اختارت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس حاكم ولاية مينيسوتا، تيم والز، نائبًا لها خلافًا لما كان متوقعًا، حيث كان الجميع يشير بالبنان إلى حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو. ويعدّ اختيار والز، الذي كان محاربًا قديمًا في الجيش وممثلًا في الكونغرس لمنطقة ريفية تميل للجمهوريين، محاولةً صريحةً من هاريس لجذب الناخبين البيض، خاصةً من الطبقة العاملة الذين ابتعدوا عن الديمقراطيين وساعدوا في تغذية الصعود السياسي لدونالد ترامب، قبل أن ينجح بايدن في استمالة بعض أوساطهم لصالحه في انتخابات 2019 التي أطاح فيها بترامب.
وعلى الرغم من أنّ والز صرّح بدعمه الواضح لإسرائيل، وكان في صدارة الذين أدانوا هجوم السابع من تشرين الثاني/أكتوبر 2023 الذي نفذته "كتائب القسام" في مستوطنات غلاف غزة؛ إلا أنه لم يهاجم، عكس شابيرو، احتجاج شباب الجامعات في ولايته، بل دافع عن حقهم في الاحتجاج وأعرب عن تعاطفه مع رسالتهم الأوسع حول المعاناة في غزة. ويحرص والز، في معظم لقاءاته، على تكرار عبارة: "نتفق جميعًا على أن الوضع في غزة لا يطاق، كما أنّ ما حدث في السابع من أكتوبر هو عملٌ لا يطاق".
وكان والز من أشد مناصري الاتفاق النووي مع إيران خلال رئاسة باراك أوباما، واشتهر بانتقاداته لانسحاب ترامب من الاتفاق. لهذا وغيره من سياساته الاجتماعية، التي سنأتي على جانبٍ منها لاحقًا في التقرير، اعتبر الجمهوريون اختيار هاريس لوالز كارثيًا، وعبّر نائب المرشح الجمهوري، دي فانس، عن ذلك عندما اعتبر والز أكثر يساريةً وتشددًا من هاريس نفسها، محذرًا من تداعيات اختيارهما.
نبذة
تشير السيرة الذاتية لتيم والز، واسمه الكامل تيموثي جيمس والز، إلى أنه من مواليد العام 1964 بمدينة ويست بوينت بولاية نبراسكا في منطقة الغرب الأوسط بالولايات المتحدة الأميركية.
شارك والده جيمس والز الذي كان مدير مدرسة في الحرب الكورية، قبل أن يصاب بسرطان الرئة الذي كان سبب وفاته بعد عامٍ من حصول ابنه تيم على الثانوية العامة.
يعدّ اختيار والز محاولة صريحة من هاريس لجذب الناخبين البيض، خاصةً من الطبقة العاملة الذين ابتعدوا عن الديمقراطيين
وبحسب مقربين من تيم والز، فقد تربى منذ صغره على مبادئ وأخلاقيات العمل الجماعي والخدمة العامة، مما وفر له أحد أسباب النجاح في حياته السياسية.
في العام 1994، تزوج تيم والز من غوين وايبل التي كانت مدرسةً معه في إحدى الثانويات، وأنجبا ولدين هما هوب وغوس.
أما معطياته الدراسية والمهنية، فتشير إلى حصوله على الثانوية العامة من ثانوية بوت عام 1982، لينخرط على إثرها في الحرس الوطني للجيش الأميركي. وبعد سنوات زاوج والز بين عمله والدراسة الجامعية ليتخرج من جامعة تشادرون بولاية نبراسكا، التي حصل منها عام 1989 على بكالوريوس في علم الاجتماع، وفي عام 2001 واصل دراسته وحصل على الماجستير في علوم التربية من جامعة مينيسوتا.
وتم قبوله للدراسة في جامعة هارفارد، لكنه فضل الذهاب في بعثة للتعليم في الصين، حيث أمضى هناك قرابة عام.
وبعد عودته من الصين عمل والز مدرسًا بالمدارس الثانوية. وشهد العام 2005 تفرغه للحياة الأكاديمية والسياسية باستقالته من الحرس الوطني الأميركي.
