ساعات قليلة وتنطلق منافسات كأس العالم "قطر 2022" بمباراة منتظرة تجمع منتخب البلد المضيف مع نظيره الإكوادوري القادم من أمريكا اللاتينية بتطلعات وآمال كبيرة، ضمن المجموعة الأولى التي تضم أيضا منتخبا هولندا والسنغال.
المواجهة تحمل طابعًا خاصًا غير الحسابات المتعلقة بالفوز والخسارة، والظفر بنقاط هي الأهم في بداية أي من المنتخبين، حيث أن "العنابي" و"التري كولور" يحضران إلى المونديال بأسماء تمت صناعتها بإشراف ومساهمة أساسية من أكاديمية التفوق الرياضي القطرية "أسباير".
تأسست "أسباير" عام 2004 بهدف اكتشاف الموهوبين في سن مبكرة، وتطوير مهاراتهم عبر منهجها القائم على الجانبين الرياضي والأكاديمي التعليمي، ونجحت في أن تُخرج جيلًا من اللاعبين الموهوبين، ليس في قطر فقط بل وفي أنحاء أخرى من العالم من بينها الإكوادور.
النواة الأساسية "للعنابي"
تخرج من "أسباير" 15 دفعة ضمت حوالي 650 رياضيًا، الغالبية العظمى منهم هم من لاعبي كرة القدم، استقبلتهم الأندية القطرية أبرزهم ليُكملوا مسيرتهم الاحترافية على مستويات عالية من المنافسة، ويُشكلوا لاحقا النواة الأساسية للمنتخب القطري.
المعلوم لأغلبية متابعي الساحرة المستديرة في وطننا العربي أن "أسباير" كان لها الفضل الكبير في تتويج قطر ببطولة آسيا للشباب عام 2014، حيث مثل لاعبوها القاعدة التي بنى عليها فيليكس سانشيز أساسات المنتخب ، والذي تابع نجاحاته بإنجاز آخر كبير في 2019 ، عندما فاز بكأس أمم آسيا بمشاركة 15 لاعبًا نشأوا وتطوروا في الأكاديمية القطرية.
ومن المنتظر أن يتواجد 19 لاعبًا من خريجي "أسباير" في التشكيلة التي تستعد لخوض نهائيات مونديال قطر 2022، في مقدمتهم عبد الكريم حسن الحائز على جائزة أفضل لاعب آسيوي عام 2018، والذي يقول عن الأكاديمية: "أسباير ليست مجرد أكاديمية لتنمية المهارات فقط، بل تهدف إلى تطوير لاعبين محترفين لقطر، وكما ترون أن نسبة كبيرة من لاعبي المنتخب هم من خريجي الأكاديمية و هذا دليل على أن أكاديمية أسباير قدمت الكثير للكرة القطرية".
وهناك أيضا أكرم عفيف الذي كرر انجاز الحسن ونال جائزة أفضل لاعب في القارة الصفراء عام 2019، وسعد الدوسري الحارس الأفضل في أمم آسيا 2019، والمعز علي هداف البطولة وأفضل لاعب فيها، إلى جانب، لاعبي خط الوسط عصام ماديبو وخالد منير ونايف الحضرمي ومحمد وعد وسالم الهاجري، وفي الدفاع طارق سلمان ومصعب خضر وهمام الأمين، وفي حراسة المرمى سعد الشيب ومشعل برشم، وآخرين..
كما يُشرف على تدريب "العنابي" المدرب الإسباني فيليكس سانشيز الذي انضم إلى "أسباير" عام 2006، وكأن أحد كوادرها قبل أن يتولى مهامه الفنية في منتخب الشباب ثم يتدرج إلى منتخب الرجال.
مشروع تكوين "التري كولور"
في عام 2015، وقعت "أسباير" اتفاقية مع نادي إنديبندينتي ديل فالي الإكوادوري لتطوير قطاع الشباب وانشاء هوية ثقافية رياضية على غرار أندية كبرى أمثال أياكس الهولندي وبورتو البرتغالي. قدمت الأكاديمية القطرية الطواقم فنية وأجهزة تدريبية ومعدات وتقنيات متطورة، وساهمت كذلك في إنشاء مدرسة على مستوى عالٍ من الكوادر التعليمية، وافتتاح عدة مراكز لنادي إنديبندينتي في أنحاء مختلفة في الإكوادور.
