يُعتبر الأرجنتيني دييغو سيميوني صانع أمجاد اتلتيكو مدريد في الأعوام الأخيرة، علاقة سيميوني بالجمهور الإسباني ليست وليدة اليوم، مؤازرته الدائمة في أكثر اللحظات تعقيداً وحزناً على الفريق منها، تلك اللحظات التي أبكت الأرجنتيني وجمهوره الذي أحب، عندما أحرز ريال مدريد هدف التعادل في شباك فريقه في نهائي دوري أبطال اوروبا 2014، لينتهي اللقاء بفوز الملكي 4×1 في ليلة تاريخية مشهودة لسيميوني وجمهوره الحزين.
كان يُمني النفس بإحراز اللقب الأوروبي ولو لمرة واحدة له ولفريقه اتلتيكو مدريد، كما هو الحال بالنسبة للمدرب العالمي الآخر الإسباني بيب جوارديولا الذي يقاتل من أجل تحقيق البطولة لفريقه مانشستر سيتي، ولكن الأمر يختلف عند بيب فقد أحرز اللقب مع برشلونة مرتين عامي 2009 و 2011.
يبدو أن سيميوني يمر حالياً بإحدى أسوأ فتراته مع الفريق المدريدي، خلال 11 عام قضاها في العاصمة الإسبانية
تولى سيميوني المولود في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس في عام 1970، مسؤولية اتلتيكو مدريد في صيف عام 2011، ومنذ ذلك العام حقق ألقاب الدوري الأوروبي مرتين في 2012 و2018، وكأس السوبر الأوروبي أيضاً مرتين في عامي 2013 و2019، كما وصل لنهائي دوري أبطال أوروبا مرتين في 2014 و 2016 وخسرهما أمام ريال مدريد.
وعلى الصعيد المحلي كسر سيميوني سيطرة ريال مدريد وبرشلونة على لقب الدوري، عندما استطاع تحقيق البطولة مرتين في موسمي 2013ـ2014 و 2020 ـ2021، كما أحرز كأس اسبانيا في عام 2013.
إنجازات المدرب الأرجنتيني رفعت ناديه إلى مصاف كبار أندية أوروبا، ونجح اللاعب السابق للنادي في إضفاء شخصية مختلفة للنادي المدريدي، وجعل أي مباراة يلعبها صعبة على خصومه، فبات يُحسب له الف حساب.
سيميوني والبداية المتعثرة
في الموسم قبل الماضي 2020-2021، وبعد انطلاق مباريات الدوري الاسباني للدرجة الأولى، وفوزه الكاسح على غرناطة في لقاء الافتتاح 6-1، وقع سيميوني في مصيدة التعادل الذي كان بطعم الخسارة مع فريق هويسكا بدون أهداف في الجولة الثانية. وجاء تصريحه بعد هذه المباراة بأن الليجا بات مملًا، فهل هي رسالة إلى محبيه ومن يهمهم الأمر بأنه حان وقت الرحيل؟، علمًا أن سيميوني أنهى ذاك الموسم بطلًا لليغا، ومع ذلك يبدو عامل "الملل" ما زال مؤثّرًا في مسيرته.
يبدو أن سيميوني يمر حالياً بإحدى أسوأ فتراته مع الفريق المدريدي، خلال 11 عام قضاها في العاصمة الإسبانية، ولكن المدرب الأرجنتيني الفذ يأمل في استعادة الثقة التي اهتزت في الموسم الماضي، من خلال بطولتي الليجا ودوري أبطال أوروبا.
لقد تعذب أتلتيكو مدريد لكي يحافظ على تواجده بين الأربعة الكبار، ليضمن بالتالي مشاركته في دوري الأبطال، والذي سينطلق في الاسبوع الأول من سبتمبر/ ايلول المقبل، حيث سيبدأ معه فصلاً جديداً بتحقيق حلمه الذي راوده عقد من الزمن. كما يُعتبر سيميوني المدرب الأغلى دخلا في إسبانيا بإجمالي عقد وتوابعه بـ(40:5 مليون يورو سنويًا) أيضاً فاز المدرب الأرجنتيني بأكبر عدد من الالقاب في تاريخ اتلتيكو، ولم يبق سوى لقب واحد يسعى لضمه إلى خزائن فريقه وهو دوري أبطال أوروبا.
مدرسة سيميوني الدفاعية وصلت للعالمية
لم يفكر سيميوني في اللعب بخطة هجومية شاملة مطلقاً، منذ بدأ يعمل مدرباً محترفاً، وله فلسفة خاصة تختلف عن كل المدربين في العالم، وينتقي أسلوبه حسب الخصم ولكن دائمًا يلعب بخطة مشهورة وهي، 4- 4- 2، ويدرس المساحات التي يُفضل خصمه اللعب فيها، ويضع لاعبيه في تلك المناطق ليسيطر عليها ويمنع الخصم من اللعب بطريقته المفضلة، والحد من نشاطه وإرباكه أيضاً.
ويهتم المدرب الأرجنتيني بالجانبين الهجومي حين اللزوم والدفاعي في أكثر الأحيان، ويعتمد على الكثافة العددية في عمق الملعب بدخول الجناحين مع تقدم الظهيرين ليسيطر على الملعب بشكل كامل، كما يعتمد على الهجوم المضاد في أغلب مبارياته، وذلك بالتحول السريع جداً من الدفاع للهجوم، والتركيز على المساحات التي تركها الخصم أثناء الهجوم.
ولذكاء المدرب فهو يعتمد على مهاجم صريح فعال وعلى مهاجم وهمي يقوم بإشغال خط الدفاع، ليترك زميله الآخر حرية الانتقال بسهولة لداخل منطقة الجزاء، وفي مرحلة بناء الهجمة عادة مايستبدل سيميوني الخطة إلى 3، 5، 2، لإرباك الخصم وفتح ثغرات في خطوطه.
يُعتبر سيميوني الفائز في جائزة أفضل مدرب في العالم عام 2016 مدرسة عالمية في الدفاع، وبالرغم من أنها خطة مملة وغير ممتعة إلا ان أسلوبه فرض نفسه في الدوري والبطولات القارية، ومن خلالها تمكن إعاقة الكثير من الأندية المحلية والأوروبية، والجميع ينتظر هذا الموسم ليشاهدوا عن قرب، هل سيستمر المدرب الأرجنتيني في تقديم مباريات عالية المستوى وتحقيق نتائج جيدة كما يريدها جمهوره، أم سيحزم حقائبه لأنه حان موعد الرحيل؟