بعد فشل متكرر، يسعى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى حلحلة أزمة إكمال كابينته في جلسة البرلمان المنعقدة اليوم الثلاثاء 18 كانون الأول/ديسمبر، بعد أن عرقلت الخلافات السياسية تمرير الوزراء الثمانية، بسبب بعض المرشحين المثيرين للجدل، وأبرزهم فالح الفياض المقرب من إيران.
أظهرت وثيقة صدرت عن مجلس النواب العراقي، تحديد جلسة اليوم الثلاثاء، لاستكمال التصويت على الكابينة الحكومية
وفشل مجلس النواب العراقي في جلسة عقدها في الرابع من كانون الأول/ديسمبر الجاري، في التصويت على الوزارات الشاغرة، بعد أحداث صاخبة شهدتها الجلسة، ما أسفر عن تأجيل الملف حتى الآن، وسط غضب واستياء شعبي ومطالبات بانهاء الملف للتفرغ لملف الإعمار والخدمات.
اقرأ/ي أيضًا: إعادة فالح الفياض إلى مناصبه.. حكومة عبد المهدي تلعب بشروط طهران
كما أظهرت وثيقة صدرت عن مجلس النواب العراقي، حصل "ألترا صوت" على نسخة منها، تحديد جلسة اليوم الثلاثاء، لاستكمال التصويت على الكابينة الحكومية، وفقرتين تتعلقان بالنظر في الطعون المقدمة حول صحة عضوية عدد من النواب، استكمال التصويت على تعديل النظام الداخلي.
4 مقترحات للحل
وعشية الجلسة، اقترح عادل عبد المهدي في رسالة وجهها إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أربعة حلول لأزمة استكمال الكابينة الحكومية، محذرًا من "التأثيرات السلبية" من عرقلة تمرير بقية المرشحين، ومبديًا أسفه لفشل ما وصفها بـ"المساعي الحثيثة" التي جرت خلال أكثر من 40 يومًا، للوصول إلى اتفاق يسمح بالمضي قدما في عملية استكمال التشكيلة الوزارية.
وتضمنت مقترحات عبد المهدي، عرض الأسماء المتبقية للتصويت، في الوقت الذي يرتأيه البرلمان، ليتم قبولها أو رفضها. وفي الحالة الأخيرة يقدم عبد المهدي خلال ما بين 24 إلى 48 ساعة، أسماءً مرشحًة بديلة، أو قبول الكتلتين الرئيسيتين (الإصلاح والبناء) بالتصويت على خمس أو ست وزارات متفق عليها، وتأجيل بقية الحقائب، فيحسم امر الوزارات المتفق عليها بالتصويت خلال هذا الأسبوع.
وحدد المقترح الثاني، التوافق أو إعطاء طرف حق الترشيح والآخر حق الرفض لحسم أمر الوزارات المؤجلة، بهدف الوصول إلى أسماء متفق عليها، بينهما وبين رئيس مجلس الوزراء "ليتم عرضهم خلال وقت محدد قريب (الأسبوع القادم مثلًا) على مجلس النواب لنيل الثقة"، فيما اقترح الحل الثالث اتفاق الكتلتين الرئيسيين على تقديم أسماء جديدة كليًا أو جزئيًا وعرضها على رئيس الوزراء للاتفاق عليها.
وأمام مهام الحكومة "الجسيمة" في المرحلة المقبلة، على حد تعبير الرسالة، اقترح عبد المهدي اتفاق الطرفين الرئيسيين على ترك موضوع الأسماء له، على أن يحسم البرلمان قبولها أو رفضها جزئيًا او كليًا من خلال التصويت دون كسر النصاب أو عرقلته، مؤكدًا أن "التأخير في انهاء التشكيلة الوزارية يعرقل قدرة الحكومة على تنفيذ المنهاج الوزاري وفق جداول الزمنية الطموحة".
وحذر عبد المهدي، من أن هذا التأخير لن يضعه وحكومته أمام المسؤولية فقط، بل البرلمان والقوى السياسية ايضًا، داعيًا الحلبوسي إلى "تحفيز الجميع للوصول إلى توافق او اللجوء إلى التصويت".
"حيلة القضاء"!
يأتي ذلك بعد ساعات من إصدار محكمة القضاء الإداري، قرارًا يقضي بإلغاء إقالة المرشح المثير للخلاف فالح الفياض، من منصب مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي، الذي أصدره حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق في آب/أغسطس الماضي.
وبحسب مصادر برلمانية تحدثت لـ"ألترا صوت"، يأتي هذا القرار كحل وسط لإنهاء أزمة الخلاف على وزارة الداخلية، حيث وافق زعيم تحالف سائرون، مقتدى الصدر، على عودة الفياض لمناصبه السابقة، مقابل سحب ترشحيه للحقيبة الحساسة، مشيرة إلى أن القرار جاء بعد مباحثات أجريت منذ يوم الخميس الماضي، بين رؤساء الكتل السياسية بهدف حل أزمة استكمال الكابينة الوزارية
وكان العبادي، قد أقال الفياض من مناصبه بعد دخوله المجال السياسي، حيث لا يمكن الجمع بين المناصب الأمنية والعمل السياسي، وفقًا للدستور العراقي.
