أصدرت "دار مدارات للأبحاث والنشر" في القاهرة، حديثًا، كتاب "حفظ الله الاتحاد السوفييتي: المسلمون السوفييت والحرب العالمية الثانية" لمؤلفه چيف إيدن، ترجمة محمد صلاح علي.
غيّر ستالين موقفه من الدين بهدف تعبئة المواطنين المتدنيين عسكريًا وحثّهم على الالتحاق بالجيش السوفييتي الذي كان يخوض حربًا شرسة ضد النازيين
يسلط إيدن الضوء على تداعيات تحوّل موقف زعيم الاتحاد السوفييتي الأسبق جوزيف ستالين من الدين، خلال الحرب العالمية الثانية، على الحياة الدينية وأحوال المتدينين في الاتحاد السوفييتي خلال تلك الحقبة.
فبعد نحو عقدين من الاضطهاد والعنف الذي مارسته الدولة ضد الدين بأوامر مباشرة منه، وجد ستالين نفسه مضطرًا للجوء إليه بهدف تعبئة المواطنين عسكريًا، وحثّهم على الالتحاق بالجيش الأحمر السوفييتي الذي كان يخوض حربًا شرسة ضد النازيين، وهو الدور الذي قام به القساوسة والأئمة والحاخامات والزعامات الدينية بتكليف من السلطة.
أحدث تحوّل موقف ستالين المفاجئ وغير المتوقع من الدين الذي حاربه لسنوات، تبدّلًا جذريًا في الحياة الدينية السوفيتية لم يقتصر أثره على المواطنين الذين سُمح لهم بالاحتفال بالأعياد الدينية التي ظلت محظورة طوال عقدين من الزمن، بل شمل أيضًا الجنود الذين أقاموا الصلوات في ساحات المعارك، والزعامات الدينية التي توسلت مناصبها الجديدة لا لتوطيد أركان سلطتها على جماعاتها فقط، وإنما للمطالبة بالمزيد من الحريات الدينية.
لكن المؤلف يركز أكثر ما يركز على المسلمين وما طرأ من تبدّلات على نمط حياتهم الدينية في ضوء هذا التحوّل الذي عدُّه كثيرون "ثورة دينية"، سعى چيف إيدن إلى الإضاءة على موقع مسلمي الاتحاد السوفييتي فيها استنادًا إلى نصوص روسية وتترية وبشكيرية وأوزبكية وفارسية مختلفة.
أحدث تحوّل موقف ستالين المفاجئ وغير المتوقع من الدين الذي حاربه لسنوات، تبدّلًا جذريًا في الحياة الدينية السوفيتية
استند المؤلف في بنائه لكتابه إلى روايات شهود عيان، ومقابلات شخصية أجراها بنفسه، ورسائل لجنود مسلمين اطلع عليها، إلى جانب قصائد أُلقيت على الخطوط الأمامية للحرب. ناهيك عن تقارير المفوَّضين السوفييت، والعرائض والالتماسات، وخطب الزعامات السوفيتية المسلمة المرتبطة بموضوع الكتاب.
وعبر تحليله لها واستخلاص الأدلة منها، قدّم إيدن صورة شاملة تستعرض تفاصيل وخلفيات ومآلات الثورة الدينية، التي أججتها الدولة وأججها المواطنون السوفييت المتدينون على حد سواء، ودورها في بروز الدين مرة أخرى في الحياة العامة داخل الاتحاد السوفييتي، وهو ما أثار سخط وامتعاض الملحدين السوفييت.