15-نوفمبر-2024
لجنة أممية

فلسطينيون أجبرهم الاحتلال على النزوح قسرًا من شمال غزة إلى الجنوب (رويترز)

خلص تقرير أعدته لجنة خاصة بالأمم المتحدة إلى أن العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ أكثر من عام "تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية"، وهو ما دفع الولايات المتحدة التي توفر غطاءً دوليًا لحرب الإبادة الإسرائيلية إلى رفض ما جاء في مضمون التقرير "بشكل لا لبس فيه"، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية.

ويغطي تقرير اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وغيره من السكان العرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الفترة الممتدة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى تموز/يوليو الماضي. وتقوم هذه اللجنة بالتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية التي ترتكبها سلطات الاحتلال في الأراضي المحتلة.

وقالت اللجنة الخاصة إن العدوان الإسرائيلي على غزة أدى إلى "سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين"، مضيفة أن "الظروف التي تهدد حياة الفلسطينيين فُرضت عمدًا"، مؤكدة أنه "من خلال حصارها لغزة، وعرقلة المساعدات الإنسانية، إلى جانب الهجمات المستهدفة وقتل المدنيين وعمال الإغاثة.. تتسبّب إسرائيل عمدًا في الموت والتجويع والإصابات الخطيرة".

خلص تقرير اللجنة الأممية إلى أن العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال في غزة "تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية"

وتعليقًا على ما خلصت إليه اللجنة الأممية، أكدت الولايات المتحدة عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، رفضها "بشكل لا لبس فيه" لنتائج التقرير الأممي، وتابع مضيفًا: "نعتقد أن صياغات كهذه واتهامات كهذه لا أساس لها بالتأكيد".

وقالت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، لويز ووتريدج، لوكالة الإنباء الفرنسية، إن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة أجبرت ما لا يقلّ عن 100 ألف شخص على النزوح من أقصى الشمال إلى مدينة غزة والمناطق المحيطة بها. فيما تشير تقارير أممية إلى نزوح 1.9 مليون شخص من أصل 2.4 مليون نسمة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وبحسب المتحدث باسم الدفاع المدني غزة، محمود بصل، فإن "الاحتلال شرد عشرات آلاف الناس"، مضيفًا أن "أكثر من 100 ألف مواطن (غالبيتهم من اللاجئين منذ عام 1948)، ما زالوا موجودين في محافظة شمال قطاع غزة دون طعام ولا شراب ولا دواء"، مؤكدًا أن عمليات جيش الاحتلال في الشمال تسبّبت بـ"تدمير كلي لأكثر من ألفي مبنى ومنزل"، لافتًا إلى أن مناشداتهم للمنظمات والمؤسسات الدولية والإنسانية "لم تُجد نفعًا".

وكان تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" قد خلص إلى أن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تسبّبت بنزوح أكثر من 90 بالمئة من سكان غزة، فضلًا عن تدمير واسع النطاق لأجزاء كبيرة من غزة، مشيرًا إلى ان جيش الاحتلال نفذ "عمليات هدم متعمدة ومنظمة للمنازل والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك في المناطق حيث يُفترض أنها تهدف إلى إنشاء مناطق عازلة وممرات أمنية"، وهو ما يتناقض مع مزاعم المسؤولين الإسرائيليين.

وأكدت الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة الدولية، نادية هاردمان، أنه "لا يمكن لأحد أن يُنكر الجرائم الفظيعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة"، محذرة من أن "نقل المزيد من الأسلحة والمساعدات إلى إسرائيل من قبل الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما هو بمثابة تفويض مطلق بارتكاب المزيد من الفظائع، ويعرضهم بشكل متزايد لخطر التواطؤ في ارتكابها".

من جانبه، شدد المتحدث باسم قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، أحمد بن شمسي، على أن "هذا الإجراء (التهجير القسري والتدمير الممنهج) يحوّل أجزاء كبيرة من غزة إلى مناطق غير صالحة للسكن بشكل منهجي، وفي بعض الحالات بشكل دائم"، مؤكدًا أن الانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة في غزة ترقى "إلى مستوى التطهير العرقي".

لكن باتيل رد على تقرير المنظمة الحقوقية بالقول: "لم نشهد أي نوع من التهجير القسري المحدد، لكن كما سمعتم منا نقول باستمرار، فهذا شيء سنوليه اهتمامًا وثيقًا"، مضيفًا أن واشنطن ترى "من المقبول تمامًا أن يتم الطلب من المدنيين إخلاء منطقة معينة أثناء القيام بعمليات عسكرية معينة، ثم السماح لهم بالعودة إلى ديارهم".

واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"  في بيان صادر عنها أن "تصريحات الخارجية الأميركية التي تدعي أنها لم تر تهجيرًا قسريًا في غزة، وتصف تقرير اللجنة الأممية عن الإبادة بالتهم بلا دليل، هي ترجمة لسلوك أمييكي عدائي يتماشى مع الجرائم غير المسبوقة في غزة برعاية أميركية".

وأضافت الحركة في بيانها أن "سياسة الإدارة الأميركية في إنكار المحرقة والإبادة والتطهير العرقي في غزة، ودعمها لحكومة الاحتلال سياسيًا وعسكريًا، تؤكد مسؤوليتها عن جرائم الحرب المستمرة في القطاع منذ أكثر من 400 يوم".

وكان جيش الاحتلال قد فرض حصارًا مطبق على شمال غزة منذ الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث يمنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى المنطقة، ويطالب السكان المدنيين بالإخلاء القسري لمنازلهم، وذلك عبر استهدافهم بشتى أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة التي تستهدف المدنيين، بالإضافة إلى البنية التحتية للقطاع الصحي.

وارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى أكثر من 43,764 شهيد وشهيدة، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 103,490 آخرين، وذلك في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.