تعود بدايات المدرسة الواقعية، إحدى أكثر المدارس الفنية شهرةً وإثارةً للاهتمام في التاريخ، إلى مطلع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، الذي يرى البعض أنها ولدت بفعل التغيّرات الثقافية والاجتماعية التي شهدتها الدول الأوروبية خلاله بفعل ثورات عام 1848، التي تُعرف أيضًا باسم "ربيع الأمم".
تتميز المدرسة الواقعية برسم الفنانين المنتمين إليها للواقع كما هو حقًا، وذلك على العكس تمامًا من الفنانين الرومانسيين الذين اعتمدوا على ثنائية الخيال والعاطفة في إنجاز لوحاتهم. ولذلك يرى بعض النقاد بأن الواقعية جاءت ردًا على الرومانسية التي أهملت الحياة اليومية التي جعل منها الفنانون الواقعيون، في المقابل، موضوعًا للوحاتهم.
هنا وقفة مع أشهر 9 لوحات رسمها روّاد المدرسة الواقعية.
1. كسارو الحجارة
يُعتبر غوستاف كوربيه (1819 – 1877) واحدًا من أشهر الرسامين الفرنسيين، وأكثرهم مشاكسةً وإثارةً للجدل أيضًا. لكنه يُعرف كذلك بوصفه أحد رواد المدرسة الواقعية التي تنتمي إليها لوحاته، ومنها لوحته الشهيرة "كسارو الحجارة" التي يظهر فيها شاب وعجوز يقومان بتكسير الحجارة إلى قطع صغيرة. وهي مهمة شاقة سعى كوربيه من خلال لوحته هذه إلى تسليط الضوء على معاناة من يعمل فيها.
2. معرض الخيول
تمحورت أعمال الرسامة الفرنسية روسا بونهور (1822 – 1899) حول الحيوانات والمشاهد الطبيعية الرعوية، التي رسمتها بدقة متناهية جعلت منها واحدة من أشهر الفنانات في تاريخ الفن الحديث. وتُعتبر لوحتها "معرض الخيول"، التي رسمتها بين عامي 1852 – 1855، وصوّرت فيها تجارًا يبيعون الخيول في معرض للخيول أُقيم في باريس خلال القرن التاسع عشر، أكثر لوحاتها شهرةً.
3. حاصدات السنابل
اشتُهر الرسام الفرنسي جان فرانسوا ميليه (1814 – 1875) برسم العمال والفلاحين الذين شغلوا حيزًا واسعًا من لوحاته التي تنتمي إلى المدرسة الواقعية، ولعل أشهرها لوحة "حاصدات السنابل" التي انتهى من رسمها عام 1857، وصوّر فيها 3 فلاحات يجمعن ما تبقى من سنابل القمح بعد الحصاد.
ولأنها تصوّر فئةً كانت تُعتبر من أدنى طبقات المجتمع الفرنسي آنذاك، وتوثق فقرها ومعاناتها أيضًا، أثارت لوحة ميليه امتعاض الطبقة الأرستقراطية ونقاد الفن الذين لم يجدوا فيها، وبحسب الكثير من المؤرخين، عملًا فنيًا جديرًا بالاهتمام.
4. الملائكة
"الملائكة" هي أيضًا من أشهر لوحات جان فرانسوا ميليه، التي دارت مواضيعها مدار الفقر والشقاء اللذين اتسمت بهما حياة الفلاحين الفرنسيين، إذ تصوّر اللوحة التي رُسمت في عام 1859، فلاحين ينحنيان للصلاة بعد يوم شاق من العمل في حقول البطاطا.
5. والدة ويسلر
تحظى لوحة "والدة ويسلر" للرسام الأمريكي جيمس مكنيل ويسلر (1834 – 1903)، التي انتهى من رسمها عام 1871، بأهمية كبيرة بين نقاد الفن والمهتمين به، بل إن البعض يرى أنها النسخة الأمريكية من "الموناليزا"، ذلك أنها تنطوي على ما تنطوي عليه الأخيرة من تفاصيل مثيرة وغامضة.
يرسم ويسلر في اللوحة والدته التي تجلس بوقار كبير يظهر الجانب القوي من شخصيتها. ويقال إن ويسلر رسمها بعد عدم تمكن العارضة التي اتفق معها على رسمها من المجيء إلى مرسمه، فقرر حينها رسم والدته.
6. بحّارة على نهر الفولغا
رسم الفنان الروسي إيليا ريبين (1844 – 1930) الكثير من اللوحات التي تجسد طبيعة حياة الشعب الروسي عمومًا، والعمال خصوصًا، بدقة متناهية جعلت منه واحدًا من أهم رسامي المدرسة الواقعية، ورائد الواقعية الروسية دون منازع. وتُعتبر لوحته "بحّارة على نهر الفولغا"، التي انتهى منها عام 1873، إحدى أكثر لوحاته الواقعية شهرةً.
وفيها، يصوّر ريبين ملامح التعب والإرهاق على وجوه مجموعة من العمال الذين يقومون بسحب قارب إلى ضفاف النهر بصعوبة بالغة.
7. عيادة غروس
تصوّر لوحة الرسام الأمريكي توماس ايكنز (1844 – 1916)، التي اختار من "عيادة غروس" عنوانًا لها، الطبيب صموئيل د غروس، أحد أشهر الجراحين في العالم، بينما يجري عملية جراحية تعليمية مع بعض طلابه في كلية جيفرسون الطبية. وتتميز هذه اللوحة بتفاصيلها الواقعية الدقيقة التي جعلت منها إحدى أهم لوحات المدرسة الواقعية.
8. صقور الليل
يرسم الفنان الأمريكي إدوارد هوبر (1882 – 1967) في لوحته الشهيرة "صقور الليل"، التي رسمها في عام 1942، 3 أشخاص يجلسون في بار صغير بطريقة توحي بغياب أي تواصل بينهم، وتشير إلى هيمنة الوحدة على المجتمع الأمريكي خلال النصف الأول من القرن العشرين، كما تفضح تناقضات ما يُعرف بـ "الحلم الأمريكي".
وعدا عن كونها إحدى أشهر الأعمال الفنية التي تناولت موضوع الوحدة، فإنها تُعتبر أيضًا واحدة من أشهر لوحات المدرسة الواقعية.
9. عالم كريستينا
تستمد لوحة "عالم كريستينا" للرسام الأمريكي أندرو وايث (1917 – 2009)، الذي رسمها في عام 1948، واقعيتها من كونها تصوّر شخصية حقيقية يعتقد عدد كبير من مؤرخي الفن أنها من معارف وايث، واسمها آنا كريستينا أولسون، وتعاني من اضطرابات عضلية بسبب إصابتها بشلل الأطفال، وهذا ما يفسّر ظهورها في اللوحة بطريقة توحي بأنها عاجزة عن الحركة.