23-أغسطس-2021

الشّاعرة الأمريكيّة ماري أوليفر

ماري أوليفر (1935-2019) شاعرة وروائية من الولايات المتحدة حصلت على جائزة بوليتزر في الشعر عام 1984، وجائزة الكتاب الوطنية عام 1992، بالإضافة الى العديد من الجوائز الأخرى، تتميز لغتها بالرقة والشفافية وتستلهم شعرها من الطبيعة. من دواوينها الشعرية: ظمأ، خيول زرقاء، منزل الضوء.


زهور

 

جميعنا نتساءل بين حين وآخر

تلك الأسئلة التي ليس لها

أجوبة مسبقة: الأمر الأول، وجود الله،

ما الذي يحدث حين تنزل الستارة

دون أن يوقفها شيء، لا التقبيل،

لا الذهاب إلى السوق، ولا دَوري السوبر بول.

 

"أيتها الزهور البريّة،" قلتُ لها ذات صباح.

"هل تمتلكين أجوبة؟ وإن كان كذلك،

هلّا أخبرتِني؟"

ضحكت الزهور ضحكة رقيقة. "سامحينا"

قالت. "لكن كما ترين، إننا

الآن منشغلات كليًا بكوننا زهور فحسب".

 

لحظات

 

هناك لحظات تصرخ كي نحياها.

كأن تُفصِح عن حبك للآخَر.

كأن تهِبَ مالك، كله.

قلبك يخفق، أليس كذلك؟

لم تعد مقيدًا، أليس صحيحًا؟

ليس ثمةَ ما يُحزنُ أكثر من الحذر

حين عدم التردد قد ينقذُ حياةً،

حتى أنها قد تكون حياتك.

 

باستثناء جسد من تحب

 

 باستثناء جسد من تحب

بكل ملامحه

ما بان منها وما احتجب،

أعتقد بأن للأشجار

أجمل الأشكال

على الأرض.

لكن، ما لا يمكن إنكاره،

إن كان ثمة منافسة،

ستأتي الأشجار

على بُعدٍ قَصي

في المرتبة الثانية.

 

صوت من حيث لا أعرف

 

يبدو أنك تحبين هذا العالم كثيرًا.

"نعم،" قلت. "هذا العالم الجميل".

وليس يزعجك عقلك الذي يشغلك

طوال الوقت بتساؤلاته المشرقة منها والكئيبة؟

"لا، اعتدته تمامًا. منشغل، لا يهدأ أبدًا"

ولست تمانعين العيش بصحبة تلك الأسئلة،

أقصدُ تلك الصعبة منها، التي ليس بإمكان أحد الإجابة عليها؟

"في الواقع، إنها أكثر ما يثير الاهتمام"

وثمة في حياتك ذاك الذي تحبين أن تمسكي يده؟

"بلى، لدي"

وحتمًا يمتلئ قلبك سعادةً لحظتها.

"بلى،" قلت. "هو كذلك".

 

كنت أقلق

 

كثيرًا ما كنت أقلق. هل ستنمو الحديقة، هل سيجري

النهر بالاتجاه الصحيح، هل ستدور الأرض كما عُلِّمَت،

وإن لم تفعل كيف سأصلح الأمر؟

هل كنتُ على حق، أم أني أخطأت، هل سأحظى بالغفران،

هل بإمكاني أن أفعل الأفضل؟

هل سأتمكن يومًا من الغناء، حتى عصافير الدوري يمكنها ذلك

 وأنا، حسنًا، لا أملَ لي.

هل يضعُف بصري أم أني أتخيل فحسب،

هل سأصاب بالروماتيزم، بالكزاز، بالخرَف؟

في النهاية فهمت بأن لا فائدة من القلق.

فتوقفت عنه.

وخرجت بجسدي العجوز إلى الصباح

وغنَّيت.

 

النوم في الغابة

 

تخيلتُ بأن الأرض تذكرتني

برقّة بالغة استردتني

وهي ترتب أثوابها الداكنة

كانت جيوبها مليئة بالأشنات والبذور.

نمتُ كما لم أفعل من قبل،

حجر في قاع نهر،

لا شيء بيني وبين بريق النجوم

إلا أفكاري التي كانت تطفو خفيفة

كفراشات بين أغصان الأشجار الجميلة.

طوال الليل وأنا أُصغي للعوالم الصغيرة

تتنفسُ حولي، الحشرات، والطيور

التي تتنشط في الظلمة.

طوال الليل وأنا أعلو وأهبط،

كما لو في الماء،

أتجاذب وقدَر مضيء.

