06-سبتمبر-2024
ميشال بارنييه

ماكرون طلب من بارنييه تشكيل حكومة جامعةٍ (فرانس برس)

عيّن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الوزير والمفاوض السابق في ملف بريكست، ميشال بارنييه، رئيسًا للوزراء، وذلك بعد سلسلة مباحثات أجراها ماكرون في قصر الإليزيه، باءت الجولة الأولى منها مع المعارضة بالفشل بعد رفضه مرشحة المعارضة لوسي كاستيتس للمنصب، غير أن ماكرون أصرّ على استئناف المباحثات لكن من دون مشاركة الائتلاف اليساري أو الجبهة الشعبية الجديدة التي حققت أكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، بالإضافة لاستبعاد التجمع الوطني اليميني المتطرف، ورئيس حزب الجمهوريين إريك سيوتي.

ويعكس اختيار ماكرون لبارنييه لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد شهرين على الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، تمسكًا من ماكرون بمبدأ تجانس الجهاز التنفيذي للحكم وعدم استعداده تقاسم السلطة مع معارضته، فبارنييه يحسب على اليمين عمومًا، وإن كان يحظى بنوعٍ من الاحترام في الأوساط السياسية الفرنسية المختلفة نظرًا لتجربته الكبيرة، فالرجل السبعيني تقلّب في مسؤولياتٍ كثيرة ونجح في إدارة العديد من الملفات التي تولّاها. كما يعدّ أكبر رئيس حكومة (73 عامًا) في تاريخ فرنسا الحديث.

حكومة جامعة

تضمّن بيان تكليف بارنييه توجيهًا له بتشكيل"حكومة جامعة في خدمة البلاد"، وفق عبارة بيان الرئاسة الفرنسية. ويشير مفهوم الحكومة الجامعة إلى الحكومة الائتلافية التي تتكون من أكثر من حزب أو تحالف سياسي واحد، وستكون مهمة جمْع الطيف السياسي الفرنسي صعبةً في ظل تجاوز ماكرون للتحالف الفائز في الانتخابات (الجبهة الشعبية الجديدة)، وإن كان ماكرون يصرّ على ترديد عبارة "لا أحد فاز في الانتخابات". ما يعني ضرورة القيام بالتحالفات الصعبة، لكنّ التحالفات التي يريد ماكرون القيام بها تضع الفيتو على بعض الأحزاب، لا سيما تلك التي يصفها معسكره بالمتطرفة والفوضوية، في إشارةٍ إلى حزب فرنسا الأبية بزعامة ميلانشون.

في المقابل، يبدي ماكرون انفتاحًا على مشاركة بعض مكونات الجبهة الشعبية الجديدة في الحكومة، لا سيما من يسار الوسط (الجمهوريين والحزبين الاشتراكي والشيوعي والخضر)، بالإضافة طبعًا ليمين الوسط الذي يزعم ماكرون تمثيلَه.

يخاطر ماكرون بالاستقرار الوزاري والمؤسسي باختياره ميشال بارنييه

ويشار في هذا الصدد إلى استقبال ماكرون في الأيام القليلة الماضية الرئيسين السابقين فرانسوا هولاند (اليسار) ونيكولا ساركوزي (اليمين)، بالإضافة إلى الوزيرين السابقين، اليميني كزافيه برتران والاشتراكي برنار كازنوف، في إشارةٍ منه إلى نوع التوافقات التي يبحث عنها. خاصةً أن تلك اللقاءات جاءت بعد لقائه زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان).

يبدو ماكرون واثقًا من حصول الحكومة الجديدة ـ التي لم تعرف بعد الأطراف المشاركة فيها ـ على الأغلبية البرلمانية، لأنه بنى رفضه لمرشحة المعارضة كاستيتس على ضرورة الحفاظ على ما أسماه "الاستقرار المؤسسي لفرنسا" من جهة، وعلى معارضة أغلبيةٍ تزيد على 350 نائبًا لها وهو ما من شأنه أن يمنعها فعليًا من التحرك" حسب بيان ماكرون.

تعتبر المعارضة اليسارية، خاصةً حزب فرنسا الأبية، أنّ ما قام به ماكرون يعدّ "انقلابًا مناهضًا للديمقراطية" يتم تنفيذه، حسب المنسق الوطني لحزب "فرنسا الأبية" مانويل بومبارد، على أساس حجةٍ لا معنى لها.

اختار ماكرون رئيس وزراء أقل توافقًا، والهدف جلب أصوات الوسط من الطرف الآخر، لكنه يُخاطر بهذا الاختيار بحالة الاستقرار الوزاري. مع العلم أنّ أمام بارنييه مهمة أخرى لا تقل مشقةً تتمثل في "محاولة دفع الإصلاحات وميزانية 2025 من خلال برلمانٍ معلق، في الوقت الذي تتعرض فيه فرنسا لضغوط من المفوضية الأوروبية وأسواق السندات لخفض العجز".

توجهات بارنييه السياسية

تصف وكالة فرانس برس ميشال بارنييه بالسياسي المعتدل المؤيد بقوة لأوروبا، والذي أظهر تشددًا كبيرًا في خطابه السياسي خلال محاولة فاشلة في 2021 للحصول على بطاقة ترشيح من حزبه المحافظ للانتخابات الرئاسية، إذ قال إن الهجرة خارجة عن السيطرة في وجهة نظر يشاركها حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.

وتُعَدّ سيرة بارنييه حافلةً بالمسؤوليات فقد كان كبير المفاوضين في بريكست مع بريطانيا، طيلة الفترة من 2016 إلى 2019. وقبل ذلك سجّل في مسيرته تقلده لعدة مناصب وزارية بدءً من وزارة الدولة للشؤون الأوروبية من 1995 إلى 1997، مرورًا بوزارة البيئة وأسلوب الحياة من 1993 إلى 1995، وصولًا لتولي حقيبة وزارة الخارجية 2004 إلى 2005، ومنصب وزير الزراعة والثروة السمكية من 2007 إلى 2009.

وعلى المستوى الأوروبي، شغل منصب المفوض الأوروبي للسياسة الإقليمية من 1999 إلى 2004، والمفوض الأوروبي للسوق والخدمات الداخلية من 2010 إلى 2014، ومنصب نائب رئيس حزب الشعب الأوروبي (EPP) من عام 2010 إلى عام 2015، وفي العام 2016، عينته المفوضية الأوروبية رئيسًا لمفاوضي انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بموجب المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي.