يعتقد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، غيورا آيلاند، أن إسرائيل ستواجه أشهرًا من القتال في غزة ما لم يستغل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الفرصة التي أتاحها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، لإنهاء الحرب. وفق ما تنقله وكالة "رويترز" للأنباء.
فمنذ استشهاد السنوار هذا الشهر، كان آيلاند من بين مجموعة من كبار الضباط السابقين الذين يشككون في استراتيجية الحكومة الإسرائيلية في غزة، حيث عاد الجنود هذا الشهر إلى القتال في مناطق الشمال التي ادعى جيش الاحتلال أنه قام "بتطهيرها" مرتين على الأقل سابقًا.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، كانت القوات الإسرائيلية تعمل حول جباليا في شمال غزة، وهذه هي المرة الثالثة التي تعود فيها إلى اقتحام المخيم والبلدة منذ بدء عدوانها على غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023. وبدلًا من "النهج المفضل" للجيش الإسرائيلي المتمثل في القيام بـ"عمليات حاسمة سريعة"، يقول العديد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين إن الجيش يخاطر بالانجرار إلى معركة مفتوحة تستلزم وجودًا دائمًا لقواته.
على الرغم من أن هذه التكتيكات لن تمنع الجيش الإسرائيلي من التحرك في غزة كما يشاء، إلا أنها لا تزال قادرة على فرض تكلفة كبيرة على إسرائيل
يشار إلى أن آيلاند، الذي تولى سابقًا رئاسة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، هو صاحب الخطة الأكثر إثارةً للجدل التي تعرف باسم "خطة الجنرالات"، وتهدف لتهجير كل سكان شمال غزة من المدنيين للفصل بينهم وبين المقاتلين المتبقيين في الشمال.
وقد أثارت العملية العسكرية الإسرائيلية هذا الشهر مخاوف من أن الجيش قد تبنى "خطة الجنرالات"، على الرغم من ادعاءه بأن العملية هي قصيرة الأجل لمواجهة مقاتلي حماس في الشمال، لكن الفلسطينيين يرونها تهدف إلى إخلاء المنطقة بشكل دائم لخلق منطقة عازلة بعد الحرب.
ونفى الجيش الإسرائيلي اتباعه أي خطة من هذا القبيل، ويعتقد آيلاند نفسه أن الاستراتيجية المتبعة حاليًا ليست خطته، وليست احتلالًا كلاسيكيًا، وقال آيلاند لـ"رويترز": "لا أعرف بالضبط ما يحدث في جباليا، لكنني أعتقد أن الجيش الإسرائيلي يقوم بشيء ما بين الخيارين، الهجوم العسكري العادي وخطتي."
بدوره، يقول القائد السابق للقيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، يوم-توف سامية، لهيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان" إن: "الحكومة الإسرائيلية تعمل في غزة بشكل يتعارض تمامًا مع مفهوم الأمن الإسرائيلي".
لا نية للبقاء
منذ بداية العدوان، أعلن نتنياهو أن الهدف من الحرب هو إعادة المحتجزين في غزة وتفكيك حركة حماس، وليس هناك نية للبقاء في غزة، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تضع خطة واضحة لما بعد الحرب.
وبدون استراتيجية متفق عليها، تخاطر إسرائيل بأن تعلق في غزة في المستقبل المنظور، حسبما قال مدير برنامج أبحاث السياسة الأمنية الوطنية الإسرائيلية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أوفر شيلح، الذي أضاف أن: "الوضع بالنسبة لإسرائيل هش للغاية في الوقت الحالي. نحن ننزلق نحو وضع تعتبر فيه إسرائيل الحاكم الفعلي في غزة".
عمليات كر وفر
مع التركيز العسكري الإسرائيلي نحو الشمال، بعد إطلاق إسرائيل لعدوانها الشامل على لبنان، انخفض عدد الفرق العسكرية الإسرائيلية المشاركة في القتال بغزة إلى اثنتين مقارنة مع خمس فرق عند بدء الحرب.
⚠️
تحويل الفلسطينيين إلى دروع بشرية.. ما القصة؟🚨اعترف جندي إسرائيلي بأن جيش الاحتلال أجبر الفلسطينيين على دخول المنازل والأنفاق التي يُحتمل أن تكون مفخخة في غزة، وذلك بهدف تجنب تعريض جنود الاحتلال للخطر، فيما أكد صحة هذه الرواية خمسة فلسطينيين، قالوا إنهم تعرضوا لهذه الممارسة… pic.twitter.com/5XM8mrfFqM
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 25, 2024
ووفقًا لتقديرات مصادر أمنية إسرائيلية، يوجد ما بين 10 آلاف و15 آلف جندي في كل فرقة، وتقدر الجهات الأمنية الإسرائيلية أن لدى حماس 25 كتيبة عند بداية الحرب، وادعت أنها "قامت بتفكيكها منذ فترة طويلة، وتم قتل حوالي نصف القوة". لكن مجموعات من المقاتلين لا تزال قادرة على تنفيذ عمليات كر وفر ضد القوات الإسرائيلية. وقال أحد مقاتلي حماس، عبر تطبيق دردشة: "نحن لا نشتبك مع الدبابات على الأرض، نحن نختار أهدافنا"، وأضاف: "نحن نعمل بطريقة تبقينا نقاتل لأطول فترة ممكنة".
وعلى الرغم من أن هذه التكتيكات لن تمنع الجيش الإسرائيلي من التحرك في غزة كما يشاء، إلا أنها لا تزال قادرة على فرض تكلفة كبيرة على إسرائيل. وخلال العملية العسكرية الحالية في جباليا قُتل قائد اللواء المدرع 401 بعد استهدافه بعبوة ناسفة من قبل مقاتلي حماس، وهو أعلى رتبة قتلت في غزة خلال الحرب. كما قتل ثلاثة جنود، أمس الجمعة.
وقال مسؤول عسكري سابق كبير لديه خبرة مباشرة في المنطقة، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "بعد مقتل السنوار، لا يوجد منطق للبقاء في غزة"، وأضاف: "ينبغي القيام بعمليات منهجية محددة الأهداف إذا ما قامت حماس بإعادة تنظيم قواتها واستئناف الحرب على إسرائيل، لكن ترك قوات دائمة في غزة يمثل خطرًا كبيرًا"، مشددًا على أهمية تأمين عودة المحتجزين ومن ثم الخروج من غزة.