منذ أيار/مايو الماضي، ارتفع عدد حالات الإصابة بمرض جدري القرود (جدري النسناس) إلى أكثر من 16000 حالة مسجّلة في 75 دولة ومنطقة حول العالم. هذا التزايد المتواصل في الإصابات أثار القلق لدى منظمة الصحة العالمية، والتي تخشى من تفاقم الأوضاع مع استمرار انتشار الفيروس، ضمن فئة ممّن يمارسون الجنس مع رجال آخرين، وهي المجموعة التي تنتشر الغالبية العظمى من الحالات بينها.
أرقام الإصابات الإجمالية بعدوى المرض تتضاعف حاليًا كل أسبوعين تقريبًا، مع تزايد ملحوظ في الحالات المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا
ولا توجد مؤشرات حقيقية على تباطؤ انتشار المرض واحتوائه، بل إن الأرقام الإجمالية تتضاعف حاليًا كل أسبوعين تقريبًا، مع تزايد ملحوظ في الحالات المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وتسجيل إصابات جديدة في دول تتعامل مع المرض للمرّة الأولى، ومن بينها دول عربية، مثل السودان والمغرب والإمارات.
إزاء ذلك، عمدت منظمة الصحة العالمية إلى التعامل مع جدري القرود كحالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا، وتتطلب مستوى عاليًا من التأهب والتنسيق الدوليين. فبحسب الدكتور مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، فإن العالم أن يتحرّك "الآن". وأضاف: "مثل أي أي حالة طارئة في مجال العلوم والصحة العامة، فإن هناك أوقاتًا يجب فيها تضافر الجهود وتسريعها".
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الخطوة تنطوي على بعض المبالغة، ولاسيما فيما يخص الدول التي لم تسجّل أية إصابات بعد المرض، فإن بعض خبراء الصحة العامة حول العالم يرون بأنه كان ينبغي أن يأتي هذا الإعلان قبل أسابيع، في الوقت الذي كانت الحالات فيه قد بدأت تتزايد وتنتشر في عدة بلدان، حيث كان يلزم تشجيع التنسيق الدولي لاحتواء المرض وتسريع توزيع اللقاحات والعلاجات اللازمة، إضافة إلى التوعية بشكل أفضل بمخاطر هذه الجائحة المحتملة.
هل يصيب جدري القرود الأطفال والنساء؟
رغم تركّز الغالبية العظمى من الإصابات بالعدوى بين الرجال، وبالأخص البالغون المثليون أو مثليو الجنس أو متعددو الاتجاهات الجنسية، إلا أن الأطفال والنساء ليسوا بمنأى عن المرض. فجدري القردة ليس مرضًا منقولًا جنسيًا، أي أن العدوى به لا تنتقل عبر التواصل الجنسي، بل عبر التواصل الجسدي الوثيق، وهو ما يعني أن احتمال انتقاله إلى الأطفال أو النساء داخل المنزل أو غيرها من أماكن التواصل وارد، وهو ما يحذر منه العديد من خبراء الصحة.
ومع ذلك، فإن خطر الانتقال المجتمعي للمرض بين عامة السكان ما يزال منخفضًا، كما أن طبيعة المرض غير الفتّاكة تخفف من حالة الهلع بشأن هذا السيناريو. ومع ذلك، فإن هناك أشخاصًا قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات أخطر إذا أصيبوا بالفعل بالعدوى، مثل الأطفال دون سن الثامنة، والحوامل والأفراد الذين يعانون من بعض الأمراض المزمنة وأمراض الجهاز المناعي. فلدى هؤلاء الأفراد، قد تعني الإصابة بالمرض معاناة مضاعفة قد تودي بحياتهم.
انتقال العدوى بين الأم والجنين ممكن أيضًا، وفي هذه الحالة فإن الفيروس يمكن أن يؤدي إلى الإجهاض
أما بالنسبة للمرأة الحامل، فإن انتقال العدوى بين الأم والجنين ممكن أيضًا، وفي هذه الحالة فإن الفيروس يمكن أن يؤدي إلى الإجهاض، أو مضاعفات أخرى متعلقة بالحمل. وهذا هو السبب الذي يدفع خبراء الصحة العامة في الوكالات الأممية والهيئات الصحية الرسمية إلى التحذير المتواصل من التلكّؤ في مواجهة مرض جدري القرود وعدم الاستعداد الأمثل لاحتوائه.