أثار هاشتاج نشره الكاتب الصحفي الموريتاني حنفي ولد دهاه، طالب فيه بعلمنة الدولة الموريتانية، الكثير من الجدل واللغط على صفحات التواصل الاجتماعية الموريتانية وفي الشارع الموريتاني بين منتقد للكلام ومطالب بمحاسبة الرجل، ورافض للمساس بهوية موريتانيا، الدولة الإسلامية التي يقوم دستورها على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأول للتشريع. وبين مرحب مطالب باستلهام تجارب غربية وعربية نجحت فيها العلمانية في تحقيق مفهوم الدولة ومتطلبات الشعوب.
وكتب الصحفي حنفي ولد دهاه تحت هاشتاج #نريد_موريتانيا_دولة_علمانية، العلمانية هي أن تحترم دين الآخر ورأيه ومعتقده. ويبدو أن كلمات الرجل لم تأت من فراغ، فقد عرفت موريتانيا في الآونة الأخيرة موجة من الإلحاد والتكفير، وليس آخرها القضية الأبرز في موريتانيا -إن لم تكن في العالم العربي- قضية المدون المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والذي حكم عليه بالإعدام، ولد مخيطير.
موريتانيا تُعد من بين الدول العربية التي حدث في تاريخها أكثر الانقلابات العسكرية، وذلك بـ9 انقلابات في تاريخها الحديث
كما شهدت موريتانيا ظهور جماعات دينية تحت مسمى أنصار الحبيب، وهي جبهة النصرة المطالبة بإعدام المدون ولد مخيطير، والتي تمتهن التشدد، وقد كان آخر تصريح لزعيمها يحظيه ولد داهي ناريا، والذي كفر فيه كل من يتعاطف مع المدون المسيء محمد ولد مخيطير، فإن كانت الحكومة الموريتانية لا تدري فتلك مصيبة، وإن كانت تدري فالمصيبة أعظم.
أما بالنسبة للهاشتاج فما غاب عن الصحفي الموريتاني حنفي ولد دهاه، أو تعمد تجاهله، هو أنه لا توجد في موريتانيا ديانة أو معتقد غير الإسلام، فلا يوجد لدينا طوائف أخرى، فنسبة مائة في المائة من الشعب الموريتاني مسلمة.
اقرأ/ي أيضًا: شباب موريتانيا.. الذهب لقهر البطالة
كما أننا منذ الاستقلال سنة 1960، ونحن نعيش صراعًا بين الدولة، واللادولة، والأخير هي الغالبة بالفعل. فموريتانيا تُعد من بين الدول العربية التي حدث في تاريخها أكثر الانقلابات العسكرية، وذلك بـ9 انقلابات في تاريخها الحديث.
فلم يشهد نظامها السياسي استقرارًا منذ أطاح العسكر سنة 1978 بأول رئيس مدني بعد الاستقلال، المختار ولد داداه. والذي كانت الدولة في عهده أقرب للدولة الإسلامية والمدنية، ثم جاء محمد خونه ولد هيدالة، بانقلاب عسكري، وحاول تطبيق الشريعة الإسلامية، فكانت الدولة في عهده أقرب للدولة الدينية، نظرًا لتحكم شيوخ الدين في مصير الدولة.
موريتانيا من أكثر الدول بطالة بنسبة بلغت 30%، أما عن التعليم فهو يعيش أسوأ فتراته، حيث تُعد الأمية سيدة الموقف بنسبة 48%
وبعد ولد هيدالة، جاء الرئيس الأبرز معاوية ولد سيد أحمد الطايع، والذي حكم البلاد بطريقة مدنية هي أقرب لليبرالية المستبدة، رغم أن الدستور كان يشير إلى أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأول للتشريع. واكتفى الموريتانيون فقط بالنص، ثم جاء الانقلاب على ولد الطايع سنة 2005، وتلاه انقلاب 2008، الذي مازلنا نعيش تداعياته إلى يومنا هذا، ولم يفصل بعد في هوية الدولة الموريتانية التي تبدو في ظاهرها دولة إسلامية عسكرية.
وفي الأخير صراع الهوية لا يجب أن يكون الشغل الشاغل في موريتانيا قبل أن يكون صراع من أجل دولة الحق والعدل، والتي تساوي بين الناس وتمنح للمواطنين حقوقهم غير منقوصة، وتقضي على الفقر الذي ينهك الشعب الموريتاني، وعلى البطالة التي هجّرت آلاف الشباب من موريتانيا.
والجميع يعلم أن موريتانيا من بين أكثر الدول بطالة في العالم بنسبة بلغت 30%، أما عن التعليم فهو يعيش أسوأ فتراته، حيث تُعد الأمية سيدة الموقف بنسبة 48% حسب آخر تقرير لمنظمة اليونسكو الدولية.
الصراع في موريتانيا هو صراع بين الدولة واللادولة، وليس صراعًا أيديولوجيًا أو فكريًا، فلا يهتم الشعب الموريتاني طوال تاريخه بتلك الصراعات، وإن كانت موجوة فهي قليلة جدًا.
اقرأ/ي أيضًا:
الحمى النزيفية تؤجل الدراسة في موريتانيا
موريتانيا.. مبادرة لدعم مكتبات المعاهد والمدارس