نشرت منظمة هيومن ووتش رايتس نهاية الشهر الماضي تقريرًا مفصّلًا من 99 صفحة، كشفت فيه ما أسمته الحيل الملتوية التي تستخدمها السلطات المغربية بهدف إسكات أو احتجاز الصحفيين المغربيين المعارضين والمستقلين، وناشطي حقوق الإنسان والمدونين.
وثّقت المنظمة خلال العامين الماضيين إدانات من المحاكم المغربية لعشرات الصحفيين والناشطين، وإقفال لمؤسسات إعلامية تنتقد السلطة المغربية
وقد وثّقت المنظمة خلال العامين الماضيين، إدانات من المحاكم المغربية لعشرات الصحفيين والناشطين، وإقفال لمؤسسات إعلامية تنتقد السلطة المغربية، وفرضت عقوبات على منظمات إعلامية أخرى بتهم التشهير ونشر أخبار كاذبة، وإهانة مسؤولين محليين ورؤساء دول صديقة، وتقويض أمن الدول، وتهم أخرى تستخدمها المحاكم لتوقيف الناشطين أو منعهم من العمل.
بالإضافة إلى التهم المرتبطة بممارسة العمل الصحفي بشكل مباشر، أشار التقرير إلى أن السلطات المغربية اتهمت بشكل متزايد ابتداءً من منتصف العام 2010، نشطاء وصحفيين بارزين بتهم غير مرتبطة بحرية التعبير، من بينها تهم تتعلق ب"ممارسة الجنس بالتراضي"، وقد بدأت نهاية العام 2010 باتهام الصحفيين المعارضين بتهم مختلفة منها غسيل الأموال، والتجسس، والاغتصاب، والاعتداء الجنسي وحتى الاتجار بالبشر.
وقد تحقّقت هيومن رايتس ووتش من 12 قضية محاكمة المغرب مؤخرًا، طالت صحفيين وناشطين بتهم غير مرتبطة بحق التعبير، وتبيّن لها وجود انتهاكات في هذه المحاكمات، كما تبيّن لها أن السلطات ارتكبت انتهاكات أخرى خلال مطاردتها للمعارضين، تتعلق بمعايير الخصوصية لهم ولعائلاتهم والأشخاص المقربين منهم، وحتى انتهاكت لخصوصية الأشخاص الذين تزعم أنهم ضحايا للصحفيين والناشطين.
التقرير ذكر بعض الأمثلة من بينها إدانة الصحفية هند الريسوني بممارسة الجنس مع خطيبها قبل الزواج، كذلك أدانت الصحفي هشام المنصوري بممارسة الجنس مع امرأة متزوجة. وقد طالبت المنظمة السلطات المغربية بالتوقف عن استخدام تهم ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، والإجهاض الطوعي كمسوغات لملاحقة الصحفيين والناشطين، والالتزام بتكريس الحقّ في الخصوصية وعدم التمييز،وإسقاط جميع الملاحقات القانونية المماثلة لهذه التهم على الفور.
منع شهود من الإدلاء بشهاداتهم
وأشار التقرير إلى أن قضايا المعارضين في المغرب التي تحال إلى المحاكم، تشوبها غالبًا انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية التي يجدر مراعاتها، من بينها الاحتجاز الذي يسبق المحاكمة، بدون أن يكون هناك مسوغ لذلك، فعلى سبيل المثال أمضى الصحفيان عمر الراضي وسليمان الريسوني عامًا كاملًا في الحبس الاحتياطي قبل عرضهما على المحكمة.
كذلك رفضت المحاكم المغربية في العديد من الحالات الاستماع لشهود طلبهم الدفاع، بدون تقديم أسباب مبرّرة لرفضهم، كما حصل في محاكمة الصحفي عمر الراضي في المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، حيث رفضت المحكمة الاستماع لشاهد أساسي في قضية التجسس المرفوعة ضد الراضي، لأن المحكمة رأت أن الاستماع له سيطيل المحاكمة بلا جدوى.
بيغاسوس يتجسس على الصحفيين المعارضين
لم يسلم الصحفيون والناشطون المغربيون المعارضون من فخ التجسس على هواتفهم النقالة وحواسيبهم المحمولة، حيث ذكّر التقرير أن أكثر من خمسة صحفيين مغاربة ممن واجهوا أو يواجهون محاكمات في المغرب، قد تعرضوا للتجسس من خلال برنامج بيغاسوس بين عامي 2019 و2021.
وكما هو معروف، فإن بيغاسوس هو برنامج تجسس إسرائيلي متطور، يتم بيعه للحكومات ليتيح لها القدرة الوصول إلى قوائم جهات الاتصال، والبريد الالكتروني، والرسائل النصية، وكلمات المرور، وتحديد موقع الجهاز المستهدف، وقد استخدمت الحكومات هذا البرنامج بشكل أساسي للتجسس على الصحفيين والناشطين المعارضين، وكان المغرب من أبرز الدول المتهمة باستعماله.
بعض الأشخاص المستهدفين من قبل برنامج بيجاسوس، أكّدوا لهيومن واتش رايتس إن المعلومات المنشورة عنهم في وسائل الإعلام المغربية الرسمية، لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال اختراق بياناتهم الشخصية.
الالتفاف على القانون للتضيق على الحريات
عدّد التقرير ممارسات مخالفة للقوانين قامت بها السلطات المغربية، من بينها المراقبة الجسدية، والترهيب، واستهداف الأقارب، واستهداف المصالح المالية للمعارضين.
خلصت هيومن واتش رايتس إلى القول إن التكتيكات المخادعة التي استخدمتها السلطات المغربية، هي غير أخلاقية، لكنها ليست بالضرورة غير قانونية بموجب الدستور المغربي
وبالمحصلة، خلصت هيومن واتش رايتس إلى القول إن التكتيكات المخادعة التي استخدمتها السلطات المغربية، هي غير أخلاقية، لكنها ليست بالضرورة غير قانونية بموجب الدستور المغربي، ومن الصعب إثبات أن يكون للدولة تورط مباشر بها، بل تقوم بها جهات تعمل جنبًا إلى جنب وبتنسيق مع السلطات المغربية وأجهزتها الأمنية.
يمكن الاطلاع على التقرير الكامل هنا.