التجربة والآراء السياسية
انتُخب تيم والز في العام 2006 عضوًا في الكونغرس الأميركي، وفي الفترة بين 2018 و2022 انتخب حاكمًا لولاية مينيسوتا، وأعيد انتخابه أيضًا للمنصب نفسه في 2022.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، دفع والز خلال ولايته كحاكم بأجندةٍ تقدمية إذ عمل على توسيع الحقوق الإنجابية وحقوق التصويت، ووضع الأساس لإيصال مينيسوتا إلى 100 في المئة من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2040، وخفض الضرائب على الطبقة المتوسطة.
كما وقع والز خلال ولايته على أمر تنفيذي يلغي شرط الحصول على شهادة جامعية لـ75 في المائة من وظائف ولاية مينيسوتا.
كما وقّع والز على أكبر استثمار في التعليم في تاريخ مينيسوتا بموافقته على قانون يحدد ميزانية التعليم في الولاية بقيمة 2.3 مليار دولار، وتضمنت الإجراءات المصاحبة تقديم وجبات إفطار وغداء مجانية في المدرسة، وتخصيص استثمارات كبيرة لمحو الأمية.
وفي ذات المجال أيضًا، ضمن الدراسة مجّانًا في الجامعة للطلاب الذين يقل دخل أسرهم عن 80 ألف دولار سنويًا، وذلك بهدف تنمية القوى العاملة في مينيسوتا.
ورفع والز سن شراء السجائر إلى 21 عامًا، وخصص 300 مليون دولار لتلبية احتياجات السلامة العامة ومكافحة الجريمة، وزاد العقوبات الجنائية على شراء الأسلحة النارية.
كما خفّض الضرائب عن الأسر العاملة والطبقة المتوسطة والشركات الصغيرة، وقدم منحًا لكبار السن والطلاب والأسر من الطبقة المتوسطة تصل قيمتها إلى 1300 دولار.
ووقّع والز كذلك على مشروع يعتبر الأكبر في تاريخ الولاية لإعادة بناء الطرق والجسور وإصلاح محطات الإطفاء ومعالجة المياه، وأيضًا تحديث منازل المقاتلين القدامى وأنظمة تخفيف الفيضانات.
وجعل من أهدافه أن يوصل ولاية مينيسوتا إلى 100% من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2040، ووسع البنية التحتية للسيارات الكهربائية في الولاية.
كل هذه الأمور جعلته يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الطبقة العاملة، على الرغم من أنه واجه انتقادات من الجمهوريين بأن سياساته كانت ليبراليةً للغاية، مثل تقنين الماريغوانا الترفيهية للبالغين، وتوسيع حقوق الإجهاض، وتوسيع نطاق حماية المثليين جنسيًا، وتوسيع مجانية التعليم الجامعي، وتوفير وجبات مجانية لأطفال المدارس في الولاية.
أما نقاط الضعف التي تحفّ باختيار والز نائبًا لكامالا هاريس، فتتعلق أساسًا بشهرته المحدودة مقارنةً مع المرشحين الآخرين لمنصب نائب الرئيس، كما أنه لا ينحدر من ولاية تعد ساحة معركة تقليدية، فمينيسوتا تدعم عادةً الديمقراطيين، وقد دعمت مرشّحًا رئاسيًا جمهوريا مرةً واحدةً فقط منذ عام 1960.
وسيكون والز مطالبًا بإثبات أحقيته وقيمته السياسية خلال الأشهر الثلاثة المتبقية على الانتخابات الرئاسية المزمعة في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
ولعلّ أبرز اختبارٍ حقيقي سيواجهه، هو خوض مناظرة محتملة مع السيناتور، جيه دي فانس الذي اختاره ترامب مرشحًا لمنصب نائب الرئيس. لكن قبل ذلك على والز أن يُثبت حضوره مع هاريس الأسبوع القادم عندما تبدأ المحطة الأولى من جولاتها الانتخابية التي ستشمل الولايات المتأرجحة (ميشيغان وويسكونسن ونيفادا وأريزونا وفلوريدا ونبراسكا ونيوهامبشر وكارولينا الشمالية).