12-سبتمبر-2024
خريطة جديدة

(NYTIMES) جندي من خفر السواحل الفلبيني يقوم بمهام المراقبة في بحر الصين الجنوبي

صدم زورق صيني أكبر سفينة دورية تابعة لخفر السواحل الفلبيني في الـ31 من آب/أغسطس الماضي، ما أدى إلى إحداث ثقب في جانبها، وكانت هذه أحدث محاولة من جانب الصين لإجبار السفينة "تيريزا ماغبانوا" على مغادرة جزر سابينا، حيث كانت متمركزة منذ نيسان/أبريل الماضي، وفقًا لتقرير مجلة "ذا إيكونوميست" الأسبوعية.

وبحسب تقرير المجلة، فإنه على الرغم من عدم إصابة أحد بأذى، لكن الحادث يشكل جزءًا من نمط جديد ناشئ من التصعيد والمواجهة في بحر الصين الجنوبي، خاصة حول جزر "سبراتلي".

وكان كبير الدبلوماسيين الصينيين، وانغ يي، قد حذر مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، من أن الصين لن تقبل وجودًا فلبينيًا في جزر سابينا، خلال اجتماعهما بالقرب من بكين في الـ27 من آب/أغسطس الماضي.

بدأت عملية إعادة رسم خريطة بحر الصين الجنوبي الكبرى عندما تولى الرئيس، شي جين بينغ، السلطة في عام 2012

وتشير الأدلة، وفقًا لـ"ذا إيكونوميست"، إلى ظهور مقاومة لطموحات الصين من جانب بعض دول جنوب شرق آسيا، لكن من غير الواضح، ما إذا كانت الصين والولايات المتحدة قادرتين على احتواء هذه المنافسة التي تسبب التوتر والقلق في المنطقة.

وبدأت عملية إعادة رسم خريطة بحر الصين الجنوبي الكبرى عندما تولى الرئيس، شي جين بينغ، السلطة في عام 2012، حيث أنه في السنوات الثلاث التالية، بنت الصين سبع قواعد جديدة في جزر "سبراتلي"، ثلاث منها تضم ​​مطارات كبيرة، على صخور وشعاب مرجانية متنازع عليها بين الفلبين وفيتنام وماليزيا وتايوان.

وتقول المجلة، إن هذه القواعد تستضيف الآن وجودًا دائمًا كبيرًا للقوات الصينية والسفن والطائرات، فضلًا عن قدرات استخباراتية متقدمة. وفي السابق، كانت أكثر الإنشاءات تعقيدًا التي تبنيها أي دولة تتألف من مطارات قصيرة على بعض الجزر أو مواقع على ركائز فوق الشعاب المرجانية.

وبحسب "ذا إيكونوميست"، فإن الصين تشدد على مطالبتها الغامضة بذلك الجزء من بحر الصين الجنوبي، أي كل بحر الصين الجنوبي تقريبًا، والذي يقع ضمن "خطها ذي التسع نقاط"، وفي بعض الأحيان تتحرك الخطوط على الخرائط الرسمية، وفي أحيان أخرى تضاف "شرطة عُشرية" بجوار تايوان، مما أدى إلى نشوء وضع غير مستقر خلال السنوات الماضية في المنطقة.

وعادة ما تكون هناك سفينة أو أكثر من سفن خفر السواحل الصينية متمركزة عند الصخور والشعاب المرجانية المتنازع عليها في جميع أنحاء بحر الصين الجنوبي، وحتى وقت قريب كان نطاق اختصاص هذه السفن محدودًا عادة.

ولم يتأثر الجزء الأكبر من نشاط الشحن التجاري في بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك تدفقات الحاويات على بعض أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم، فيما كانت القوات العسكرية ووكالات إنفاذ القانون في الصين منشغلة نظريًا بهدف أصغر، وهو منع استكشاف الطاقة وصيد الأسماك ضمن المنطقة، وفقًا للمجلة ذاتها.

لكن، حتى في ذلك الوقت كان تطبيق هذه القواعد ضعيفًا، حيث لم يتم تطبيق الحظر الذي فرضته الصين على صيد الأسماك في بحر الصين الجنوبي كل صيف (الهدف منه رسميًا المساعدة في تجديد المخزونات) بشكل جدي.

كما حافظت البحرية الأميركية على ممارسة الإبحار عبر الجزر في عمليات "حرية الملاحة"، متحدية بذلك مطالبات الصين بالمنطقة، بعد تجديد مثل هذه العمليات في عام 2015. ومع ذلك، فقد انخفض عدد مثل هذه الإبحارات، وأصدرت الصين اعتراضات روتينية عليها في الغالب.

