في ليلة الأحد الماضي، حمل ليونيل ميسي كأس العالم، وعلى كتفيه البشت الأسود الموشّح بالذهب، في لحظة خالدة في تاريخ البطولة، التي ستنتظر على الأغلب طويلًا حتّى تحظى دولة عربيّة أخرى بفرصة استضافتها. أثار البشت موجة عريضة من التفاعل على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وأثارت معها المزيد من الاصفرار الصحفي والتحفظات العنصرية لدى قطاع واسع في الصحافة الغربية التي أساءها الختم العربيّ على ختام البطولة العالميّة.
أثبتت الأرقام والإحصاءات أن منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وتيك توك ويوتيوب وإنستغرام كانت ضمن التشكيلة الأساسية لأدوات إشهار هذه البطولة
إلا أن اللحظات التي سبقت حفل الختام ستظل أكثر سحرًا في تاريخ البطولة، على المستوى الكرويّ. ففي الشوط الأول من المباراة، نجح مفعول السحر الأرجنتيني، وبدت كتيبة ديشامب معطّلة تمامًا، بعد هدفين في شباك فريقه، وانعدام كامل للفاعلية على مستوى الهجوم وخط الوسط. بدت المباراة ميّتة بالفعل، وهو ما حدا بأحد معلّقي "بي إن سبورت" إلى الحسم مبكرًا بأن النتيجة محسومة، وأن الكأس الذهبية ستكون من نصيب ميسي بعد الدقيقة التسعين. وسرعان ما تحوّلت هذه الحالة من الركود من أرضيّة ملعب لوسيل في قطر، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بادر كثيرون إلى الحديث عن النهائي الأكثر مللًا في البطولة، بسبب تقاعس الفريق الفرنسي ونفاد ذخيرته.
لكنّ كلّ شيء تغيّر في الدقيقة 79 من عمر المباراة، بعد أن أحزر كيليان امبابي هدف فرنسا الأول بعد ركلة جزاء قلّصت الفارق من جهة، وأشعلت فتيل حماسٍ مفاجئ بين صفوف منتخب الديوك، وأدت إلى تسجيل هدف ثانٍ بتسديدة متقنة من امبابي أيضًا، جعلت المعلّقين يسحبون كلامهم عن فوز الأرجنتين المضمون، والاعتراف بأن الفرنسي على أرض الملعب لا يستسلم بسهولة.
هذا التحوّل المثير في لوسيل، الاستاد الأكبر الذي يحتضن المواجهة الختاميّة في البطولة الكرويّة الأهم في عالم، انتقل فورًا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التي اشتعلت بعد هدف امبابي الأول، وسجّلت هي الأخرى أكبر تفاعل مع أي حدث رياضيّ منذ أن بدأت هذه المنصّات بشغل دورٍ أساسي في مجال الرياضة، وبواقع 24،400 تغريدة في الثانية على تويتر، وهو رقم قياسيّ تاريخي.
في مونديال روسيا 2018، كان توظيف السوشال ميديا في الترويج للحدث وبناء الزخم حوله والتفاعل معه ما يزال في طورٍ تجريبيّ نسبيًا، ومع ذلك أتى بنتائج غير مسبوقة، بلغت زهاء 7.5 مليار تفاعل عبر حسابات الفيفا المختلفة، وأكثر من 1.25 مليار مشاهدة فيديو. أما حجم التفاعل على المنشورات فبلغ أكثر من 580 مليون تفاعل على حسابات الفيفا، وهي أرقام جعلت مونديال روسيا بطبيعة الحال الحدث الرياضي الذي حاز التفاعل الأكبر في تاريخ البطولة، وذلك بفضل التقدير المبكّر لأهمية هذه المنصّات في تعزيز الاهتمام بالحدث ومنح الجماهير مساحات أوسع للمتابعة والتفاعل والانخراط مع البطولة بمختلف تفاصيلها.
إلا أن نظرة أولى على بيانات التفاعل مع كأس العالم 2022 في قطر على وسائل التواصل الاجتماعي، تكشف عن نموّ كبير، بخلاف التوقّعات، وبفارق يتجاوز 110% في العديد من الجوانب، بحسب ما كشف الموقع الرسمي للاتحاد العالمي لكرة القدم، وهو ما حصل منذ المباراة الافتتاحية بين المضيفة قطر والإكوادور، وصولًا إلى المباراة النهائية، التي شهدت التفاعل الأكبر على الإطلاق.
ورغم أن الفيفا لم تكشف بعد رسميًا عن كامل البيانات المتعلقة بحجم حضور البطولة التي استضافتها دولة عربية لأوّل مرة في التاريخ، إلا أن شركة تويتر بادرت إلى الكشف عن بعض الأرقام والإحصاءات التي تشير إلى أن المنصّة قد كانت بمثابة استاد عالميّ واسع لمتابعة مجريات كأس العالم، يفد إليها عشاق كرة القدم لمتابعة المباريات لحظة بلحظة، والتعرف على نتائجها وإحصاءاتها وأداء نجومها ووقائعها المثيرة، وبأشكال مختلفة، نصًا وصوتًا وصورة.
