ركزت إسرائيل، خلال عدوانها الشامل على لبنان، على شن غارات بشكل كثيف على الضاحية الجنوبية لبيروت، مما ألحق دمارًا واسعًا في البنايات والشوارع، وهو ما دفع سكانها إلى النزوح هربًا من عمليات القصف المتكررة، ما جعلها تبدوا وكأنها مدينة أشباح.
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا تناولت فيه الأوضاع في الضاحية الجنوبية بعد الغارات الإسرائيلية، وأشارت إلى أن السكان هربوا والشوارع أصبحت فارغة والمباني متفحمة ومدمرة.
والأمر يبدوا جليًا ابتداءً من حواجز الجيش اللبناني المنتشرة على مداخلها التي أصبحت خالية من العناصر، مرورًا بالسيارات القليلة التي تمر بشوارعها، إلى غياب حركة السكان الذين يبدوا أنهم غادوا على عجالة من أمرهم.
هرب السكان من الضاحية الجنوبية بعد الغارات الإسرائيلية، وباتت الشوارع فارغة والمباني متفحمة ومدمرة
وتدعي إسرائيل أنها تقصف بشكل متكرر أهدافًا عسكرية لحزب الله داخل المباني، فيما ينفي الحزب ذلك، ويقول إن المباني المستهدفة مدنية. وقد استشهد المئات وأصيب الآلاف من سكان الضاحية ونزح وتهجر عدد كبير منهم.
وتؤكد الأرقام أن نحو نصف مليون نزحوا من الضاحية الجنوبية لبيروت منذ الأسبوع الماضي للعدوان، هربًا من القصف الإسرائيلي. وتقول السلطات اللبنانية إن أكثر من مليون شخص نزحوا في كامل لبنان بسبب القصف خلال الأسبوعين الماضيين.
"إسرائيل تضرب السكان المدنيين لأنها تعتقد بذلك ستكسر إرادتهم. لكن الناس لا يريدون أن تنتصر إسرائيل، لذلك يؤكدون أن إرادتهم لن تنكسر"، هكذا تحدث الأستاذ في الجامعة اللبنانية والمقيم في الضاحية، علي أحمد، الذي رافق صحفيين أجانب في الجولة التي نظمها حزب الله في الضاحية.
وعلى الرغم من عدم وجود ضمان لسلامتهم، حيث كانت الطائرات بدون طيار الإسرائيلية تحلق فوق رؤوسهم، إلا أن العدد من سكان الضاحية استغلوا وجود الصحفيين الدوليين للذهاب إلى منازلهم ومعاينة الأضرار التي لحقت بها.
تقول إحدى المقيمات في الضاحية، وهي مساعدة طبيب أسنان نزحت إلى شرق بيروت بسبب الضربات الإسرائيلية، إنها تأمل في إلقاء نظرة على المبنى الذي يضم شقتها لمعرفة ما إذا كان لا يزال قائمًا.
وفي الأيام القليلة الماضية، نشر الجيش الإسرائيلي خرائط للضاحية، حدد ما قال إنها منشآت تابعة لحزب الله، وأمر السكان الذين يقيمون في دائرة نصف قطرها 500 متر بالإخلاء. جرت المرة الأولى ليلة الجمعة الماضية، هرب الكثير من السكان وهم في حالة من الذعر. في ليل الثلاثاء الماضي، نُشرت خرائط أخرى لمناطق ليتم إخلائها. ولكن لم يبقى أحد تقريبًا في تلك المناطق.
"لا يمنحونك أكثر من 10 أو 15 دقيقة قبل أن يبدأوا في قصف المنطقة"، هذا ما قاله، حسين زين، وهو أحد سكان الضاحية، البالغ من العمر 52 عامًا، وكان قد نزح قبل أسبوع." القصف هنا عشوائي، أخبر الصحفيين مشيرًا إلى المكان المستهدف، وتساءل: هل حقًا هذا مستودع أسلحة لحزب الله؟ وطلب من الصحفيين إحضار خبراء للمعاينة، وقال "لا يوجد شي هنا".
ومنذ بدء عدوانها الشامل على لبنان، تصدر إسرائيل أوامر بإخلاء أماكن ومباني في عدة مناطق تدعي أن حزب الله ينشط فيها، ثم تمهل السكان دقائق للرحيل قبل أن تقصف المكان.
وتسببت أوامر الإخلاء الإسرائيلية في المزيد من عمليات النزوح. وفي ساحة الشهداء في وسط بيروت، تتزايد أعداد الأسر التي تنام في العراء. ويتجمع بعضها حول مسجد الأمين بالقرب من الساحة.
ويوما الثلاثاء والأربعاء أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر إخلاء لأكثر من 30 قرية في جنوب لبنان، طالبًا منهم التوجه إلى شمال مدينة صيدا.