وفي الوقت نفسه، حثت الفلبين وفيتنام أحيانًا رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) على إصدار بيانات جديدة تعبر عن القلق، كانت دون جدوى، لكن  بالنسبة لمركز المنافسة بين القوى العظمى، كان بحر الصين الجنوبي هادئًا بشكل مفاجئ في كثير من الأحيان.

ووفقًا لـ"ذا إيكونوميست"، بالمقارنة مع ذلك، فإن التطورات خلال الفترة الحالية تهدد بالتحول إلى عاصفة قوية، حيث بدأت الفلبين وفيتنام وماليزيا في صد الصين بقوة أكبر، ولاستيعاب هذه الديناميكية، من المهم أن نأخذ في الاعتبار مستويات التوتر النسبي في جميع أنحاء المنطقة.

وتبرز جزر "باراسيل"، كواحدة من أكثر الجزر هدوءًا في بحر الصين الجنوبي، وقد استولت الصين على كامل الجزر بعد معركة مع فيتنام في عام 1974، وتملك الصين مطارًا يستضيف طائرات مقاتلة على أكبر الجزر الـ130 لـ"باراسيل".

وتشير "ذا إيكونوميست"، إلى أن جزيرة "سكاربورو" هي الجزيرة الأكثر توترًا في المنطقة، وهي عبارة عن جزيرة واحدة معزولة، اكتسبت أهميتها الاستراتيجية في بحر الصين الجنوبي بسبب قربها من مانيلا، عاصمة الفلبين.

وحتى ما قبل عام 2012، كانت السفن الفلبينية تجوب مصائد الأسماك الغنية في البحيرة، وكانت البحرية الفلبينية تطرد السفن الصينية التي تحاول أن تفعل الشيء نفسه، لكن في ذلك العام، أجبرت سفن خفر السواحل الصينية السفن الفلبينية على الخروج، ومنذ ذلك الحين، سيطرت الصين على الجزيرة.

وهناك أيضًا، وفقًا لـ"ذا إيكونوميست"، قضية جزر "سبراتلي"، حيث قامت الصين بإنشاء قواعد كبيرة من عام 2013 إلى عام 2016 على أراضٍ استصلحتها هناك، ونتيجة لهذا، أصبحت الجزر الآن مصدرًا للتهديد في المنطقة، وفي المقابل، بدأت فيتنام منذ عام 2022 بتجريف واستصلاح الأراضي التي تحتلها، ويبدو أنها تبني مطارًا كبيرًا أيضًا.

وتقول "ذا إيكونوميست"، إن ماليزيا تسعى إلى توطيد علاقتها مع الصين، وذلك من خلال السماح للسفن الصينية بعبور مياهها الإقليمية، فضلًا عن غضها النظر عن عبور السفن المحملة بالنفط الإيراني المتجهة إلى الصين، رغم العقوبات الغربية المفروضة على قطاع النفط الإيراني، ومع ذلك، تعتمد ماليزيا على عائدات الطاقة، ونتيجة لذلك استأنفت استكشاف النفط والغاز قبالة سواحل "بورنيو"، بالقرب من جزر "سبراتلي"، في تحد لاعتراض الصين على ذلك.

وتختم "ذا إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن الأشهر القليلة الماضية قدمت لنا رؤيتين مختلفتين لبحر الصين الجنوبي؛ الرؤية الأولى، تستند إلى حادثة السفينة "سييرا مادري"، والتي تشير إلى أن بحر الصين الجنوبي منطقة متنازع عليها، حيث تكون جميع الأطراف قادرة على تهدئة التوترات، وتطوير تفاهمات مشتركة حول نقاط التوتر.

أما الرؤية الثانية، فهي حادثة اصطدام خفر السواحل الصيني بالسفينة "تيريزا ماجبانوا"، والتي تمثل مجموعة متغيرة باستمرار من المواجهات الصغيرة التي تسعى فيها الصين إلى فرض سيطرتها على بحر الصين الجنوبي، ودفع دول جنوب شرق آسيا للرد.

وبحسب "ذا إيكونوميست"، فإنه بناء على الحادثين السابقين، يمكن الاستنتاج أن الصين سوف تراقب مثل الصقر ما يحدث بعد ذلك، وهو ما ينطبق أيضًا على حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في آسيا، وخارجها.