22-أغسطس-2024
نساء سودانيات في جنيف رفضًا للحرب ومع السلام (AFP)

(AFP) نساء سودانيات في جنيف رفضًا للحرب

في الوقت الذي تجري فيه، منذ منتصف الشهر الجاري، محادثات بالعاصمة جنيف دعت لها الولايات المتحدة الأميركية بين الفرقاء السودانيين للتوصل إلى وقف إطلاق النار في السودان، سافرت 15 امرأة سودانية إلى سويسرا للمطالبة بالانضمام إلى المحادثات الجارية للمساهمة في التخفيف من الأوضاع المأسوية ببلدهنّ.

تحدثت الناشطة السودانية في مجال السلام والنوع الاجتماعي والمستشارة الدولية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP"، رباب بالدو، خلال اجتماع بالعاصمة السويسرية، قائلةً: "يجب أن تسير الأمور هذه المرة كما يجب، ولابد أن تكون المرأة جزءًا من هذه العملية، مثلما ينصّ على ذلك تفويض الأمم المتحدة".

ويدعو القرار 1325، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، إلى: "مشاركة النساء والرجال على قدم المساواة في مفاوضات السلام، وتسوية النزاعات، وإعادة الإعمار".

يجب أن تسير الأمور هذه المرة كما يجب، ولابد أن تكون المرأة جزءًا من هذه العملية، مثلما ينصّ على ذلك تفويض الأمم المتحدة

وتُعد بالدو واحدة من ضمن 15 ناشطة سودانية من أجيال مختلفة، تنخرط الكثير منهنّ بلا كلل منذ بدء الحرب، في الرعاية الصحيّة وحماية الطفولة، وتوفير الحاجة من الغذاء والدواء، قدمنّ لجنيف من أجل إشراكهنّ في المفاوضات الجارية.

تقول الناشطة السودانية، لوكالة "فرانس برس": "لقد واجهنا كلّ شيء، من اغتصاب ومجازر ومجاعة. ونعلم مدى حاجة بلادنا إلى وقف إطلاق النار. لذلك علينا حضور هذه المباحثات، والمشاركة فيها لأنّنا ندرك قيمة ذلك بالنسبة إلى بلادنا".

من جهتها، تشير المديرة التنفيذيّة لمنظمة "سيدات السلام في جميع أنحاء العالم" السويسرية غير الحكومية، ديبورا شيبلر إلى أن: "حضور النساء وغيرهنّ ممن يمثلنّ المجتمع المدني، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الحرب لا تقع فقط بين الأطراف المتحاربة. لذا يجب أن يظل العنف الذي عانت منه النساء، دائمًا جزءًا من الحوار".

رباب بالدولة

وأعدت بالدو، وفريقها في الأسابيع الأخيرة، مسودة لاتفاقية سلام تراعي وجهة النظر هذه، وتتضمّن هذه المسودة إجراءات، تراها الناشطة السودانية ضرورية لإنهاء الحرب، وذلك عبر التزامات خاصة بطرفي النزاع.

كما تطرقت المسودة أيضًا إلى: "تفشي العنف الجنسي المسلط على النساء، واحتلال الجماعات المسلحة المستشفيات"، حيث يشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، إلى تعرض حوالي سبعة ملايين امرأة وفتاة للعنف الجنسي في السودان.

وتسعى الناشطة والمستشارة الدولية وفريقها إلى إدراج هذه التدابير في اتفاق رسمي، ويخططنّ لإجراء محادثات منفصلة مع طرفي النزاع خلال الأيام المقبلة، سعيًا إلى إيجاد أرضية مشتركة، ووضع خطوط حمراء لا يجب تجاوزها.

لكن هذه المهمة لا تبدو، وفق الوكالة الفرنسية، سهلة، إذ تقول بالدو: "عادة ما يطغى الطابع الذكوري على مفاوضات وقف إطلاق النار، التي تجري خلف الأبواب المغلقة. وإذا أدركت أطراف النزاع أن المرأة عنصر حاسم في تحقيق السلام واستتباب الأمن، فستكون أمامنا فرصة جيدة"، وأضافت: "من هنا تتأتى أهمية الاستمرار في تكوين شبكات من العلاقات، والتواصل مع جماعات ضغط".

تشير "فرانس برس" إلى أن المستشارة الأممية تستند هنا، إلى تجربتها. إذ كانت في مطلع التسعينات، جزءًا من عملية السلام الخاصة بالنزاع في شرق السودان، وأدت دورًا حاسمًا في "ضمان إدراج أصوات النساء في اتفاقية السلام الشامل".

وتلفت الوكالة الفرنسية، إلى أن الفريق النسائي في جنيف لا يستطيع بدء مهمته كما خطط لها، إذ لم يصل حتى الآن، سوى وفد قوات الدعم السريع، لذا فضلنّ الانتظار إلى حين وصول وفد الحكومة والجيش السوداني، وهو ما يأملنّ تحققه قريبًا، لتأكيد عدم انحيازهنّ لأي طرف من أطراف الصراع في السودان.

لكن الوفد النسائي السوداني يتواصل مع البعثة الأميركية بشكل وثيق التي تقدم لهنّ الدعم الفني، في حين تبقى الحكومة السويسرية التي تستضيف المفاوضات بعيدة عن الأضواء.

وتأمل بالدو، من أن تتمكن من فتح قنوات اتصال مع الجهات الرسمية السويسرية، وكسب دعمها لمشاركة النساء في المفاوضات، وتعتبر منح السلطات السويسرية تأشيرات دخول للوفد النسائي السوداني بسرعة ودون ضجة، علامة إيجابية.

بالنسبة للخبير المقيم في جنيف، ويعمل منذ ثلاثين عامًا في الشأن السوداني، رومان ديكارت، يعتبر ذلك مؤشرًا إيجابيًا. ويقول: "يدل ذلك على إرادة سويسرا تسهيل مشاركة هؤلاء النساء"، ويرى أنه من: "المفيد استضافة سويسرا لهذه المحادثات، باعتبارها بلدًا محايدًا في النزاع". لكنه يبدي حذرًا أكثر بشأن احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

فيما تعتقد بالدو، أن خلق ممر إنساني، بعيدًا عن خطوط الجبهة، يمثل الأولوية القصوى الآن، حتى يمكن إدخال مواد الإغاثة الحيوية إلى البلاد، حيث يعاني 25 مليون شخص من الجوع بسبب الحرب. ويمثل هذا العدد حوالي نصف السكان، كما أجبر عشرة ملايين شخص آخر على النزوح.

ورغم أنها ترى في محادثات جنيف بداية عملية معقدة قد تستغرق سنوات، لا تزال بالدو مصممة على القول: "جئنا إلى جنيف كي نحدث الفرق، ولن نغادر دون أن نبسط مخاوفنا على طاولة التفاوض".