وثق مركز حقوقي عراقي وجود 32 مراكزًا جرى فيها تغييب قسري، مجددًا مناشدته للسلطات الحكومية والقضائية العراقية، وقف التعامل مع ملف العراقيين المغيبين قسريًا ضمن الحسابات الطائفية والسياسية.
وأصدر مرصد "أفاد"، بيانًا، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الإخفاء القسري، الذي يوافق 30 أب/ أغسطس من كل عام، طالب فيه بالنظر إلى الملف كملف إنساني وأخلاقي كفلته كل الأديان والمعتقدات والقوانين الدولية والمحلية.
وذكر المرصد، أنه "للعام الثامن على التوالي، تتواصل محنة عشرات آلاف الأسر العراقية، من العرب السنة الذين فقدوا ذويهم بحملات خطف وتغييب نفذتها فصائل مسلحة مدعومة من الدولة العراقية، لأسباب طائفية".
وكشف المركز الحقوقي إلى أنه عمل، خلال الأشهر الأخيرة الماضية، مع صحفيين متعاونين وناشطين على تحديد "32 بقعة خطف رئيسة بالعراق، نفذتها مليشيات وجماعات مسلحة عراقية شيعية، بدوافع طائفية بحق العراقيين من الطائفة السنية، تجاوز عدد ضحايا تلك العمليات عتبة الـ 30 ألف مغيب قسريًا".
كشف المركز الحقوقي إلى أنه عمل، خلال الأشهر الأخيرة الماضية، مع صحفيين متعاونين وناشطين على تحديد 32 بقعة خطف رئيسة بالعراق
وجاءت محافظتي نينوى والأنبار في المرتبة الأولى، تلتها محافظات صلاح الدين وديالى وبابل وضواحي العاصمة العراقية بغداد، حيث كانت عمليات الخطف تتم أغلبها "بشكل علني وعلى مقربة من القوات النظامية العراقية"، وتم تصوير جزء من عمليات الخطف وبثها على منصات التواصل الاجتماعي، بين عامي 2014 و2017.
وتركزت أبرز بقع الخطف في مناطق شمال بابل (جرف الصخر) وجنوب بغداد (اللطيفية والمحمودية) وشمال غرب بغداد (التاجي)، وفي مناطق الصقلاوية والرزازة وبزيـــــــــبز، والسجر، وإبراهيم بن علي، والمكسّر، والكيلو 160 والرطبة، والصوفية والسجارية، وكلها تقع ضمن محافظة الأنبار. كما سجلت بقع خطف جماعية في بوابة تكريت، وخط اللاين، والضلوعية ويثرب وبلد، وذراع دجلة والثرثار، وجزيرة سامراء، في محافظة صلاح الدين، وفي ديالى بمناطق الخالص والمقدادية والوقف خان بني سعد. تم أغلبها من خلال نقاط تفتيش نصبتها تلك الفصائل المسلحة واقتادت الرجال إلى مكان ما زال مجهولًا حتى الآن.
ووفقًا للمرصد سُجلت عمليات تغييب قسري أقل عددًا من المناطق الأخرى المجاورة داخل محافظة كركوك، تورط فيها الجناح المسلح للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده حاليًا بافل الطالباني. مؤكدًا أنه تحت يد القضاء العراقي العشرات من دقائق التسجيل المرئي، والصور التي تثبت وجوه الخاطفين والضحايا المغيبين. إلا أن "المؤسسة القضائية تواصل المماطلة في التحقيق، أو استدعائهم لمعرفة مكان إخفاء الضحايا أو المقابر التي تم دفنهم في حال تم تصفيتهم فعلًا".
وعبر المركز الحقوقي، عن استغرابه من "مواصلة حكومة محمد شياع السوداني، الطريق الذي سلكه أسلافه، في حكومة حيدر العبادي، وعادل عبد المهدي، ومصطفى الكاظمي، بعدم السماح بأي تحقيق في هذا الإطار أو حتى تشكيل لجنة للتحري عن الضحايا ومعرفة مصيرهم".
ولفت المرصد إلى وجود "شبهات تزوير وفساد ضخمة من قبل الحكومة العراقية الحالية والسابقة"، حوّلت الكثير من مواقع عثر فيها على مقابر جماعية، إلى كونها مسارح جريمة لتنظيم "داعش"، للتخلص من المسؤولية السياسية والأمنية، إذ أن المعلومات تؤكد أن "تلك المواقع كانت تحت سيطرة فصائل مسلحة ونفذت فيها عمليات قتل جماعية، أبرزها في صلاح الدين والأنبار"، وفق ما جاء في البيان.
واعتبر المركز الحقوقي "القضاء العراقي مقصرًا في التعامل مع الملف، والسبب طائفي ولحسابات تتعلق بالجهات المتورطة بتلك المجازر، حيث أن غالبيتها مشارك بالعملية السياسية اليوم".
بالإضافة لذلك، لفت المركز إلى أن أكثر من 20 ناشطًا وصحافيًا ومدونًا عراقيًا في مدن جنوب ووسط العراق وبغداد مغيبين منذ عدة سنوات بدون "تحرك حكومي حقيقي عادل".
واستذكر المرصد، كلا من الناشر والصحافي مازن لطيف، وصحافي التحقيقات الاستقصائية توفيق التميمي، وكلا من الناشطين، عبد المسيح روميو سركيس، وحيدر البابلي، وعلي ساجت، والمحامي علي جاسب، وسجاد العراقي، إلى جانب آخرين في البصرة وميسان وبابل، دون نسيان آخرين سبقوهم اختطفوا مثل جلال الشحماني وفرج البدري.
لفت المركز إلى أن أكثر من 20 ناشطًا وصحافيًا ومدونًا عراقيًا في مدن جنوب ووسط العراق وبغداد مغيبين منذ عدة سنوات بدون تحرك حكومي
وحمل المركز الحقوقي، المسؤولية "القانونية والأخلاقية "لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي، فائق زيدان، ورئيس الادعاء العام القاضي، نجم عبد الله أحمد، في استمرار المماطلة بملف الكشف عن الضحايا المغيبين قسريًا بمحافظات شمال وغربي العراق.
وطالب المرصد حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، الالتزام بتعهدات برنامجه الحكومي، بالكشف عن مصير المغيبين قسرًا والمخطوفين.