يستضيف "غاليري مرفأ" في بيروت، حتى الرابع عشر من أيلول/ سبتمبر المقبل، معرضًا فنيًا للفنانة التشكيلية الكويتية تمارا السامرائي (1977) بعنوان "الوعد الذي قطعته"، وهو السادس في مسيرتها الفنية الممتدة على أكثر من 20 عامًا.
تُعيد الفنانة الكويتية المقيمة في لبنان في لوحات معرضها هذا، النظر في المساحات المألوفة وغير المألوفة، ومنها مساحة الرسم نفسها. والمساحات من المواضيع التي تشكّل أساس تجربة السامرائي التي صوّرت في معظم لوحات معارضها السابقة، مساحات/ أمكنة مختلفة لا تتجاوز، البيت، كالمداخل وغرف النوم والصالات والشرفات وأي مكان آخر يمكن أن يرتبط بذكرى يمكن استعادتها.
تتضمن اللوحات المعروضة الكثير من التفاصيل الذي تُحيل إلى مواضيع تدور مدار العزلة والألم والتعافي
ما يعني أن ما ترسمه يأتي من الذاكرة بالدرجة لأولى، ولعل هذا ما يفسّر أن المشاهد التي ترسمها إما لا تكون كاملة، أو تكون ضبابية بطريقة توحي بأن المشهد أقرب إلى لمحة في ذاكرتها، أو أنه بقايا مشهد سارعت التشكيلية الكويتية إلى رسمه قبل أن يتلاشى. وهكذا يكون الانطباع السابق، بأن السامرائي ترسم ما تتذكره وليس ما تراه، أكثر الانطباعات قدرةً على التعبير عن تجربتها.
لا تبتعد لوحات معرضها الحالي الذي افتُتح في الرابع من تموز/ يوليو الفائت عن مواضيع لوحاتها السابقة، فالذاكرة حاضرة تُشير إليها تفاصيل كثيرة وإن كانت المشاهد هذه المرة أكثر وضوحًا وحدة، وكذلك ثيمة الغياب التي يمكن اعتبارها أساس منجزها الفني. لكن ذلك لا يعني أن المعرض لا يحمل جديدًا، والجديد هنا أن السامرائي تُعيد عبر لوحاتها النظر في علاقتها بلوحاتها نفسها والرسم عمومًا، والعلاقة بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي، وكذلك العلاقة بين خوض التجربة وإعادة إنتاجها.
تتضمن اللوحات المعروضة الكثير من التفاصيل التي تُحيل إلى مواضيع تدور مدار العزلة والألم والتعافي، ويشكّل التصوير الفوتوغرافي أساسها على اعتبار أنه ما يُتيح للفنانة الكويتية العودة إلى الأماكن التي تركتها أو أُجبرت على التخلي عنها لرسمها، ما يجعل من الرسم هنا عملية إعادة إنتاج لما تتضمنه تلك الصور، تمامًا كما كانت سابقًا عملية إعادة إنتاج لما تحتفظ به الذاكرة. وفي كل الأحوال، يبقى الثابت في جميع ما ترسمه هو غياب ما يُحيل إلى وجود التواصل الإنساني في المكان المرسوم.