في الصباح كنتُ قد تلاشيت

مرارًا إلى شيء أفضل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

شاعرات أمريكيات, شعر مترجم, نصوص

تتميز لغتها بالرقة والشفافية وتستلهم شعرها من الطبيعة. من دواوينها الشعرية: ظمأ، خيول زرقاء، منزل الضوءماري اوليفر: للأشجار أجمل الأشكال على الأرض

ترجمة بشرى ابراهيم

ماري أوليفر (1935-2019) شاعرة وروائية من الولايات المتحدة حصلت على جائزة بوليتزر في الشعر عام 1984، وجائزة الكتاب الوطنية عام 1992، بالإضافة الى العديد من الجوائز الأخرى، تتميز لغتها بالرقة والشفافية وتستلهم شعرها من الطبيعة. من دواوينها الشعرية: ظمأ، خيول زرقاء، منزل الضوء.

 

زهور

 

جميعنا نتساءل بين حين وآخر

تلك الأسئلة التي ليس لها

أجوبة مسبقة: الأمر الأول، وجود الله،

ما الذي يحدث حين تنزل الستارة

دون أن يوقفها شيء، لا التقبيل،

لا الذهاب إلى السوق، ولا دَوري السوبر بول.

 

"أيتها الزهور البريّة،" قلتُ لها ذات صباح.

"هل تمتلكين أجوبة؟ وإن كان كذلك،

هلّا أخبرتِني؟"

ضحكت الزهور ضحكة رقيقة. "سامحينا"

قالت. "لكن كما ترين، إننا

الآن منشغلات كليًا بكوننا زهور فحسب".

 

لحظات

 

هناك لحظات تصرخ كي نحياها.

كأن تُفصِح عن حبك للآخَر.

كأن تهِبَ مالك، كله.

قلبك يخفق، أليس كذلك؟

لم تعد مقيدًا، أليس صحيحًا؟

ليس ثمةَ ما يُحزنُ أكثر من الحذر

حين عدم التردد قد ينقذُ حياةً،

حتى أنها قد تكون حياتك.

 

باستثناء جسد من تحب

 

 باستثناء جسد من تحب

بكل ملامحه

ما بان منها وما احتجب،

أعتقد بأن للأشجار

أجمل الأشكال

على الأرض.

لكن، ما لا يمكن إنكاره،

إن كان ثمة منافسة،

ستأتي الأشجار

على بُعدٍ قَصي

في المرتبة الثانية.

 

صوت من حيث لا أعرف

 

يبدو أنك تحبين هذا العالم كثيرًا.

"نعم،" قلت. "هذا العالم الجميل".

وليس يزعجك عقلك الذي يشغلك

طوال الوقت بتساؤلاته المشرقة منها والكئيبة؟

"لا، اعتدته تمامًا. منشغل، لا يهدأ أبدًا"

ولست تمانعين العيش بصحبة تلك الأسئلة،

أقصدُ تلك الصعبة منها، التي ليس بإمكان أحد الإجابة عليها؟

"في الواقع، إنها أكثر ما يثير الاهتمام"

وثمة في حياتك ذاك الذي تحبين أن تمسكي يده؟

"بلى، لدي"

وحتمًا يمتلئ قلبك سعادةً لحظتها.

"بلى،" قلت. "هو كذلك".

 

كنت أقلق

 

كثيرًا ما كنت أقلق. هل ستنمو الحديقة، هل سيجري

النهر بالاتجاه الصحيح، هل ستدور الأرض كما عُلِّمَت،

وإن لم تفعل كيف سأصلح الأمر؟

هل كنتُ على حق، أم أني أخطأت، هل سأحظى بالغفران،

هل بإمكاني أن أفعل الأفضل؟

هل سأتمكن يومًا من الغناء، حتى عصافير الدوري يمكنها ذلك

 وأنا، حسنًا، لا أملَ لي.

هل يضعُف بصري أم أني أتخيل فحسب،

هل سأصاب بالروماتيزم، بالكزاز، بالخرَف؟

في النهاية فهمت بأن لا فائدة من القلق.

فتوقفت عنه.

وخرجت بجسدي العجوز إلى الصباح

وغنَّيت.

 

النوم في الغابة

 

تخيلتُ بأن الأرض تذكرتني

برقّة بالغة استردتني

وهي ترتب أثوابها الداكنة

كانت جيوبها مليئة بالأشنات والبذور.

نمتُ كما لم أفعل من قبل،

حجر في قاع نهر،

لا شيء بيني وبين بريق النجوم

إلا أفكاري التي كانت تطفو خفيفة

كفراشات بين أغصان الأشجار الجميلة.

طوال الليل وأنا أُصغي للعوالم الصغيرة

تتنفسُ حولي، الحشرات، والطيور

التي تتنشط في الظلمة.

طوال الليل وأنا أعلو وأهبط،

كما لو في الماء،

أتجاذب وقدَر مضيء.

في الصباح كنتُ قد تلاشيت

مرارًا إلى شيء أفضل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ماري أوليفر: الذي حوّل نفسهُ إلى ثلج

آلدا ميريني: قتلت كل عشاقي لأنهم يريدون رؤيتي أبكي