اعتبر مقرر أممي أن "إسرائيل" تعاقب الفلسطينيين جماعيًا من خلال تجويعهم، مؤكدًا أن الجوع يعصف بحياة جميع أهالي قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، إن مستوى الجوع الذي يشهده قطاع غزة غير مسبوق، ويشكّل إبادة جماعية.
وأشار إلى أن تكدّس مئات الآلاف من الفلسطينيين في رفح، بفعل ضغط جيش الاحتلال عليهم، أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية في القطاع الذي يعاني الجميع فيه من الجوع.
مجاعة شاملة ووشيكة
وضمن سياق حديثه عن الوضع الإنساني في القطاع، الذي أكد أنه لا يمكن وصف مدى صعوبته، حذّر فخري من مجاعة شاملة ووشيكة قائلًا: "كنا نقول من قبل إن المجاعة على الأبواب، الآن لا أستغرب إذا قلنا إن المجاعة ستكون شاملة بحلول نهاية هذا الشهر (فبراير/ شباط)".
وطالما أن المساعدات التي تصل إليهم غير كافية لإبقائهم على قيد الحياة، وفق قوله، فإنه: "لا أحد يعلم إلى متى يمكن لسكان غزة الصمود على هذا الوضع".
مايكل فخري: مستوى الجوع الحالي في غزة لم نشهده سابقًا، حيث لم نر من قبل شعبًا بأكمله يعاني من الجوع
ولفت إلى أن مشكلة الجوع ليست مؤقتة تنتهي بنهاية الحرب، ذلك أنه يمثّل: "موتًا بطيئًا ومؤلمًا، ويتواصل تأثيره لأشهر وسنوات بل وعقود قادمة".
وأكمل: "حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار اليوم، فإن الجوع سيؤثر سلبًا على مستقبل أكثر من مليون طفل يعيشون في غزة، 335 ألف طفل دون سن الخامسة من بين هؤلاء معرضون لخطر الإصابات الجسدية الدائمة (على المدى الطويل)، بما يشمل ضعف الإدراك".
وما يضاعف من المأساة القائمة في غزة هو منع "إسرائيل" وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بمشاركة مدنيين إسرائيليين (من اليمين الإسرائيلي المتطرف)، يعرقلون دخول المساعدات من معبري نيتسانا وكرم أبو سالم.
وأكد المقرر الأممي أن: "مستوى الجوع الحالي في غزة لم نشهده سابقًا، حيث لم نر من قبل شعبًا بأكمله يعاني من الجوع".
وبالإضافة إلى منع "إسرائيل" وصول المساعدات الإنسانية، فإنها تمارس أيضًا: "سياسات تهدف إلى تدمير النظام الغذائي للقطاع، مما يُعيق قدرة الفلسطينيين على إطعام أنفسهم"، الأمر الذي يضاعف من معاناتهم.
واعتبر فخري أن حرمان المدنيين الفلسطينيين من الغذاء ليس إلا جزءًا من سياسة إسرائيلية متعمدة لاستهداف الفلسطينيين في القطاع المحاصر والمنكوب.
معاقبة الفلسطينيين بحجة الدفاع عن النفس
ورأى أن ما يسعى إليه الإسرائيليون من حربهم على قطاع غزة هو التطهير العرقي، إذ إن تصريحاتهم، سواء كجهات رسمية أو أفراد، تُشير: "إلى أن نيتهم هي التطهير العرقي، حيث يعتزمون طرد جميع المدنيين من غزة ومعاقبتهم بشكل جماعي".
وانطلاقًا من ذلك، شدّد المقرر الأممي على أن: "هذه الحرب لا تتعلق بالدفاع عن النفس أو هجمات حماس في 7 أكتوبر"، ذلك أن هدف "إسرائيل" منها هو: "معاقبة جميع الفلسطينيين لمجرد كونهم فلسطينيين".
واعتبر أن هذه الممارسات: "تُشكل إبادة جماعية وفق القانون الدولي، وحقوق الإنسان، والمنظور الأخلاقي، حيث تُشير نوايا إسرائيل وأفعالها إلى ذلك بشكل واضح تمامًا"، مؤكدًا أن "إسرائيل" تستخدم الجوع كسلاح ضد المدنيين.
وبينما أشار إلى أن الأمم المتحدة لا تستطيع فعل أي شيء في هذه المرحلة، قال أيضًا إن المجتمع الدولي فشل: "في ممارسة ضغط حقيقي على حلفاء إسرائيل لوقف هذه الإبادة الجماعية وتمهيد الطريق للسلام".
وأضاف أن فرض العقوبات على "إسرائيل" من خلال الأمم المتحدة والنظام متعدد الأطراف أمر شديد الأهمية، وكذلك: "الحد من توريد الأسلحة التي تستخدمها في انتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية".
وفي نهاية حديثه، دعا مايكل فخري الدول التي تدعم "إسرائيل" إلى: "مراجعة مواقفها والضغط عليها بشكل جدي لمنع الإبادة الجماعية والجوع".