في أواخر نيسان/ أبريل عام 1920، بعد نحو عام ونصف على نهاية الحرب العالمية الأولى، ظهرت في مدينة نيويورك جماعة أدبية حملت اسم "الرابطة القلمية"، وضمت مجموعة من كبار أدباء المهجر، السوريين واللبنانيين، وهم: جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، ووليم كاتسفليس، وندرة حداد، وإيليا أبو ماضي، ووديع باحوط، ورشيد أيوب، وإلياس عطا الله، وعبد المسيح حداد، ونسيب عريضة.
تأسست الرابطة بهدف بث روح جديدة في جسم الأدب العربي وانتشاله من وهدة الخمول والتقليد إلى حيث يصبح قوة فعالة
تُعد الرابطة واحدة من أهم الجماعات الأدبية التي سعت إلى تجديد الأدب العربي، ذلك أنها تأسست بعد عدة لقاءات بين أعضائها الذين تحدثوا خلالها عن: "الأدب وعما يمكن الأدباء السوريين في المهجر القيام به لبث روح جديدة نشيطة في جسم الأدب العربي وانتشاله من وهدة الخمول والتقليد إلى حيث يصبح قوة فعالة في حياة الأمة"، بحسب ما ذكره الشاعر اللبناني ميخائيل نعيمة، أحد أعضاء الرابطة، في كتابه "جبران خليل جبران".
يقول نعيمة إن الرابطة تأسست، رسميًا، ليلة الثامن والعشرين من نيسان/ أبريل 1920، وذلك بعد لقاء جمع أعضائها في منزل جبران خليل جبران، الذي انتُخب رئيسًا لها، بينما انتُخب نعيمة مستشارًا، ووليم كاتسفليس أمينًا لصندوقها.
"الرابطة القلمية".. تجديد الأدب العربي لغةً وأسلوبًا
وذكر مؤلف "في مهب الريح" في كتابه بأن أعضاء الرابطة عهدوا إليه بمهمة تنظيم قانونها، الذي كتب في مقدمته: "إن هذه الروح الجديدة التي ترمي إلى الخروج بآدابنا من دور الجمود والتقليد إلى دور الابتكار في جميل الأساليب والمعاني لَحريّة في نظرنا بكل تنشيط ومؤازرة، فهي أمل اليوم وركن الغد".
وأضاف: "كما أن الروح التي تحاول بكل قواها حصر الآداب واللغة العربية ضمن دائرة تقليد القدماء في المعنى والمبنى هي في عرفنا سوس ينخر جسم آدابنا ولغتنا وإن لم تقاوم ستؤدي بها إلى حيث لا نهوض ولا تجدد". ويتابع: "بيد أننا، إذا ما عملنا على تنشيط الروح الأدبية الجديدة، لا نقصد بذلك قطع كل علاقة مع الأقدمين. فبينهم من فطاحل الشعراء والمفكرين مَن ستبقى آثارهم مصدر إلهام لكثيرين غدًا وبعد الغد. إلا أننا لسنا نرى في تقليدهم سوى موت لآدابنا".
حدد أعضاء الرابطة أهدافها بنشر مؤلفاتهم ومؤلفات غيرهم من كتّاب العربية المستحقين، إضافةً إلى ترجمة المؤلفات المهمة من الآداب الأجنبية، وتشجيع الأدباء عبر منح جوائز مالية في الشعر والنثر والترجمة.
حدد أعضاء الرابطة أهدافها بنشر مؤلفاتهم ومؤلفات غيرهم من كتّاب العربية المستحقين، إضافةً إلى ترجمة المؤلفات المهمة من الآداب الأجنبية
لكن الرابطة لم تنشر، طوال سنوات نشاطها بين 1920 – 1932، سوى كتابًا واحدًا هو "مجموعة الرابطة القلمية لسنة 1921"، الذي ضم مختارات من شعر ونثر أعضائها. ومع ذلك، كان صدور المجموعة: "حدًّا فاصلًا بين عهدين من عهود الأدب العربي، عهد سابق بقي فيه الأدب عامة والشعر خاصة عملًا آليًا ليس فيه روح أو حياة، كل ما هنالك تقليد ومسايرة للقديم، سواءً في الألفاظ والمعاني والأخيلة، وعهد لاحق فُكّت فيه الأغلال وكسرت القيود، وخرج فيه الأدب العربي إلى عهد من الحرية والنور"، وفقًا لما ذكرته الكاتبة والباحثة الفلسطينية نادرة جميل سراج في كتابها "شعراء الرابطة القلمية".
في المقابل، تعرضت "الرابطة القلمية" للكثير من النقد، وعدّها الشاعر اللبناني الراحل خليل حاوي: "مجرد مشروع حلم به جبران، والأعضاء تابعون له، وتسميته بعميد الرابطة اعتراف منهم بتفوقه الأدبي عليهم ليس إلا". وهذا ما يفسّر، بحسب البعض، انفراط عقدها بعد وفاة جبران في عام 1931.