14-أكتوبر-2024
كواد كابتر

فلسطينيون يتفقدون مبنى تابع لـ"الأونروا" في مخيم جباليا في مايو الماضي (رويترز)

كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حربه إبادته الجماعية المتواصلة على قطاع غزة، استخدام الطائرات المسيّرة "كواد كابتر"، التي حولها من أداة للتصوير والمراقبة لسلاح فتاك ومباغت يشارك في إعدام الفلسطينيين ميدانيًا باستهدافهم المباشر بالرصاص الحي والقنابل المتفجرة، وفقًا لتقرير أعدته "وكالة الأناضول" التركية.

ووظف جيش الاحتلال هذه المسيّرات التي باتت تحلق في أجواء قطاع غزة بشكل واضح، كجنود آلية تنفذ الأوامر عن بعد، ويتم استخدامها في ملاحقة الفلسطينيين وإصدار أوامر لهم، وإطلاق النار عليهم بأسلوب القنص والإعدام الميداني.

وفي مخيم جباليا شمال قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة وتطهير عرقي منذ السادس من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، شاركت هذه المسيّرات في العمليات العسكرية، بالإضافة إلى إحكام الحصار المطبق على مداخله بإطلاق النار الحي على كل من يحاول الخروج والدخول للمنطقة.

شاركت مسيّرة "كواد كوبتر" في العمليات العسكرية، بالإضافة إلى إحكام الحصار المطبق على مداخل مخيم جباليا بإطلاق النار على كل من يحاول الخروج والدخول

ورغم أن جيش الاحتلال يزعم استهداف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خلال هجومه الأخير في المخيم، إلا أن طائرات "كواد كابتر" التي يتحكم بها عن بعد، أطلقت نيرانها صوب نساء وأطفال حاولوا النجاة بأنفسهم من جحيم غاراته الجوية والبرية.

وفي صباح السادس من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أعلن جيش الاحتلال بدء عملية عسكرية برية في جباليا بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة (قبل يوم) على المناطق الشرقية والغربية شمالي القطاع منها جباليا، كانت الأعنف منذ أيار/مايو الماضي.

كما استخدم جيش الاحتلال هذه الطائرات في مناطق أخرى من القطاع، كشرق خانيونس ومخيمات اللاجئين في المحافظة الوسطى، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات، ويثير تحليق هذه الطائرات في أجواء القطاع فزع وخوف الفلسطينيين إذ إن لها قدرة على مباغتة الهدف الذي توجه نيرانها صوبه، فضلًا عن سهولة تسللها للأماكن المغلقة كالمنازل والخيام.

ما هي "كواد كابتر"؟

"كواد كابتر" هي طائرات مسيّرة صغيرة الحجم يتم تسييرها إلكترونيًا عن بُعد، ويستخدمها جيش الاحتلال في تنفيذ عمليات استخبارية وعسكرية متعددة.

بالنسبة للجانب الاستخباري، فإن لهذه المسيّرات خصائص تكتيكة مختلفة هي تقوم بعمليات متعددة كالرصد والمتابعة وتعقب الأهداف الثابتة والمتحركة، إذ إنها تزود بكاميرات عالية الجودة.

وفيما يتعلق بالجانب العسكري، تم تزويد هذه الطائرة ببرمجيات وآليات تمكنها من إطلاق النار والقنبال صوب الأهداف ما جعلها سلاحًا فتاكًا يستخدمه الجيش في إبادة الفلسطينيين.

توسيع استخدام "كواد كابتر"

في حزيران/يونيو الماضي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن "الجيش الإسرائيلي يوسع استخدام طائرات كواد كابتر في قتل الفلسطينيين".

وأوضح في تقرير له آنذاك أنه وثق "حالات قتل متزايدة يرتكبها الجيش الإسرائيلي عبر إطلاق نار مباشر وإلقاء قنابل متفجرة من طائرات مسيّرة صغيرة الحجم (كواد كابتر)، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة".

إلى جانب ذلك، رصد التقرير استخدام هذه الطائرة المسيرة إلكترونيًا عن بعد لأغراض متعددة كـ"المراقبة والتجسس، وتوجيه أوامر التهجير، وترهيب المدنيين عبر إصدار أصوات مزعجة، والأخطر استخدامها كأداة قتل وإيقاع أذى في صفوف الفلسطينيين".