تعاونت "أسباير" مع أندية أوروبية تمتلكها في بلجيكا وإسبانيا لتطوير لاعبين من النادي الإكوادوري، ليصبحوا فيما بعد من أهم الركائز في منتخب "التري كولور". كان لـ "أسباير" تأثيرًا كبيرًا في مسيرة تطور نادي إنديبندينتي ديل فالي، الذي برز اسمه في 2016 بمسابقة كوبا ليبرتادوريس، عقب إقصائه العملاقين الأرجنتينين ريفر بليت و بوكا جونيورز، قبل أن يلعب النهائي، بوجود 7 لاعبين من أكاديمية النادي، أمام أتلتيكو ناسيونال الكولومبي ويخسر اللقب بعد التعادل بهدفٍ لمثله على أرضه ذهابا والهزيمة بهدفٍ وحيد في لقاء الإياب.
وبمشاركة 10 لاعبين من أبناء النادي، حقق إنديبندينتي ديل فالي أول ألقابه وتوُج بكأس كوبا سودا أمريكانا بقيادة المدرب الإسباني ميغيل راميريز الذي تم استقطابه من "أسباير" وفي موسم 2020/21، نال النادي لقب الدوري الإكوادوري للمرة الأولى في تاريخه، ثم عاد وتوّج بكأس كوبا سودا أمريكانا للمرة الثانية عام 2022.
المنتخب الإكوادوري تحت 19 سنة نال كأس كوبا أمريكا للشباب بداية العام الحالي، بتشكيلة ضمت 7 لاعبين من أكاديمية إنديبندينتي ديل فالي، ليتأهل بعدها إلى نهائيات كأس العالم ويحتل المركز الثالث.
في قائمة المنتخب الإكوادوري المشاركة في مونديال قطر 2022 يتواجد 9 لاعبين من أبناء نادي إنديبندينتي ديل فالي كان لـ "أسباير" دور كبير في صناعة تألقهم الذي فتح لهم الباب للتواجد في أكبر حدث كروي عالمي، أبرزهم، مويسيس كايسيدو متوسط ميدان برايتون الإنجليزي، وبيرو هينكابي مدافع باير ليفركوزن الألماني، وغونزالو بلاتا الجناح المهاجم في بلد الوليد الإسباني.
افتتاحية مونديال قطر
المباراة الافتتاحية لمونديال قطر 2022 تقام مساء غد الأحد على استاد "البيت"، حيث يتواجه "العنابي" مع خصمه الإكوادوري لكتابة صفحة جديدة في قصة تطور رياضي، عرفت شراكات استراتيجية ناجحة وعملًا مميزًا على المستوى الإداري، الهادف إلى تكوين وتعليم الشباب بأفضل الطرق والأساليب العصرية لمواكبة التقدم السريع في عالم كرة القدم.
كلا المنتخبين اختتم استعداداته على الملاعب التدريبية في أكاديمية "أسباير"، ويتجهز كل منهما لصافرة البداية بتشكيلتين مكتملتين، حيث من المتوقع أن يلعب فيليكس سانشيز بخطة 5-3-2 التي اعتمدها في آخر مباراة ودية خاضها أمام تشيلي، والتي انتهت بالتعادل بهدفين لمثلهما، بينما ستكون خطة المدرب الأوروغوياني غوستافو الفارو هي 4-3-3 المعتادة مع الإكوادور.
خطورة المنتخب القطري تأتي من التنوع في طرق اللعب وصناعة الفرص والاعتماد أكثر على التحركات السريعة للأطراف، في حين أن نقطة قوة الإكوادور هي في خط وسطه القادر على غلق المساحات أمام خصومه بكفاءة عالية وإمداد الخط الأمامي بالكرات التي غالبا ما تجد إينير فالنسيا المهاجم الخبير والهداف التاريخي لمنتخب بلاده.
قطر مع الإكوادور سبق لهما أن التقيا في مباراة ودية في 2018 وانتهت بانتصار الأولى بأربعة أهداف لثلاثة، ولكن منذ ذلك الوقت تطورت جوانب عديدة لدى المنتخبين ومن المتوقع مشاهدة مباراة حماسية قد تكسر قاعدة الحذر والجمود التي ترافق عادة المباريات الافتتاحية.
