30-أغسطس-2024
بافل دوروف

مؤسس تطبيق "تلغرام" بافل دوروف (رويترز)

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن السبب "غير العادي" وراء غضب موسكو من اعتقال فرنسا مؤسس منصة "تلغرام"، بافل دوروف، تخوفها من تسريب أسرار عسكرية، نظرًا لاعتماد الجيش الروسي عليها في حربه مع أوكرانيا.

وأوضحت الصحيفة أن "تلغرام" أصبح أكثر من مجرد تطبيق للتواصل الاجتماعي بالنسبة لموسكو، حيث يعتمد عليه الجنود والجواسيس الروس للتواصل في ساحة المعركة، ويتم استخدامه في تنسيق التحركات وجمع المعلومات الاستخباراتية.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن المستشار في البرلمان الروسي الذي عمل سابقًا كمدير تنفيذي في مجال الصناعات العسكرية، أليكسي روغوزين، قوله إن: "الكثيرون يمزحون بشأن اعتقال بافل دوروف باعتباره اعتقال لكبير ضباط الإشارة في القوات المسلحة الروسية".

أصبح "تلغرام" أكثر من مجرد تطبيق للتواصل الاجتماعي بالنسبة لموسكو، حيث يعتمد عليه الجنود والجواسيس الروس للتواصل في ساحة المعركة

ووفقًا للصحيفة الأميركية، فإن موسكو اكتشفت سريعًا بعد غزو أوكرانيا عام 2022 أن وحدات الجيش تواجه صعوبة في التواصل، وأنه يتم اعتراض اتصالات الراديو غير المشفرة بسهولة من الأوكرانيين، مشيرةً إلى ندرة قدرات الاتصالات الحديثة، نظرًا للتوسع السريع للقوات الروسية في الأراضي الأوكرانية.

وفي الوقت نفسه، بحسب ما تقول الصحيفة، أثبتت التقنيات السوفيتية السابقة أنها غير مناسبة لهذا النوع الجديد من الحروب الذي يشمل المسيّرات والنقل الفوري للصور ومقاطع الفيديو.

ويعتمد الجيشان الروسي والأوكراني على منصات التواصل الاجتماعي، إذ بينما تعتمد كييف على تطبيقات غربية مثل "سيغنال"، فإن الجيش الروسي يعتمد على "تلغرام"، التابع لشركة مقرها الإمارات التي تحافظ على علاقات جيدة مع موسكو، حيثُ يسود اعتقاد بأن الاستخبارات الغربية يصعب عليها اختراق التطبيق.

وقال روغوزين إنه: "على الرغم من أن الأمر يبدو غريبًا، فإن نقل المعلومات الاستخبارية واستهداف المدفعية وبث موجزات الطائرات بدون طيار وأشياء أخرى كثيرة يتم إجراؤها حاليا بشكل متكرر عبر تليغرام"، وفقًا لـ"وول ستريت جورنال".

كما نقلت الصحيفة عن رئيس شركة "سيلفرادو بوليسي" للأبحاث مقرها واشنطن، ديمتري ألبيروفيتش، قوله إن "تليغرام ليس نظام اتصالات مسموحًا به رسميًا للجيش الروسي، لكن أنظمة الدردشة الخاصة والمراسلة المباشرة الخاصة به يتم استخدامها تكتيكيًا من قبل الجنود وبعض الوحدات العسكرية للتنسيق في ساحة المعركة".

ووفقًا للصحيفة ذاتها، فإن المتطوعين الروس الذين يقدمون الطائرات بدون طيار ومناظير الرؤية الليلية والمركبات وغيرها من المساعدات للوحدات العسكرية، يعملون بشكل حصري تقريبًا من خلال التطبيق، فضلًا عن تحول التطبيق إلى مصدر ربح لدعاة الحرب الروس المتعاونين مع وزارة الخارجية الروسية، ولديهم ملايين المشتركين على قنواتهم الخاصة.

وكتب مراسل التلفزيون الحكومي الروسي، أندريه ميدفيديف، عبر حسابه على "تليغرام": "إن اعتقال (بافل) دوروف، بحد ذاته، لم يكن سيحدث مثل هذا الصدى في روسيا، إلا مع ظروف واحد، فهو في الواقع المسؤول عن المراسلات في الحرب، ويعتبر (التطبيق) بديل للشبكة العسكرية السرية".

وجاء رد فعل الحكومة الروسية على اعتقال دوروف في فرنسا غاضبًا أكثر مما كان متوقعًا، نظرًا إلى ظروف رحيل رجل الأعمال من روسيا في عام 2014، بعدما رفض تزويد موسكو بمعلومات استخبارتية لمعارضين أوكرانيين للرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، المدعوم من موسكو.

وكان العديد من المشرعين الروس قد دعوا بعد ظهور خبر اعتقال دوروف في مطار باريس نهاية الأسبوع الماضي إلى مبادلته بالسجناء الغربيين في السجون الروسية، وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن وسائل إعلام محلية روسية، كشفت عن وجود تعليمات واسعة النطاق من وكالات حكومية بحذف سجلات المحادثات على تطبيق تلغرام، على الرغم من نفي المتحدث باسم الكرملين، دمتري بيسكوف، مثل هذه الأوامر.

وقال مدير الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، في مقابلة مع وكالة "تاس" الروسية مؤخرًا، إنه يتوقع ألا يشارك دوروف أي معلومات من شأنها الإضرار بالدولة الروسية مع الحكومات الفرنسية وغيرها من الحكومات الغربية، وأضاف: "أعتمد عليه بشدة في عدم السماح بحدوث ذلك"، وفقًا للصحيفة ذاتها.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول غربي كبير إن الضرر الذي قد يلحق بالمؤسسة الأمنية الروسية قد يكون كبيرًا، إذا ما قرر دوروف التعاون، وهو أمر غير مؤكد بأي حال من الأحوال، فيما قال مسؤول استخباراتي في دولة غربية أخرى، إنه: "بالنظر إلى مستوى القلق الذي تفاعلت به الحكومة الروسية مع هذا (الاعتقال)، يبدو أن لديهم مخاوف حقيقية".

وكان القضاء الفرنسي قد أفرج عن دوروف، الأربعاء الماضي، بشرط دفع كفالة بقيمة خمسة ملايين يورو، بالإضافة تسجيل حضوره لدى الشرطة مرتين في الأسبوع، وألا يغادر الأراضي الفرنسية، وقالت السلطات الفرنسية إن هناك أسبابًا تدعو إلى التحقيق رسميا مع دوروف في جميع الاتهامات التي قُبض عليه بسببها قبل أيام.