الأمر عليهم تواجد الرئيس بيرون في السلطة يومها، والمعروف بعلاقته الممتازة مع ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Operation Finale".. نازيون جدد يقتصّون من نازيين قدامى
شهدت بيونس آيريس قصة حب جمعت بين فتاة يهودية وشاب من أصول ألمانية يقول إن والده مات في الحرب العالمية الثانية. الشك الذي اعترى والد الفتاة يومها بأصول الشاب دفع الموساد إلى ملاحقة بعض الخيوط، والوصول إلى حقيقة أن والد الشاب ليس سوى أدولف إيخمان، أحد أبرز مهندسي الهولوكوست، والرجل الذي يتخفّى خلف اسم وهمي هو ريكاردو كليمنت وهوية وهمية منذ عام 1945.
بعد التأكد من حقيقة إيخمان، أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي دايفيد بن غوريون فريقًا سريًا من تل أبيب إلى بيونس آيرس لاعتقاله وجلبه إلى إسرائيل ومحاكمته. وقد قال بن غورين يومها: "للمرة الأولى في التاريخ سنحكم على جلادنا ونحاسبه، وسنشكل رادعًا لمن يفكر في القيام بأمر كهذا في المستقبل".
ينجح فريق الموساد في إلقاء القبض على إيخمان، وتشترط إحدى شركات الطيران على الفريق أن يستحصل على توقيع من أيخمان يوافق فيه على أن تتم محاكمته في إسرائيل، مع العلم أن الأخير كان يطالب أن يحاكم في بلده ألمانيا، كما أنه كان يرى أن من غير المنصف أن يتم تحميله بشكل شخصي وزر نظام بأكمله.
يخالف بيتر ماكين تعليمات فريق الإختطاف، ويلجأ للأسلوب الإنساني في معاملة أسيره إيخمان لحمله على التوقيع وبالتالي لكي يُسمح بنقله إلى تل أبيب. خلال الأحاديث بين ماكين وإيخمان، يحاول الأخير أن يؤكد كل الوقت أنه لم يكن سوى موظف ينفذ التعليمات، بل وأنه حاول إنقاذ بعض اليهود من المحرقة، واقترح إبعادهم إلى مدغشقر.
يُنقل إيخمان في النهاية إلى إسرائيل، ويتلو إفادته في الكنيست بشكل علني، وهو أمر يحصل للمرة الأولى فيما يخص الهولوكوست. تدينه المحكمة الإسرائيلية، بالنيابة عن 6 ملايين ضحية، ويتم إعدامه شنقًا في الأول من حزيران/يونيو 1962، وقد أحرقت جثته في فرن صنع خصيصًا للمناسبة، في إشارة رمزية للأفران التي أنشأها النازيون، ونشرت رفاته في البحر كي لا يكون له ملجأ أخير للراحة.
بالرغم من الإشادة الفنية والتقنية بالفيلم لناحية الإخراج والتصوير، فإن انتقادات كثيرة وجهت له، واعتبرت أنه لا ينقل الحقيقة بدقة، بل هو يمثّل وجهة النظر الإسرائيلية بطريقة سافرة. ورأى البعض أن الفيلم حاول أن يقدم اليهود كضحايا، ليس فقط في أوشفتيز ووارسو خلال الحرب، بل في بيونس أيرس في الستينات، وفي كل مكان وزمان.
لم يشر فيلم "Operation Finale" من قريب أو من بعيد لاحتلال الصهانية لفلسطين وتهجير شعبها بعيد الهولوكوست
لم يشر الفيلم الذي امتد لأكثر من ساعتين، من قريب أو من بعيد لاحتلال الصهانية لفلسطين وتهجير شعبها بعيد الهولوكوست، ولا إلى الغيتوهات التي أقيمت في فلسطين ولا لحملات الإبادة والتهجير التي لحقت بالفلسطينيين.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم Sobibor.. فائض سياسي لتوظيف الهولوكوست واحتكاره
الضحية تحولت إلى جلاد، بل وفاقت جلادها بالقسوة والبطش. أتاح القدر لإسرائيل أن تحاكم أحد جلاديها في العام 1962 محاكمة علنية و"عادلة"، فهل سيحاكم من ارتكب المجازر ابتداء من صيف 1948 إلى اليوم على جرائمه يومًا ما؟
اقرأ/ي أيضًا:
A Pigeon Sat on a Branch Reflecting on Existence.. فيلم الضجر الإنساني