في وقت سابق من هذا الشهر، أثارت النائبة البريطانية من أصول فلسطينية عن الحزب الديمقراطي الليبرالي، ليلى موران، قضية الجراح الفلسطيني محمد في البرلمان البريطاني، ودعت وزيرة التنمية، آنيليز دودز، إلى أن تؤكد على الحكومة الإسرائيلية بعدم المساس بوالدي محمد المقيمين في مخيم جباليا وغيرهما من المرضى والمسنين أو استهداف من يوفر الرعاية لهم.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان"، فإن محمد، الذي يعمل في الخدمة الصحية البريطانية منذ 20 عامًا، عالج النائبة موران بعد إدخالها المستشفى بسبب إصابتها بتسمم الدم في نيسان/أبريل الماضي. واعتقد الأطباء أن المضادات الحيوية كافية لمعالجة الالتهاب، لكن سرعان ما اتضح أنها بحاجة إلى عملية جراحية. وأثناء تعافيها، أخبرها أحد الجراحين أنه أزال الزائدة الدودية، وأخبرها بأن اسمه محمد، فقالت له: "انتظر، من أين أنت؟".
يعبر محمد عن مخاوفه، قائلًا: "هذه المرة، هم مصممون على قتل أو تهجير أي شخص يبقى هناك. وهو أمر مرعب حقًا، لأن والدي لا يستطيعان الذهاب إلى أي مكان
بقيت النائبة عن منطقة "أكسفورد ويست وآبنجدون" في المستشفى أسبوعًا إضافيًا. وهناك تعرفت أكثر على الجراح محمد، الذي نشأ في مخيم جباليا للاجئين في غزة. تقول موران: "خططنا للقاء على غداء وعمل طعام لبعضنا البعض، وهو ما يفعله الفلسطينيون عندما يلتقون"، لكن خططهما لم تنجح، فقد وجدا قاسمًا مشتركًا في المأساة الحاصلة في غزة، حيث يعيش والدا محمد الكبيران في السن وأخته التي ترعاهما في مخيم جباليا، الذي يتعرض منذ أسابيع لهجوم إسرائيلي مكثف وحصار.
Mohammad is a consultant NHS surgeon. His elderly parents are in Jabalia refugee camp, unable to evacuate.
Everything there is being shot by drones and there are bodies strewn in the streets.
The sick, the elderly, and those caring for them are not legitimate targets of war. pic.twitter.com/D1JzCkz3vD
— Layla Moran 🔶🕊️ (@LaylaMoran) October 16, 2024
في الشارع الذي تقيم فيه عائلة محمد، تحوم الطائرات المسيّرة ويطلق النار على من يفتح النوافذ، بينما تُركت الجثث تتعفن في الشوارع وأمام البيوت. تعاني والدة محمد من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، أما والده فقد أجرى عملية استئصال القولون وأصبح ضعيفًا ولا يمكن إجلاؤه.
وقد عانت عائلة موران من وضع مماثل عندما حُوصر أقاربها في مجمع الكنيسة بمدينة غزة لمدة 60 يومًا. ولم يكونوا قادرين على الخروج لأن بعض أفراد العائلة كانوا كبارًا في السن. توفي القريب الأكبر سنًا لأنه لم يستطع الوصول إلى المستشفى.
قتلت القوات الإسرائيلية امرأتين لجأتا إلى الكنيسة عندما حاولتا الخروج. وردًا على ذلك، أدان البابا فرانسيس عمليات القتل، وقال إن "الأشخاص الذين يعانون من الأمراض أو ذوي الإعاقة كانوا من بين من يأوون في الكنيسة".
تمكنت عائلة موران من الخروج من غزة بعد رحلة صعبة. تقول موران في تصريحات لـ"الغارديان": "ما تمر به عائلة محمد هو جحيم على الأرض. على الأقل تمتعت عائلتي بحماية الكنيسة، وعندما تعرضت للقصف الإسرائيلي، تدخل البابا. في جباليا، ليس لديهم نفس الصوت الذي كان لعائلتي".
يخشى محمد ألا يتمكن والداه من النجاة. ففي نهاية الأسبوع الماضي، استشهدت عمته وابنة عمه في غارة إسرائيلية على جباليا. وأخته هي آخر شخص بقي في شارعهم. وقبل أسبوعين، دُمر المنزل المجاور لهم بالكامل. حذر محمد أخته من أن المرة القادمة قد يقصفون المنزل، فردت: "إلى أين نذهب؟ كل مكان غير آمن".
🎥 نزوح قسريّ في ظل حصار الاحتلال وتدميره لآبار المياه شمال قطاع #غزة. pic.twitter.com/SWYY0QXNqd
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 29, 2024
في شمال غزة، تعمل خطوط الهاتف بشكل متقطع، وعندما يتصل محمد بعائلته للاطمئنان والتأكد من أنهم على قيد الحياة، يقول: "في كل دقيقة من اليوم، تسمع إطلاق النار وتسمع القصف عبر الهاتف. إنه أمر لا يمكن وصفه، إنه رعب. أنت تنتظر الموت فقط". حاول الجنود دخول الحي الذي تقيم فيه عائلته، لكنهم فشلوا في السابق، ومع ذلك استطاعوا في الأسابيع الماضية تحقيق اختراق، مما جعل والديه محصورين في البيت.
يعبر محمد عن خوفه، قائلًا: "هذه المرة، هم مصممون على قتل أو تهجير أي شخص يبقى هناك. وهو أمر مرعب حقًا، لأن والدي لا يستطيعان الذهاب إلى أي مكان. وقالت أختي إن المكان الأكثر أمانًا هو منزلهم"، مشيرًا إلى الحصار وعدم توفر الأدوية أثر بشكل كبير على صحة والديه.
يقول الجراح الفلسطيني: "كبار السن والضعفاء لا يبقون على قيد الحياة في هذه الظروف. لقد دمروا المستشفيات وباتت الأدوية نادرة جدًا. في مرحلة ما لم يكن هناك دواء لأمي على الإطلاق، وخسرت 30 كغ منذ بداية الحرب"، ويتابع مضيفًا: "لا يوجد طعام، وكل ما لديهم هو الخبز ومعلبات حصلوا عليها على شكل مساعدات".
وتختم الصحيفة البريطانية تقريرها بالإشارة إلى أن محمد وجه رسالة إلى الحكومة البريطانية جاء فيها: "لقد قضيت 20 عامًا من حياتي في الخدمة الصحية العامة لإنقاذ أرواح الناس في بريطانيا، وأنا ممتن لذلك. لكن لا تستخدموا أموالي التي أدفعها للضرائب لدعم أي شكل من الأشكال حكومة الإبادة الجماعية التي تقتل شعبي".