كشفت التحقيقات المرتبطة بما صار يعرف بأحداث "الأربعاء الأسود" عن مشاركة موظفين في وكالات إنفاذ القانون باقتحام مبنى الكابيتول خلال جلسة المصادقة على فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية على حساب الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترامب، مع وجود تقارير إضافية تتحدث عن تخطيط مناصري ترامب مسبقًا لعملية اقتحام الكابيتول، الأمر الذي يشير إلى أن ما حصل يوم الأربعاء الماضي لم يكن مجرد حركة احتجاج خرجت عن السيطرة.
كشفت التحقيقات المرتبطة بما صار يعرف بأحداث "الأربعاء الأسود" عن مشاركة موظفين في وكالات إنفاذ القانون باقتحام مبنى الكابيتول
إحالة ضباط في وكالات إنفاذ القانون للتحقيق
على الرغم من تضارب إحصائية أعداد الضباط والمسؤولين في وكالات إنفاذ القانون على المستوى الوطني للولايات المتحدة ممن شاركوا في أحداث "الأربعاء الأسود"، فإن الموقع الإلكتروني لمجلة تايم الأمريكية تحدث عن مشاركة 28 ضابطًا ومسؤولًا في اقتحام الكابيتول قبل أكثر من أسبوع، لافتًا إلى أن المحققين خلصوا إلى واحدة من النتيجتين إما الاشتباه أو انضمام ضباط الشرطة لعملية الاقتحام، وهو ما يتعارض مع قسمهم على حماية الدستور وسيادة القانون، الذي يؤدونه منذ لحظة دخولهم الخدمة رسميًا.
اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: سيناريوهات إقالة ترامب ومستقبل الحزب الجمهوري
ومن المتوقع أن يواجه ضباط الشرطة المشاركون في عملية الاقتحام "عقوبات شديدة"، وفقًا لما أشار رئيس شرطة هيوستن في ولاية تكساس آرت أسيفيدو، الذي وصف طبيعة التهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة من قبل مناصري ترامب بأنها "غير مسبوقة"، متوقعًا تنظيمهم للمزيد من الاحتجاجات العنيفة على المستوى الوطني، خلال الفترة التي تستبق تولي إدارة بايدن لمهامها رسميًا في البيت الأبيض.
وأظهرت التحقيقات الداخلية التي توصل إليها المحققون وجود دلائل على مشاركة ضباط ومسؤولين من شرطة هيوستن، نيويورك، بنسلفانيا، ماريلاند، وكارولينا الشمالية إلى جانب العاصمة واشنطن في اقتحام الكابيتول، بينما صدر قرار بإيقاف عناصر شرطة الكابيتول عن العمل، والتحقيق معهم بتهم سلوكية، مع تزايد الدعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي لفصل ومحاسبة الضباط المتورطين باقتحام الكابيتول.
وتعليقًا على مشاركة ضباط الشرطة في اقتحام الكابيتول، أشارت المجلة الأمريكية إلى أن نقابات الشرطة في المدن والولايات الأمريكية شهدت خلال السنوات الماضية، انخراطًا متزايدًا في القضايا الحزبية، مشيرةً إلى أنه على سبيل المثال لا الحصر، فقد حظي ترامب بتأييد الرابطة الخيرية لشرطة مدينة نيويورك، إضافة لأكبر اتحاد للشرطة في الولايات المتحدة، خلال حملة إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية.
لم تكن مجرد حركة احتجاجية
تشير شبكة سي إن إن في تقرير لها نقلًا عن مسؤول قانوني فيدرالي أن المحققين توصلوا لأدلة تظهر استخدام المقتحمين للكابيتول أسلحة وتكتيكات تمكنوا من رصدها عبر فيديوهات للمراقبة تمت مراجعتها، موضحًا أن المستوى العالي من التخطيط أظهر أن "الهجوم لم يكن مجرد احتجاج خرج عن السيطرة"، وهو ما دفع بالادعاء العام للتعامل مع التحقيق على أنه "تهديد إرهابي واسع".
وبحسب سي إن إن فإن التحقيقات تزعم بأن المتهميّن كليفلاند ميريديث جونيور ولوني كوفمان أحضرا معهما ترسانة من الأسلحة إلى واشنطن بهدف انضمامهما لما يسمى بـ"الحرب"، حيثُ يواجه كوفمان تهمًا جنائية لحيازته أسلحة متنوعة، في حين استند المحققون في التهم الموجهة لميريديث إلى مقطع مصور كان يظهر خلاله مهددًا بإطلاق الرصاص على رأس زعيمة الكابيتول هيل نانسي بيلوسي، مشيرين إلى أن التهديدات التي أطلقها ميريديث كانت "بذيئة" تحمل في مضمونها "كرهًا للنساء".