وأوضح المرصد أن "الجيش (الاحتلال) نفذ من خلال هذه الطائرات عمليات قتل عمد وإعدام خارج إطار القانون والقضاء بحق الفلسطينيين المدنيين، من خلال قنص وإطلاق نار من طائرات مسيّرة يستخدمها في الدخول للأزقة وداخل المنازل".

ووثق المرصد في تقريره إعدام جيش الاحتلال للسيدة، سلاح عودة (52 عامًا) بعد استهدافها بإطلاق نار مباشر من طائرات "كواد كابتر" بتاريخ 21 أيار/مايو الماضي، رغم أنها كانت ترفع الراية البيضاء وهي تحاول النزوح من مخيم جباليا، حيث جرى إعدامها أمام أفراد عائلتها.

كما رصد استشهاد المسن، فتحي ياسين (70 عامًا) في العاشر من الشهر ذاته، جراء إطلاق نار من طائرات "كواد كابتر" في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة.

استهداف النازحين

خلال الهجوم الأخير على جباليا، قال فلسطينيون إن "كواد كابتر" شاركت في محاصرة أطراف المخيم بالنيران مانعة خروج ونزوح الفلسطينيين، وأضافوا لـ"الأناضول" أن "عملية إطلاق النيران من كواد كابتر، التي يتحكم بها عناصر بالجيش، استهدفت أطفال ونساء وكبار في السن"، كما أفادت طواقم الإسعاف والدفاع المدني.

ووثقت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على مدار أشهر الحرب إصابة أطفال ومقتل بعضهم برصاص أطلقته مسيرات "كواد كابتر"، كما يستخدم جيش الاحتلال هذا السلاح ضد طواقم الإسعاف والدفاع المدني لمنعهم من انتشال جثامين القتلى وإنقاذ المصابين، كما قالوا في بيانات سابقة.

إلى جانب ذلك، افاد مصدر أمني فلسطيني، رفض الكشف عن اسمه لـ"لأناضول"، أنه تم رصد عدة حالات، استهدفت فيها مسيرات "كواد كابتر" النازحين الذين كانوا يغادرون شمال القطاع متجهين إلى مدينة غزة وليس إلى الطريق التي حددها الجيش وهي الجنوب عبر ما ادعى أنه "ممر آمن".

عنصر رعب للفلسطينيين

تحليق طائرات "كواد كابتر" في أجواء قطاع غزة وعلى ارتفاعات منخفضة يثير ذعر وخوف المواطنين الذين قد يتحولوا في غضون لحظة لهدف لجيش الاحتلال.

ويقول الصحفي، محمد أبو دون، من شمال غزة، في حديثه لـ"الأناضول"، إن "الكواد كابتر باتت تمثل عنصر رعب للفلسطينيين خاصة في الشمال"، وتابع مضيفًا "بمجرد رؤية هذا النوع من المسيّرات يحلق قريبًا في الجو، يتهرب كافة المتواجدين في المكان ويفضلون الاختباء".

وتشهد المناطق التي تحلق في أجوائها "كواد كابتر" حالة من الشلل حيث تتوقف الحركة في الشوارع أو الاقتراب من نوافذ المنازل خشية الاستهداف، وفقًا لأبو دان، موضحًا أن "شابًا في منطقة الجلاء شمال مدينة غزة قتل، قبل يومين، خلال وقوفه قرب نافذة منزل برصاصة أطلقته طائرة كواد كابتر صوبه".

وذكر أبو دان أن هذه الطائرات المسيّرة عن بعد تستهدف أيضًا "النساء والأطفال والكبار في السن"، حيث تم تسجيل حالات استهداف وفق ما تداوله جهاز الدفاع المدني والإسعاف في بياناته.

بدوره، قال الشاب، مراد سليم، وهو نازح من مدينة غزة إلى منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس جنوب غزة، إن مسيرات "كواد كابتر" تحلق على ارتفاعات منخفضة فوق خيام النازحين في المنطقة، وأضاف: "بمجرد وصول هذه الطائرات نصاب بحالة من الذعر لا سيما في ظل عدم وجود أماكن ممكن أن تقي من الرصاص الذي من المحتمل أن تطلقه".

يجدر الذكر أنه سبق وأن استخدم جيش الاحتلال طائرات "كواد كابتر" في إطلاق النيران صوب النازحين داخل خيامهم، خلال عمليات عسكرية نفذوها في مناطق النزوح، ما أسفر عن استشهاد وإصابة فلسطينيين.