في الرابع من آب/ أغسطس الجاري، أحيا اللبنانيون الذكرى السنوية الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، الذي يُعتبر أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ. وعلى مدار هذه السنوات الثلاث، أُقيمت العديد من المعارض التشكيلية والفوتوغرافية الفردية والجماعية التي حاولت توثيق تداعيات هذه الكارثة سواء لناحية الدمار الذي خلّفته، أو الصدمات والاضطرابات النفسية التي تسببت بها.
وبالتزامن مع الذكرى الثالثة للانفجار، افتتحت "دار المصوّر" في بيروت مساء الخميس الفائت، الثالث من آب/ أغسطس، معرض "تجاهل" للمصور الفوتوغرافي اللبناني ماتيو كرم، الذي يستمر حتى الحادي عشر من الجاري.
يوثق ماتيو كرم في صوره الـ19 تداعيات وآثار انفجار مرفأ بيروت في أحياء مار مخايل والجميزة وسرسق القريبة من المرفأ
يضم المعرض 19 صورة فوتوغرافية بالأبيض والأسود يوثق ماتيو كرم من خلالها تداعيات وآثار انفجار المرفأ في أحياء مار مخايل والجميزة وسرسق، القريبة من المرفأ، خلال آب وأيلول وتشرين الأول 2020.
تنقسم الصور المعروضة إلى قسمين، يتكون الأول من 13 صورة توثق تداعيات الفاجعة إما بعد وقوعها مباشرةً، أو خلال الأشهر القليلة التي تلتها، حيث نرى أحياء شبه مدمرة، ومبانٍ مهدمة، وواجهات محلات محطمة، وشوارع فارغة، ومشاهد أخرى تجمع بين الدمار والفراغ الذي يُشير إلى غياب الحياة عن الأحياء السابقة.
وقد اختار كرم من الأبيض والأسود ألوانًا لصوره هذه للتعبير عن هول الفاجعة التي عاشتها بيروت، والسكون الثقيل الذي خيّم على المدينة بعد الانفجار الذي غيّر ملامحها، بالإضافة للإشارة إلى غياب الحياة، بمختلف مظاهرها، عن هذه الأحياء التي تُعتبر من أكثر أحياء بيروت صخبًا وحيوية.
أما القسم الثاني، فيضم 6 صور التُقطت خلال العام الحالي في الأماكن نفسها التي التُقطت فيها الصور السابقة، بعد إزالة مخلّفات الكارثة وعودة الحياة إلى طبيعتها في الأحياء المذكورة. ولهذه الصور عدة غايات لعل أبرزها المقارنة بين ما نراه فيها، وما نراه في الصور السابقة من جهة، وإظهار رغبة المدينة وأهلها بالحياة من جهةٍ أخرى. أو هذا على الأقل ما تقوله سرعة عودة الحياة، وإن بصورة تدريجية، إلى الأحياء المدمرة.
ولكن ماتيو كرم يطرح من خلال هذه الصور العديد من التساؤلات التي تتمحور حول فكرة أن بعض اللبنانيين يحاولون تجاوز الكارثة بطريقة مشوهة ودون تحقيق العدالة، الأمر الذي يمكن اعتباره "تجاهل" أكثر منه "تجاوز"، ومن هنا تحديدًا جاء عنوان المعرض.