ويتمسك برفض ترشيح فالح الفياض لمنصب وزارة الداخلية، تحالف الإصلاح والإعمار، الذي يضم تحالف "سائرون" المدعوم من الصدر، وتيار الحكمة بقيادة عمار الحكيم، وائتلاف النصر بزعامة العبادي، فيما يصر على ترشيحه تحالف البناء الذي يضم تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي.
وأوضحت المصادر البرلمانية، أن كتلتي الإصلاح والبناء، اتفقتا على منح عبد المهدي حرية اختيار مرشح بديل لحقيبة الداخلية، دون تدخل أي طرف سياسي، وإنهاء ملف الوزارات الشاغرة.
من جانبه أكد الفياض، تمسكه بترشيحه لشغل حقيبة الداخلية، حيث قال في احتفالية سياسية لتحالف البناء: أتشرف بترشحي لهذا المنصب. ولن أهرب أو أتنصل من أداء مهامي حال استلام مهام الوزارة".
وجدد الفياض، الإشارة إلى أن "أمر ترشيحي جاء من قبل رئيس الوزراء. ولن أتنازل عن هذا الحق"، داعيًا رئيس الحكومة إلى "عدم الرضوخ لأي من الضغوط، سواء كان من تحالفه أو من أي جهة سياسية أخرى".
في المقابل، رأت مصادر سياسية في قرار القضاء "انتصارًا جديدًا" للفياض، قد يزيد من اشتعال الموقف الخاص باستكمال تشكيل الكابينة الحكومية، خاصة وأن من شأن القرار دفع داعميه إلى التمسك به بشكل أكبر كمرشح وحيد لوزارة الداخلية.
خيار عسكري
وفي حال سحب ترشيح الفياض، فإن عبد المهدي سيقدم اسمًا عسكريًا للمنصب، بحسب مصادر برلمانية. وهو ما أكده النائب عن كتلة بدر النيابية، مهدي تقي، في تصريح صحفي قائلًا إن "البديل العسكري للفياض سيكون مناسبًا جدًا، وأن الأسماء المطروحة هي من القيادات العسكرية".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد دعا في وقت سابق، رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، إلى توزير من وصفهم بـ"القادة الشجعان"، الذين كان لهم دور بارز في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وبالعودة إلى رسالة عبد المهدي التي وجهها إلى رئيس البرلمان، فإن تحقق جلسة استكمال الحكومة غدًا بحضور رئيس الحكومة لا يزال مستبعدًا، لعدم تحقق أي اتفاق أو توافق سياسي، في حين يشترط عبد المهدي الاتفاق على تحقيق نصاب الجلسة على أقل تقدير لتقديم أسماء الوزراء الثمانية.
وفضلًا عن ملف وزارة الداخلية، تدور الخلافات على أسماء مرشحة أخرى، أبرزها: وزارة الدفاع حيث الخلاف سني – سني، ووزارة العدل التي يتصارع لنيلها الحزبان الكرديان الرئيسيان دون التوصل إلى نتيجة واضحة حتى الآن، ما دفع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى إعلان مقاطعته جلسة البرلمان، في حال عدم تقديم مرشحه خالد شواني لوزارة العدل.
غضب شعبي
وعلى مستوى الشارع، فإن استمرار الخلافات حول ملف الكابينة الحكومية، وزج السلطة القضائية فيها، أثارغضبًا شعبيًا وحفيظة كتاب وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول أبو محمد، وهو سائق أجرة، لـ"ألترا صوت"، إن "عرقلة مصالح البلاد والعباد من أجل اسم أحد المرشحين أو مصالح فئة سياسية أو أخرى، هو استهانة بمعاناة العراقيين وتضحياتهم التي قدموها خلال السنوات التي أعقب الغزو الأميركي"، محذرًا من "غضب شعبي قد يحرق الأخضر واليابس وقد يقود البلاد إلى المجهول".
استنرار الخلافات حول ملف الكابينة الحكومية، وزج السلطة القضائية فيها، أثار ويثير، غضبًا شعبيًا، تجلى على مواقع التواصل الاجتماعي
وتعليقًا على قرار القضاء الخاص بفياض، دعا الصحفي والناشط زياد وليد في تدوينة على فيسبوك إلى "إصلاح السلطة القضائية"، منبهًا "من يرفعون شعار الإصلاح، لأن يتجهوا إلى هذه السلطة المنسية".
وقال وليد: "قضاء العراق يفصل في النزاعات بأمرٍ من السلطات الأخرى، ويختار التوقيت تناسبًا مع التسويات والصفقات. فأيُ قضاء محايد؟ وأي فصلٍ بين السلطات؟ وأي ديمقراطية هذه ؟"، مؤكدًا أن "حال البلاد لن يستقم، ولن يصلح ما أفسده الفاسدون، دون قضاء قوي عادل مستقل".
اقرأ/ي أيضًا:
العراق والعقوبات على إيران.. كل شيء في عباءة طهران!
"حرب" توزير فالح الفياض.. إيران تبيح كل الوسائل لأذرعها العراقية