عملتُ لفترةٍ قصيرة في تعليم محو الأمية، لشبابٍ أصغر وأكبر مني
كنتُ أرى صورة أمي على المقعد
حينما طلبت مني أن أعلّمها القراءة
أتت لي وهي تبكي: أريدُ أن أقرأ سورة الملك،
قالت لها جارتنا زوجة الشيخ: إنّها تمنع عذاب القبر
لم أكن أجادلها في مسألة الإيمان
كنتُ حريصة على ابتسامتها
وحينما قرأتْ السورة كاملةً لأكثر من مرة
صارت تبكي من السّعادة
ثمّ قلتُ لها لنتعلم الكتابة
فكتبت اسمي
وكل أسماء إخوتي
فعرفتُ بأنّ الأمهات
هنّ صغيرات أولادهن.
أمّي أول جمهوري
كانت تمسك برأس كل امرأة
وتقول لها:
صغيرتي تكتب الشّعر
كنتُ سأطلب منها أن تعلّم بناتك
لكنني سمعتُ مرة على التّلفزيون
بأنّ هذه موهبة من الله.
كانت تهزّ رأسها لي
كلّما قرأت لها
شعرتُ دائمًا بأنني على المسرح
ووحدها من تقف وتصفق لي
على الرّغم من أنها لا تعرف ماذا أقول
لكنني لم أجد قارئًا واحدًا
في كل حياتي
ينظر لي مثلها بفخر
ويشتهي ألّا تنتهي الكلمات
كانت ملهمتي
وكنتُ شاعرتها الوحيدة
والمفضلة.
حينما اعترفت لي أمي مرّة
بأوّل حب حياتها
وكيف رفضه جدي
لأسبابٍ أجهلها
تأكدت بأن الله اختارني
لأكون أمًا
لهذه المرأة المسكينة.