يُمنح المرض في بعض الأعمال الفلسفية والأدبية معان جديدة، وغير مألوفة، هي نتاج وضعه، ووضع ما يرتبط به من مفاهيم وعادات وممارسات، في غير سياقه المعتاد. أو ربطه، في أحيان أخرى، بقضايا ومسائل وتفاصيل بعيدة عن الطب ومفاهيمه المعقدة، وقريبة من الحياة اليومية بمختلف مجالاتها.
نسلط الضوء في هذا المقال على 3 كتب فلسفية وأدبية تقدّم فهمًا جديدًا وفريدًا للمرض.
1. في المرض وفي القوة
"في المرض وفي القوة: متلازمة الغطرسة وأمراض زعماء الدول خلال السنوات الـ 100 الأخيرة" (جداول، 2017/ ترجمة يوسف الصمعان)، للطبيب والسياسي البريطاني ديفيد أوين (1938)، محاولة في فهم العلاقة بين الغطرسة والقوة والسعي إليها ثم امتلاكها من جهة. والمرض، على اختلاف أشكاله، من جهة أخرى.
يقيم أوين في كتابه روابط بين أمراض القادة السياسيين، النفسية والجسدية، والأحداث السياسية المهمة التي كانوا جزءًا منها. إذ يبحث، على سبيل المثال، في العلاقة بين مرض رئيس الوزراء البريطاني أنطوني إيدن وأزمة قناة السويس عام 1956، وسلوك الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي وحالته الصحية بأزمتي خليج الخنازير والصواريخ الكوبية، والسلوك المتغطرس لجورج بوش وتوني بلير بالحرب على أفغانستان والعراق.
2. صداقة مع ابن شقيق فيتغنشتاين
يقدّم الكاتب النمساوي توماس برنهارد (1931 – 1989) في روايته "صداقة مع ابن شقيق فيتغنشتاين" (ممدوح عدوان/ سرد 2019/ ترجمة سمير جريس)، مفاهيم جديدة وإشكالية للمرض والمستشفيات والمصحات والأطباء والمرضى والأصحاء. وهي مفاهيم خلص إليها في تأملاته التي مارسها داخل المصحات، التي عاش الجزء الأكبر من حياته فيها بسبب إصابته بالسل.
يعيد برنهارد في روايته النظر في المرض، النفسي والجسدي، انطلاقًا من تجربته وتجربة صديقه باول فيتغنشتاين، ابن شقيق الفيلسوف النمساوي لودفيغ فيتغنشتاين، المصاب بالجنون. كما ويفكك، في الوقت نفسه، العلاقة بين المرضى والأصحاء باعتبارها صراع قد يكون قاتلًا، لكن كلا الطرفين لا طاقة لهما لمواجهته.
3. المرض كاستعارة
في كتابها "المرض كاستعارة" (دار المدى، 2021/ ترجمة حسين الشوفي)، تبحث الكاتبة والناقدة الأمريكية سوزان سونتاج (1933 – 2004) في الأوهام العقابية أو العاطفية الملفقة عن المرض، وذلك بعد تقديمها نماذج لهذه الأوهام التي ترى أنها أخذت طابعًا أو صفات قومية.
تسلط سونتاج في كتابها الضوء على المعاني الاجتماعية للمرض منذ القرن التاسع قبل الميلاد، وصولًا إلى القرن العشرين ميلادي. وتناقش، في الوقت نفسه، استعمالات المرض كاستعارة، ثم تشرح هذه الاستعارات وتفندها في إطار سعيها إلى تحرير النظر إلى المرض منها.