إلى جانب ذلك أظهرت التحقيقات أن المشاركين في أحداث العنف داخل الكابيتول كانت لديهم النية في أسر واغتيال مسؤولين منتخبين في حكومة الولايات المتحدة، واستند المحققون في ادعائهم إلى ملاحظة قصيرة تركها جيكوب تشانسلي كتب عليها مهددًا نائب الرئيس مايك بنس بالقول "إنها مجرد مسألة وقت.. العدالة قادمة"، واشتهر تشانسلي الذي يؤمن بنظرية المؤامرة بعدما تداولت منصات التواصل الاجتماعي صورة له وهو يضع فراء يخرج منه قرنان على رأسه.
دعوات لحظر الجماعات اليمينية المسلحة
أمام التقارير التي تحدثت عن مخططات مقتحمي الكابيتول، دعا عدد من الخبراء القانونيين إلى ضرورة إصدار قوانين طويلة الأمد تحظر الجماعات المنظمة ضمن ميليشيات بدون ترخيص، إذ إنه على الرغم من حظر عمل مثل هذه المجموعات في 29 ولاية، فإن العديد من هذه الجماعات تنخرط في أنشطة خاصة بوكالات إنفاذ القانون، كمال الحال مع المجموعات التي ادعت أنها خرجت لحماية الممتلكات العامة خلال الاحتجاجات المناهضة للعنصرية، ومن بينها جماعة حراس القسم المتهمة باقتحام الكابيتول، وجماعة ثلاثة بالمائة اليمينية المتطرفة.
وبحسب ما تشير التقارير الأمريكية فإن شعبية الجماعات اليمينية المتطرفة شهدت ارتفاعًا منذ انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عام 2008، وتعهدت معظم هذه الجماعات بالولاء لترامب بعد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة في عام 2016، وتتحدث التقارير عن وجود مخططات لدى الجماعات اليمينية مرتبطة بتنظيمهم أحداث عنف مسلحة خلال الأيام القادمة، قبل أقل من أسبوع من موعد انتقال بايدن للإقامة في البيت الأبيض، والتي دعمت التحذيرات التي أطلقها مكتب التحقيقات الفيدرالي ذات الصلة في وقت سابق.
وأوضحت تقارير أمريكية أن الجماعات اليمينية المتطرفة تعمل ضمن مجموعة صغيرة يكون أعضاؤها دائمًا من الرجال، حيثُ يظهرون مسلحين بالبنادق، وشارات متنوعة لا تدل على انتماء واضح، مما يجعل الاعتقاد خطأ بأنهم من الحرس الوطني أو الجيش الأمريكي، بسبب ارتدائهم زيًا عسكريًا وحملهم لبنادق هجومية، وفيما يُنظر للجماعات التي تنظم نفسها ضمن ميليشيات على أنها مجموعة من المواطنين التي تساعد السلطات المحلية خلال أوقات الحرب والطوارئ الوطنية، فإن الجماعات اليمينية ليس لها أي سلطة قانونية، ويُعرف عن بعضها عدائها الشديد للحكومة الأمريكية.
وكانت المتحدثة باسم منصة فيسبوك للتواصل الاجتماعي قد أشارت إلى رصدهم إشارات تدل على احتمال ارتكاب أعمال عنف مرتبطة بتحدي نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وذلك بعد فترة قصيرة من تداول صور ومقاطع فيديو لانتشار الحرس الوطني داخل الكابيتول، مع توجه شرطة واشنطن لنشر 20 ألف عنصر من الحرس الوطني في العاصمة لتأمين مراسم تنصيب بايدن يوم الأربعاء القادم.
شعبية الجماعات اليمينية المتطرفة شهدت ارتفاعًا منذ انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عام 2008، وتعهدت معظم هذه الجماعات بالولاء لترامب بعد انتخابه
وقالت المتحدثة التي طلبت عدم الكشف عن اسمها لأسباب أمنية إن الإشارات التي تعقبتها منصة التواصل الاجتماعي منذ اقتحام الكابيتول تضمنت نشرات رقمية تروج للأحداث، وبعضها يشمل دعوات لحمل السلاح أو شارات ميليشيات أو جماعات الكراهية، ويأتي تصريح المنصة بالتزامن مع مواجهة شركات التكنولوجيا ضغوطًا متزايدة من أجل التصدي للمحتوى المضلل المرتبط بنتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية.