24-يوليو-2024
كامالا هاريس قد لا تكون قادرة على إنهاء الحرب في غزة

(AFP) كامالا هاريس قد لا تكون قادرة على إنهاء الحرب في غزة

انتاب أنصار الحزب الديمقراطي قلقٌ كبير من إمكانية خسارة جو بايدن للسباق الرئاسي في مواجهة ترامب، وذلك لأسباب عديدة من بينها، حسب صحيفة "بوليتيكو"، دعم جو بايدن القوي للحرب الإسرائيلية على غزة. وبتنحي بايدن من المنافسة، تنفس قطاع كبير من الديمقراطيين الصعداء نظرًا لشعورهم، حسب الصحيفة ذاتها، بأن نائبته كمالا هاريس قد تمثل طوق النجاة لمأزق الحزب في موقفه من الحرب على غزة.

إلّا أنّ كبيرة مراسلي الصحيفة للشؤون الخارجية، نهال الطوسي، ترى خلاف ذلك، وتعتقد أن طوق أو شريان الحياة الذي يتعلق به الديمقراطيون المناهضون للحرب "أوهن بكثير" مما قد يتصورون. فعلى الرغم من أن نائبة الرئيس والمرشحة الأوفر حظًّا لخطف بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، ليست من المعجبين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أنها مؤيدة قوية لإسرائيل.

ويتجلى موقفها هذا، حسب مقال "بوليتيكو"، في: "تعبيرها الصريح عن قلقها بشأن محنة المدنيين الفلسطينيين العالقين وسط تبادل إطلاق النار في غزة، لكنها تعتقد أيضًا أنه يجب هزيمة حماس وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها".

لن تكون سياسة هاريس تجاه الإسرائيليين والفلسطينيين مختلفة كثيرًا، بالضرورة، عن سياسة جو بايدن

لكنّ مقال "بوليتيكو" يرى أنّ على "المرشحة الديمقراطية" أن تقلق بشأن مواقف الناخبين في الولايات المتأرجحة، مثل ميشيغان حيث يوجد عدد كبير من السكان العرب والمسلمين الأميركيين، إذ يتعين عليها: "أن توازن بين مخاوف الناخبين المؤيدين لإسرائيل والجماعات التي ستقف ضدها بالانتخابات المزمع إجراؤها في الخامس تشرين الثاني/نوفمبر القادم".

موازنة صعبة

من الصعب جدًّا على هاريس أن تضبط إيقاع توازنات حساب الأصوات، خاصةً أنها، مضطرة "أخلاقيًا"، إلى أن تظلّ وفية للرئيس بايدن الذي زكى ترشيحها، في الفترة المتبقية من ولايته، بحيث لا يمكنها أن تنأى بنفسها عن سياساته التي أخفقت حتى اللحظة في وقف الحرب وإرغام نتنياهو على تقديم أي تنازل أو الاستجابة لأي مطلب قاسٍ من مطالب الإدارة الأميركية، التي تعبّر عن دعمها الصريح والمطلق لإسرائيل.

ومن شأن مواصلة هاريس في هذا التوجه أن يحرمها من أصوات العرب والمسلمين الأميركيين في الولايات المتأرجحة، مع العلم أن هؤلاء، كانوا يتوجهون، حسب العديد من الاستطلاعات، نحو خيار التصويت العقابي ضد بايدن بسبب مواقفه السيئة تجاه الفلسطينيين والعدوان على غزة.

وتوقع مقال "بوليتيكو" أن تُبرز زيارة نتنياهو إلى واشنطن - التي بدأها أمس الثلاثاء والتي من المزمع أن يلتقي خلالها اليوم الأربعاء بهاريس في اجتماع خاص بمعزل عن بايدن - هذا الاحتقان. فهاريس التي لن تترأس جلسة الكونغرس التي سيلقي فيها نتنياهو خطابًا، اليوم الأربعاء، بسبب "تضارب في المواعيد"، لا بدّ أن تلتقي نتنياهو حتى لا يتم التشكيك بدعمها لإسرائيل.

ويرجح مقال بوليتيكو أنّ: "سياسة هاريس تجاه الإسرائيليين والفلسطينيين لن تحيد كثيرًا، بالضرورة، عن سياسة بايدن". هذا هو الانطباع القوي الذي خرجت به كاتبة المقال من لقاءاتها مع المسؤولين والمحللين الأميركيين الحاليين والسابقين الذين يتابعون شؤون الشرق الأوسط عن كثب، حيث اكتشفت أنها كلما حاولت، في تلك اللقاءات، الإشارة إلى أن هاريس قد تكون لديها وجهة نظر أكثر تأييدًا للفلسطينيين من بايدن، كانوا يحذرونها من هذا النمط من التفكير "الذي يبدو أنه ينطوي على ازدواجية" في المواقف، حسب تعبيرها.

بايدن وهاريس

ووفقًا للمقال أيضًا، فإنه: "إذا كان الناس منزعجين من الطريقة التي تعامل بها بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، لكنهم يشعرون بالخوف أيضًا من احتمال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب الأكثر تأييدًا لإسرائيل".

ونقلت مراسلة "بوليتيكو" عن ياسمين طيب، الناشطة التقدمية التي ساعدت في تنظيم الجهود خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، قولها إن: "أمام هاريس الفرصة لرسم مسار جديد وأن تكون أكثر استعدادًا للإصغاء للشعب الأميركي".

وستكون هذه القضية تحديدًا من: "أشد القضايا تعقيدًا في مجالات العمل السياسي التي ستخوضها هاريس الأشهر المقبلة، حيث سيطلب منها كل طرف من أطراف القضية توضيح موقفها".

وقد تُدعى لزيارة القدس ورام الله، ومهما ستقوله هناك فسوف يصمها ترامب وحلفاؤه بمعاداة إسرائيل مثلما درجوا على ذلك مع بايدن، حسب مقال "بوليتيكو".

وترى "بوليتيكو" أنّ هذا الأسبوع بالذات: "يحمل في طياته مخاطر محتملة على المشهد السياسي الأميركي بسبب زيارة نتنياهو، الذي كاد أن يعلنها صراحة أنه يريد عودة ترامب إلى منصبه". وتضيف الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي: "يمكن أن يسبب لهاريس كل أنواع المشاكل الأيام المقبلة سواءً كان ذلك من خلال خطابه، أو التسريبات الإعلامية من مكتبه أو سياساته تجاه غزة".

بوليتيكو: زوج كامالا هاريس اليهودي دوغلاس إمهوف من أبرز الأصوات المعارضة لمعاداة السامية، وله تأثير كبير على تفكير هاريس

وعلى نتنياهو، دحسب الصحيفة، أن: "يتحلى بالحكمة ويفكر مليًّا إذا كان يسعى لإضعاف فرص هاريس الانتخابية"، فهي في نظر بوليتيكو: "أقوى وأكثر انسجامًا من بايدن، مع قواعد الحزب الديمقراطي التي تتعاظم شكوكها في إسرائيل". وقد تؤدي محاولات تقويض فرص هاريس، وفق لزيادة تآكل الدعم الديمقراطي لدولة الاحتلال.

وعلى الرغم من أن هاريس تحسب على التيار الإصلاحي أو التقدمي في الحزب الديمقراطي، فإنها لا تتفق، حسب بوليتيكو، مع بعض الأفكار اليسارية اليوم التي يمكن أن تميل إلى التشكيك في وجود إسرائيل. لكنها - مع ذلك - لا تتجاهل المخاوف بشأن الكيفية التي يمكن أن تضر بها تصرفات إسرائيل بأمنها على المدى الطويل.

وأشارت الصحيفة إلى أن زوج كامالا هاريس، اليهودي دوغلاس إمهوف، كان من أبرز الأصوات المعارضة لمعاداة السامية، وله تأثير كبير على تفكيرها، حسب الصحيفة.

وتخلص القراءة التحليلية لـ"بوليتيكو" إلى أنّ الأحاديث: "مع المحيطين بهاريس وقراءة تعليقاتها السابقة تُشعِر بأن نائبة الرئيس لا ترى أن حماية المدنيين الفلسطينيين تتعارض مع دعم إسرائيل".

لكن مثل هذا الفارق الدقيق غالبًا ما يضيع في أتون صراعٍ يتسم بالكثير من القتل والصدمات على الجانبين. ويختفي، أغلب الظن، في حملات الانتخابات الرئاسية.