18-سبتمبر-2024
عائلة بشار الأسد

يعيش بشار الأسد وعائلته حياتهم غير مكترثين بالأحداث من حولهم (رويترز)

من المفارقات، حسب صحيفة "لوتان" السويسرية، أن رأس النظام السوري بشار الأسد لم ينبس ببنت شفةٍ حول حرب إسرائيل على غزة، ولم تصدر عنه أي ردة فعل بشأن الغارات الإسرائيلية المنتظمة على مناطق سيطرة نظامه وآخرها الهجوم الذي ضرب مدينة مصياف ونفّذت فيه إسرائيل عملية إنزال عسكري لفرقة من قوات النخبة "شلداغ".

وفسّرت "لوتان" هذا التجاهل وغض الطرف بانكباب بشار الأسد على حماية إمبراطوريته الاقتصادية القائمة على تجارة الكبتاغون، والتركيز على شؤونه الخاصة وإحكام قبضته على دائرته الداخلية، متجاهلًا بذلك العالم العربي والغربي على حد سواء، بعدما أصبح عاجزًا عن الالتزام بضمان السيادة على الأراضي السورية المستباحة من عدة قوى إقليمية ودولية.

وفي تفاصيل القراءة التحليلية للصحيفة السويسرية، فإنّ نظام الأسد رغم أنه يعتبر نفسه جزءًا رئيسيًا من "محور المقاومة"، ويدين لحلفائه إيران وحزب الله ببقائه في السلطة، إلّا أنه لم يتخذ أي إجراءات ضد غارات إسرائيل المستمرة طوال الشهور الماضية ضد المليشيات الموالية لإيران على الأراضي السورية.

واكتفى النظام السوري في المقابل بالتعبير عن "تضامنه مع الشعب الإيراني" في بيان صحفي أصدرته وزارة الشؤون الخارجية تعليقًا على قيام إسرائيل باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية في طهران في 31 تموز /يوليو وذلك رغم اجتماع إيران والقوات المتحالفة معها في التهديد بالرد على اغتيال هنية.

يسيطر بشار الأسد وزوجته وشقيقه ماهر على معظم الاقتصاد السوري القائم في معظمه على تجارة الكبتاغون

الانشغال بملف إدارة المخدّرات

يفضل بشار الأسد حسب تقرير "لوتان" أن يركز على شؤونه الاقتصادية وإدارة إمبراطورية الكبتاغون أكثر من إدارة البلاد والتعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية لمناطق سيطرته المفترضة.

فبشار الأسد، كما يلاحظ تقرير "لوتان"، لا يولي اهتمامًا لإدارة علاقاته بالدول في المنطقة. وبينما "يطأطئ رأسه" خاضعًا أمام حليفيه الرئيسيين إيران وروسيا، فإنه يهمّش علاقاته بالدول العربية، ويرفض تقديم أي تنازلات لها حول قضايا اللاجئين السوريين والمخدرات، بغض النظر عن أثر ذلك على علاقة النظام السوري بهذه الدول.

ويشير التقرير باستغرابٍ واندهاش إلى أن بشار الأسد رفض محاولات بعض الدول الأوروبية، وأبرزها إيطاليا بقيادة جورجيا ميلوني، بإعادة تأهيل نظامه، إذْ تأمل هذه الدول التعاون مع "الدكتاتور السوري" لاحتواء تدفق اللاجئين لأوروبا. وفي هذا الصدد، علّق دبلوماسي بإحدى الدول الأوروبية التي أعادت التواصل مع دمشق قائلًا: "لقد أذهلنا الغياب التام لأدنى بادرة من جانب النظام".

وأكّد تقرير "لوتان" أنّ شبكة عائلة الأسد الاقتصادية تحافظ على استمرارية حكمه حتى بعد الانهيار الاقتصادي في سوريا التي دمّرتها 12 عامًا من الحرب وفُرضت عليها عقوبات دولية، وحيث يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر.

تركيز الثروات في يد العائلة

صاحبت عملية تركيز الثروة في يد عائلة بشار الأسد الضيقة أو الخاصة (بشار وزوجته وشقيقه) عملية إبعادٍ ممنهجة لكبار رجال الأعمال السوريين أو المديرين "الشكليين" لقطاعات اقتصادية مختلفة، وتضمن ذلك، حسب لوتان، الإطاحة عام 2020 برجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، الذي كان يمتلك أكبر شركة سورية، وهي شركة الشام القابضة، حيث استولى النظام على جميع أصوله ونقلها إلى أيدي زوجة الرئيس أسماء الأخرس وحاشيتها.

ونتيجةً لذلك، بات معظم الاقتصاد السوري حاليًا تحت سيطرة بشار الأسد وزوجته وشقيقه ماهر، ولاحظت لوتان أن أسماء الأسد جيشت  في السنوات الأخيرة إخوتها وأبناء عمومتها في غزو اقتصاد البلاد، وقبل إعلان انسحابها في أيار/مايو الماضي لتلقي العلاج من سرطان الدم، كانت تجلس مع بشار الأسد ودائرة ضيقة من رجال الأعمال الموالين للعائلة في "المجلس الاقتصادي"، وهو كيان سري ومركزي في إدارة شؤون البلاد.

يذكر أنّ صحيفة "فايننشال تايمز" ذكرت في عام 2022 أنّ أسماء الأخرس: "تتمتع بمكانةٍ رفيعة في قطاعات العقارات والبنوك والاتصالات، مختبئةً خلف سلسلة من الشركات الوهمية والمناطق الحرة والحسابات المصرفية الموجودة في الملاذات الضريبية".

أما شقيقه بشار ماهر الأسد، فيرأس وحدةً نخبوية في النظام متخصصة في تهريب النفط والمخدرات، كما يساعد ماهر الأسد شقيقه بشار في إدارة إمبراطورية الكبتاغون التي تجلب المليارات للنظام السوري، مساهمةً بذلك في إبقاء سيطرته على البلاد مستمرةً كما لاحظت ذلك "إيكونومسيت"، وذلك بالتأكيد على حساب الاقتصاد السوري المنهار.