بدعوى الخوف من حربٍ نووية محتملة، أو استخدام لأسلحة نووية في الأزمة الأوكرانية الحالية، قررت رومانيا توزيع 30 مليون كبسولة دواء مضاد للإشعاع النووي على السكان، وذلك تحسبًا لأي تطوّر مفاجئ للأحداث في المنطقة.
فقد أتمّ أحد المصانع الصيدلانية الكبرى في رومانيا مؤخرًا إنتاج أكثر من 30 مليون كبسولة من عنصر اليود، الذي يساعد في حماية الإنسان من الآثار المحتملة للإشعاع النووي، في حالة حصل الأسوأ ولجأت روسيا إلى استخدام الأسلحة النووية في حربها ضد أوكرانيا.
يأتي ذلك في ظل استمرار التهديدات الروسية باللجوء إلى هذا الخيار، في حال شعرت روسيا بتهديد حقيقي من قبل حلف شمال الأطلسي، وذلك بحسب تصريحات لدبلوماسي روسي إلى قناة سكاي نيوز البريطانية، وهو ما أكّده الكرملين في وقت سابق، حيث أشارت موسكو بوضوح إلى أنّ "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".
هذه التصريحات أثارت تخوفات لدى الدول المجاورة لأوكرانيا في حال وقوع مثل هذا السيناريو، والذي يعيد إلى الأذهان كارثة تشيرنوبل النووية بعد الحادث الذي وقع في المفاعل النووي فيها عام 1986.
وقد سارعت الشركة المملوكة للدولة إلى إنتاج 30 مليون كبسولة من اليود/الأيودين المضادة للإشعاع والتي تساعد في الوقاية من آثاره السمّية الضارة المسرطنة على الإنسان ولاسيما الأطفال، حيث تم إيلاء أولوية في توزيع الأدوية على الحوامل والنساء والأطفال، وهم الفئات الأكثر عرضة للتأثر بشكل أشدّ من أي آثار إشعاعية نووية محتملة.
تناول كبسولات اليود قبيل أو بعيد أي انفجار نووي قد يكون حاسمًا في حماية الناس من اليود المشعّ الذي يترافق مع أي حادثة نووية، حيث تعمل هذه الكبسولات الوقائية على منع الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشعّ الذي يتسبب بالسرطان. ومع أن هذه الكبسولات لا تقي من الأخطار الأخرى المرتبطة بالإشعاع النووي، خاصة لأولئك الأكثر قربًا من موقع الانفجار، إلا أنها تساعد القاطنين في المناطق المجاورة الأبعد على الوقاية من الآثار غير المباشرة لأي حادث نووي.
ومع تصاعد التحذيرات الروسية التي ضخّمتها الأدوات الإعلامية من أطراف النزاع، خرج رئيس الوزراء الروماني مطلع الشهر الجاري ليعترف بأن بلاده لا تمتلك ما يكفي من حبوب اليود المضاد للإشعاع النووي، وأوعز للسلطات بالتحضّر لإنتاج ما يكفي منها لكافة المواطنين في أوكرانيا، تحسبًا لأي تطور مفاجئ للحرب في أوكرانيا المجاورة لها من جهة الشمال.
إلا أنّ كبسولات اليود ترتبط بعامل آخر أكثر حسمًا لا يقلّ أهميّة عن توفيرها للسكّان، يتعلق بتوقيت الإيعاز للسكان بتناولها في حال وقوع أي حادث نووي. فبحسب المختصين، فإنه في حال تناول السكان الكبسولة في اليوم السابق للتعرض للإشعاع، فإن 90 بالمئة منهم سيحصل على الحماية المطلوبة ضد الإشعاع، أما في حال تم تناول الكبسولة بعد ثماني ساعات من التعرض للإشعاع، فإن 50 بالمئة فقط سيحصلون على الحماية، بينما ستنخفض هذه النسبة إلى 10 بالمئة فقط في حال تناولها بعد 24 ساعة.
لمقدار تركيز الجرعة في الكبسولة دور مهمّ في تحديد مدى فعاليتها في الوقاية من الإشعاع النووي
كما أن لمقدار تركيز الجرعة في الكبسولة دور مهمّ في تحديد مدى فعاليتها في الوقاية من الإشعاع النووي، إذ يلزم أن تكون الكبسولة بمعيار 1،000 ميكروغرام على الأقل بحسب بعض التوصيات، في حين أن الكثير من الخيارات المتوفرة في الأسواق في رومانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، تقل عن ذلك، ولا تتجاوز 600 ميكروغرام.