12-سبتمبر-2024
أطفال غزة

(GETTY) امرأة فلسطينية تعلم ابنتها على أنقاض منزلهما في غزة

يبدأ العام الدراسي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط في أيلول/سبتمبر الجاري، لكن التلاميذ في قطاع غزة يجدون أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس أو تعليم، وذلك بعد مرور نحو عام تقريبًا من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، مما دفع بالمعلمين لإيجاد حلول بديلة.

وبحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإنه مع بدء العام الدراسي الجديد بشكل رسمي، يحاول بعض المعلمين إيجاد السبل لإنشاء مراكز تعليمية جديدة في قطاع غزة، سواء في الخيام، أو حول الأبنية المدمرة، أو في المساحات المفتوحة الصغيرة المحيطة بالملاجئ.

وقد أدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عامًا، وفقًا للأمم المتحدة، حيثُ أغلقت المدارس أبوابها، وتحول معظمها إلى مراكز إيواء لما يقرب مليون فلسطيني نزحوا نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ 11 شهرًا.

أدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ

ووفقًا للصحيفة الأميركية، فإنه بعد أن وجدت، وفاء علي، صعوبة في تأمين مكان آمن لتدريس الأطفال، قررت المعلمة التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل العدوان، فتح فصلين دراسيين في منزلها، شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلّم اللغتين العربية والإنكليزية، بالإضافة إلى مادة الرياضيات، وقالت علي لـ"وول ستريت جورنال": "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلًا من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبًا".

من جانبها، أوضحت، آلاء جنينة، التي تعيش حاليًا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر أربع سنوات، وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة، حيثُ يتعلم الأطفال موادًا متأخرة عن سنهم بصف واحد، وأشارت إلى أنها زارت مؤخرًا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب، ووفقًا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق "الأونروا"، ومعظمها مدارس.

وأفاد مسؤولون فلسطينيون، بأن جيش الاحتلال قصف مدرسة "الجاعوني" التابعة لـ"الأونروا"، والتي تحولت لمركز إيواء للنازحين، أمس الأربعاء، مما أسفر عن استشهاد 18 شخصًا، وبحسب "الأونروا"، فإن ستة من موظفيها استشهدوا في القصف الذي استهدف المدرسة للمرة الخامسة في أقل من عام.

وقالت "الأونروا"، إنها أطلقت برنامج "العودة إلى التعلّم"، الذي سيعيد حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

من جانبه، قال المفوض العام لـ"الأونروا"، فيليب لازاريني، أمس الأربعاء، على منصات التواصل الاجتماعي، إن: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت"، وأضاف: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

وقبل العدوان الإسرائيلي على غزة، أنهى حوالي 88 بالمئة من الطلاب تعليمهم الأساسي، بالإضافة إلى إنهاء نحو 63 بالمئة من الطلاب تعليمهم الثانوي، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة الصادرة في عام 2022، حيث تقدر نسبة الأمية في القطاع بـ2 بالمئة، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالدول المجاورة في المنطقة.

وقال الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، إن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده"، مضيفًا أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

وأوضح في حديثه لـ"وول ستريت جورنال"، أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وبحسب الصحيفة الأميركية، سيتطلب إعادة بناء البنية التحتية التعليمية التي دُمرت سنوات عديدة، لكن من المرجح أن يتبع الفلسطينيون في غزة استراتيجية متدرجة في العودة إلى التعليم، كما يتضح من البرامج التي أعلنت عنها "الأونروا" مؤخرًا.

كما أنه يوجد ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة "إنقاذ الطفولة" الأميركية، ليزلي أركامبولت، إن "قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت"، مضيفة أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".