ليونيل راي من كبار الشّعراء الفرنسيّين. ولد 1935، وله عدّة دواوين يغلبُ عليها الطابع الغنائيّ المرهف، والجملة الموقّعة، والبساطة المفخّخة بغموض طريّ، بلا تعقيد أو إبهام. قدّمه الشاعر أراغون في قصائده الأولى. نال جائزة أبولينِر. له بصمة راسخة في مسار الشعر الفرنسي منذ نهاية الستينيات من القرن الفائت.من أعماله الشعرية: "دروب الشمس"، "إذا استعرَ الظّلّ"، "الاسم الضّائع"، "حجلُ الرّمل". هنا مختارات من بعض قصائده.
تتوه في أُذُن الغناء،
تبحث عن البحر بين الصفحات
نهارك صار رملًا.
هكذا تزهر الكلمات
بين الـ"بَعد" والـ"قبل".
هنا الوقت يتردد، والزرقة جامدة
كما في لوحة:
الأبدية قرية.
*
معرفة لا نهائية تسيل بين الضفاف
تنظر الى المياه المحملة بدم البشر،
أنت متحد بالنهر والسماء.
والزمن الذي كنت تظنه عَبرَ
لم يعد زمنًا.
تتذكر الحاضر
بلا اسم للأشياء كموسيقى
ذهنية وقريبة وبالكاد مقروءة.
*
بينما أكتب إليك يتهاوى
الليل، ماحيًا كل شيء،
يفترس الوجوه، الأسماء، الساعات.
ينسحب ويعود ويتكلم
بصفات بلا شفاه.
أتت سفينة رحلت من مرفأ
لم يعرفه أحد، في تبدد الوقت
والسقوط الحميم للأشياء.
*
هذا الوجه وجهك
ولا تتعرف إليه.
أنت نوع من بطاقة قديمة،
مجهولة، صورة لعبة من السابق
لعبة ضائعة.
وتكتب كمن ينام
كأنما كل حقيقة
قد ماتت، أو بلا توقيع.
*
سيأتي أيلول بأمطار أكثر سعادة،
ثماره التي نضجت أخيرًا.
لا تقلق من الموتى.
الآلهة التي لا تتكلم
ستستمر في صمتها،
لكن
ستكون المنازل والوجوه أقرب
وأقرب ايضًا الغابة والماء والفخّار
والكلمات التي هي نبات الحياة.
*
ما يتكلم في الغابة، ما يتكلم على
حافة الهاوية، وفي الساعة وفي
تهاوي الساعات، يشبهك.
ما يتكلم في أوراق الكلمات،
في حبر الغيوم، يشبهك.
ما يتكلم في الجروح وفي البنادق المضرجة بالدم
في الذرى، وفي أغصان الغابة الإنسانية
المكسورة، يشبهك.
*
كان بيتي أحيانًا ضوءًا قصيرًا،
طفرة مفاجئة لعصفور
في اللحظة الواسعة.
بُني بيتي من الكلمات
بأيدٍ مَخفيّة.
أنت الذي تمثل المركز منه،
الطاولة والنافذة،
بين النهاية والبداية،
ماذا ترى؟ مَن أنت؟
*
الآلهة بعد كلمات
ولا مدخل للزمن ولا مخرج
ولا للتاريخ باب.
لكن الضوء يجدُ فيك
أصلَه، وتلمع
في الحجار المكفنة، في رمادِ
المدنِ الميتة، في الكلمات المفقودة،
صبر الفصول.
*
النسيان كمفتاح يغلق
كاسم بلا شخص
كفجوة تنهار
في ذاتها. وهو أيضًا من زمن
يتبدد في نمو الليل.
هذا المطر الطيب
حيث لا شيء يفكر، ويرسُم على المجاري
كتابةً لا يفك رموزها.
*
ترسم دروبًا:
العالم أمامك
إنه الفجر.
تبحث عن الشفافية:
صوتك صُبحٌ من المطر.
في البرد
يضيء العصفور
صوتًا في صوتك
يغني أمام الليل.
*
منك، ماذا تبقى؟ كلمات كل
مكان وأمكنته تسقط
كبطاقات اللعبة القديمة
تنادي من عمق الحنجرة
كلمات العالم كلها.
هذه الكلمات التي لا يملكها أحد.
لموسم الحصاد الليلي الكبير
قُدّاس الذكرى الأسود.
*
الزمن لا يهرم
يقلب صفحة النهار
يحتفظ بالليل في قبضة الحجر.
الزمن بلاد جامدة
أبعد من ذاتك.
يُبعد كل نهاية، يبدّدها:
حقل من الثمار الغامضة
والأليفة.
اقرأ/ي أيضًا: