24-يوليو-2024
البرهان يتسلم أوراق اعتماد السفير الإيراني بالخرطوم

مراسيم تسلم أوراق اعتماد السفير الإيراني بالخرطوم (وكالة أنباء السودان)

بعد قطيعة دامت لأكثر من 8 سنوات، استأنفت إيران والسودان علاقاتهما الدبلوماسية في ظل تساؤلات عما إذا كانت المعطيات الإقليمية التي أدت لقطع العلاقات قد تغيّرت، أم أن ما تغيّر هو حسابات صانع القرار السوداني بعد عام من النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع المدعومة إماراتيًا، حسب السلطات السودانية؟

وتثير عودة العلاقات بين الخرطوم وطهران أسئلةً أخرى عديدة عن حدود وطبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه طهران في ظل تحول السودان إلى ساحة صراع إقليمي؟ مع الإشارة طبعًا إلى أن التعاون العسكري بين البلدين، قبل قطع العلاقات، كان حجر الزاوية في علاقاتهما.

شهد مطلع الأسبوع الجاري تسلم رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح  البرهان، أوراق اعتماد حسن شاه حسيني سفيرًا ومفوضًا إيرانيًا فوق العادة لدى الخرطوم التي سمت، هي في المقابل أيضًا، سفيرًا جديدًا في طهران، هو عبد العزيز حسن صالح.

العزلة المفروضة على الخرطوم، إلى جانب رغبة الجيش السوداني في الحصول على أسلحة نوعية، وخصوصًا المُسيرات، دافعٌ أساسي لتوطيد العلاقات مع إيران

وكان الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، قد قطع في حزيران/يونيو من العام 2016 علاقات بلاده مع إيران على خلفية اقتحام سفارة السعودية في طهران.

أي رسائل وتداعيات؟

اعتبرت مصادر في الخارجية السودانية أنّ عودة العلاقات  وتبادل السفراء مع إيران أمر طبيعي غير موجه ضد أي طرفٍ. وأضافت تلك المصادر، التي فضلت الكشف عن هويتها، أنّ العلاقات مع طهران قُطعت تضامنًا مع السعودية. وهذه الأخيرة، وفق ذات المصادر، قد: "استعادت علاقتها مع طهران بوساطة صينية وتبادل البلدان السفراء، وكذلك فعلت دول أخرى بالمنطقة".

وبالتالي فإن استئناف الخرطوم للعلاقات مع إيران يندرج ضمن ذات المساعي الإقليمية التي أدت قبل 8 سنوات إلى قطع العلاقات مع إيران، وأعادت ضبط تلك المساعي منذ عام 2023 تجاه تطبيع العلاقات معها.

لكنّ قراءةً أخرى تربط تبادل السفراء، الذي تأخر 9 أشهر عن استئناف العلاقات، بالخصومة الدبلوماسية بين سلطات الخرطوم والإمارات، التي تتهم من طرف السلطات السودانية بالوقوف وراء تمرد قوات الدعم السريع.

وبات من غير المستبعد، في ظل تواصل النزاع، أن تسعى الخرطوم للحصول على أسلحة إيرانية، رغم عدم إعلان الطرفين حتى اللحظة عن توقيع اتفاقات أو شراكات أمنية وعسكرية. لكن مسؤولين سودانيين شددوا على أنه لا يوجد ما يمنع بلادهم: "من شراء أسلحة من أي دولة بما في ذلك إيران، لأنه أمر مشروع ولا تمنعه الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي لا تحظر على الدول الحصول على الأسلحة للدفاع عن سيادة البلاد واستقرارها". 

وتُقرأ مثل هذه التصريحات، في دوائر التحليل الجيوسياسي، على أنها تبرير استباقي لسيناريو الحصول على أسلحة إيرانية في ظل العقوبات التي ما تزال تُلاحق السودان، وفي ظل تدفق السلاح المهرب من حفتر في ليبيا والنيجر إلى الجهة الأخرى "قوات الدعم السريع".

وكان السفير الإيراني الجديد في الخرطوم، حسن شاه حسيني، حريصًا بعد تسليم أوراق اعتماده على تأكيد أنه سيبذل قصارى جهده من أجل تعزيز علاقات التعاون مع السودان، وتجديد دعم بلاده للسيادة الوطنية ووحدة وسلامة الأراضي السودانية.

التعاون العسكري في صدارة الاهتمامات

لطالما كانت إيران مصدرًا رئيسيًا للأسلحة إلى السودان، وذلك منذ تسعينيات القرن الماضي. وتوجد، قبل قطع العلاقات، اتفاقيات تعاون حول الصناعات العسكرية والدفاعية بين البلدين. وتتهم دوائر غربية إيران بمواصلة تزويد الخرطوم بالأسلحة حتى بعد قطع العلاقات، وخاصةً طائرات دون طيار من  طراز "مهاجر6" التي تم تصويرها، حسب "بلومبرغ"، في قاعدة وادي سيدنا شمالي أم درمان، الخاضعة لسيطرة الجيش.

ويرى محللون سودانيون أن العزلة المفروضة على الخرطوم، إلى جانب رغبة الجيش السوداني في الحصول على أسلحة نوعية، وخصوصًا المُسيرات، دافعٌ أساسي لتوطيد العلاقات الإيرانية السودانية في الفترة المقبلة.

ليس ذلك فحسب، بل يمكن قراءة التطور في العلاقات الروسية السودانية، ضمن ذات العوامل، ويشار ههنا إلى زيارة مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى موسكو 3 مرات خلال الفترة السابقة، وزيارة وفد روسي، في نيسان/أبريل الماضي، لميناء بورتسودان. وضم الوفد الروسي حينها ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الرئاسي الروسي نائب وزير الخارجية، صحبة خبراء في شتى المجالات.

ولا تتوقف احتياجات السودان من روسيا وإيران عند الأسلحة والتعاون العسكري، بل تشمل توفير المحروقات والأسمدة بأسعار تفضيلية، والإسفلت في رصف الطرق التي دمرتها الحرب.

مخاوف إقليمية

تتخوف أطراف إقليمية من أن يسمح تطبيع العلاقات بين السودان وإيران للأخيرة بإيجاد موطئ قدم لها في سواحل البحر الأحمر تعزز به وجودها جنوبه.

وكان تقرير إسرائيلي أبرز تخوف تل أبيب من تبادل السفراء بين إيران والسودان، ويتعلق التخوف الإسرائيلي، حسب "سبوتنيك"، باستخدام إيران الموانئ في بورتسودان لمراقبة البضائع القادمة إلى إيلات وقناة السويس.