فبعد 64 مواجهة كرويّة على ملاعب كأس العالم الثمانية في قطر، كان ختامها على استاد لوسيل بنهائي دراماتيكي بين فرنسا والأرجنتين، وتتويج مستحق لأبطال التانغو القادمين من أمريكا الجنوبية، أثبتت الأرقام أن منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وتيك توك ويوتيوب وإنستغرام كانت ضمن التشكيلة الأساسية لأدوات إشهار هذه البطولة، إلى جانب قنوات البثّ الرسميّة للمباريات.
مونديال قطر على منصّة تويتر
على تويتر، حقق هاشتاغ #WC2022، وهو أحد الوسوم العالمية الأساسية المعتمدة، أكثر من 147 مليار ظهور (impression) عالميًا، وهو رقم يتجاوز بأضعاف الأرقام المسجلة للوسم الخاص بمونديال روسيا عام 2018 وحتى الوسم الخاص بأولمبياد طوكيو الأخيرة.
أمّا موجة التغريد الأكثر كثافة على المنصّة خلال البطولة فحصلت في لحظة تسجيل الهدف الأول لمنتخب فرنسا في المباراة النهائية أمام الأرجنتين، وبواقع 24،400 تغريدة في الثانية، وهي كثافة غير مسبوقة على صعيد التغريد في منصّة تويتر في أي حدث كروي سابق، وظلّت على أشدّها حتى ضربة الترجيح الأخيرة التي حسمت المنافسة لصالح الأرجنتين. كما استعرضت تويتر عددًا من أبرز اللحظات على المنصّة أثناء البطولة ومنها:
- لحظة خسارة البرازيل بضربات الترجيح أمام كرواتيا في ربع النهائي
- لحظة تسجيل الهدف الثاني للأرجنتين في المباراة النهائية أمام فرنسا
- لحظة تسجيل نيمار هدفًا في الدقيقة 106 من عمر المباراة أمام كرواتيا في ربع النهائي
اللاعبون الأهم في البطولة
ظفر الساحر ميسي بمجد طال انتظاره في ختام كأس العالم 2022 في قطر، فرفع الكأس بين زملائه، وفاز بجائزة أفضل لاعب في البطولة. هذه الأفضلية المطلقة لميسي بدت مضمونة كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ كان اللاعب الذي حاز اسمه أكبر تفاعل على تويتر، وحلّ في رأس قائمة أبرز النجوم الذين استحوذوا على اهتمام رواد المنصّة. في المرتبة الثانية بعد ميسي جاء كيليان امبابي، يليه نيمار، ثم كريستيانو رونالدو.
جنون كرة القدم في البرازيل
يعشق البرازيليون كرة القدم في كل المواسم والأيام، وهو عشق يتضاعف بطبيعة الحال حين يلعب نجوم السامبا، ويتجلّى في أبهى صورة كل أربعة أعوام في منافسات كأس العالم. وعلى الرغم من خروج المنتخب البرازيلي من ربع النهائي بعد الخسارة أمام كرواتيا بركلات الترجيح، إلا أن عشاق كرة القدم في البرازيل تابعوا البطولة حتى النهاية، وكان البرازيليون الأكثر تفاعلًا معها على منصّة تويتر، إلى جانب عدد من الدول الأخرى، من بينها اليابان والولايات المتحدة. وفيما يلي ترتيب قائمة الأمم الأكثر تفاعلًا مع كأس العالم على تويتر خلال البطولة بحسب تقرير المنصّة:
- البرازيل
- اليابان
- الأرجنتين
- الولايات المتحدة الأمريكية
- فرنسا
حسابات الفيفا على تويتر
كان لحسابات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، الخاصة بكأس العالم، باللغة الإنجليزية والعربية، وخمس لغات أخرى، دور فاعل في تقريب البطولة إلى المتابعين، ونجحت في توليد زخم غير مسبوق على منصّة تويتر، لتجذب أكثر من مليوني "إعجاب" يوميًا، ومرّات ظهور تفوق تلك التي حققتها في مونديال روسيا بنسبة 226%.
وقد حققت حسابات الفيفا هذا المستوى من النجاح على تويتر بفضل إستراتيجية نشر متقنة، تعتمد على المحتوى الحصريّ المتاح لها، من الملاعب والاستديوهات والمدرجات ومقاعد البدلاء ومناطق المشجعين وغيرها، وهو ما حقق ثورة رقميّة حقيقية على هذه الحسابات النشطة التي وفرت تغطية خاصّة، وحصدت تفاعلًا عالميًا لا يضاهى.
حقق مونديال قطر نجاحًا إضافيًا على وسائل التواصل الاجتماعي وتجاوز الإحصاءات التي حققتها المنافسة في نسختها السابقة
هذا النجاح الإضافي لمونديال قطر على واحدة من أهم منصّات التواصل الاجتماعي، إلى جانب نسب المشاهدات المليارية في مختلف جولات البطولة، يدلّل على العديد من الملاحظات، ومنها نجاح الرهان على تويتر رغم الصعوبات التي عانت منها المنصّة مؤخرًا، حيث باتت حسابات الفيفا من ضمن أكثر الحسابات نشاطًا وتأثيرًا على تويتر، وهو ما سيشكّل دافعًا لتطوير إستراتيجيات النشر والوصول عليها في الفعاليات الرياضية الكبرى القادمة، ومن بينها كأس العالم للسيدات في تموز/يوليو 2023.