29-يوليو-2024
ترامب وهاريس

هاريس تواجه ترامب (رويترز)

دخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلةً مفصلية، فلم يتبق إلا 100 يوم على الاقتراع، من المتوقع أن تشهد منافسةً محمومةً في ختام حملةٍ خلطت أوراقها محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب وخروج الرئيس جو بايدن من الباب الضيق، وفق توصيف رويترز.

توحيد الصف الديمقراطي

بعد أسابيع من التجاذبات الداخلية والتسريبات المشكّكة بقدرة بايدن على الفوز بولاية ثانية، أعاد انسحابه من السباق ودعمه نائبته كامالا هاريس لخوضه، توحيدَ صفوف الحزب الديموقراطي وشدّ عصبه في مواجهة المنافس الجمهوري ترامب الساعي للعودة إلى البيت الأبيض.

واعترفت هاريس خلال لقاء لجمع التبرعات في بتسفيلد بولاية ماساتشوستس في شمال شرق البلاد السبت أن الديمقراطيين كانوا على وشك خسارة السباق قائلةً "نحن لم نكن مرجَحين في هذا السباق، هذا صحيح. لكن هذه حملة أساسها الناس والدعم الشعبي"، في إشارة إلى الزخم الذي اكتسبته الحملة بعد انسحاب بايدن وتقدمها للمنافسة. وانعكس ذلك الزخم نسبيًا في تحسن نتائج الحزب في الاستطلاعات.

في اليوم نفسه، كان ترامب يَعِد مؤيديه خلال تجمع في ولاية مينيسوتا بأنه "في تشرين الثاني/نوفمبر، سيقوم الشعب الأميركي برفض التطرف الليبرالي المجنون لكامالا هاريس بشكل ساحق" على حد وصفه.

يرى خبراء أن نتيجة الانتخابات قد تكون مرهونةً إلى حدٍّ بعيد بنتيجة أصوات نحو 100 ألف ناخب في عددٍ محدود من الولايات الأساسية

وبينما كانت الحملات الرئاسية الأميركية، تمتد عادة لسنتين تقريبًا، يُجمع المتابعون أنّه أعيد إطلاق نسخة العام 2024 من الصفر تقريبًا، ما سيجعل منها الحملة الانتخابية الأقصر على الإطلاق، وفق رويترز.

وبات من شبه المؤكد أن تواجه السناتورة والمدعية العامة السابقة الديموقراطية، كامالا هاريس، المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، في الانتخابات التي يرى محللون أن نتيجتها قد تكون مرهونةً إلى حدٍّ بعيد بنتيجة أصوات نحو 100 ألف ناخب في عددٍ محدود من الولايات الأساسية.

وفي هذا الصدد أكّد أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الجمهوري مات تيريل لشبكة "بي بي سي" أنّ "الأمر يتعلق بأولئك الناخبين المستقلين الذين لم يحسموا خيارهم. إنهم أولئك الذين يشغل التضخم، والهجرة، والاقتصاد ومعدلات الجريمة بالهم"، مضيفًا أنه "في الوقت الراهن، أعتقد أن الرئيس السابق ترامب يُحسن التعامل مع هذه المسائل. الانتخابات ستكون استفتاءً على المرشحين المتنافسين" وفق تصوره.

ويترقب المعسكر الديموقراطي المؤتمر الوطني للحزب الذي يبدأ في 19 آب/أغسطس، ويُتوقع أن يتوّج هاريس رسميًا مرشحةً للحزب، بعدما بدأت في الأيام الماضية حملتها بالحصول على دعم مندوبين وشخصياتٍ نافذة في الحزب، إضافة الى تبرعات مالية سخية. إذ تمكنت بعد أيام قليلة، من انسحاب بايدن، من جمع 120 مليون دولار من التبرعات، بعدما رهن العديد من المانحين الديمقراطيين دعمهم المالي بشرط انسحاب بايدن من السباق.

كما تمكنت بعد يومين فقط من انسحاب بايد، من عقد لقاء انتخابي كان الأكبر للديمقراطيين منذ بدء الحملة. وهذه كلها مؤشرات تدل على تمكنها من توحيد صفوف الحزب الذي انقسم على نفسه بشأن ترشح بايدن.

بات بالإمكان القول إن هاريس نجحت في إعادة تحفيز القواعد الشعبية للحزب، في تناقض صريح عما كان عليه الوضع قبل أسابيع فقط.

وكان الرئيس بايدن اختار الاستمرار في حلبة المنافسة الانتخابية ضد ترامب، على الرغم من الشكوك المتزايدة لدى الديموقراطيين والناخبين بشأن قدراته الجسدية والذهنية مع تقدمه في السن، إلا أن أداءه الكارثي في المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشحين في 27 حزيران/يونيو، قطعت الشكّ باليقين لناحية ضرورة الذهاب نحو خيار بديل.

وفي مقابل التخبط لدى الديموقراطيين بدا الجمهوريون في موقع قوة مع مؤتمر وطني عام عكس توحد الحزب خلف ترامب، الذي اكتسبت حملته وصورته زخمًا إضافيًا بعد نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا.

رضخ بايدن في نهاية المطاف للضغوط، وأعلن انسحابه في 21 تموز/يوليو، أثناء عزل نفسه لإصابته بكوفيد. ولم يدم الفراغ طويلًا، اذ أعلن في اليوم نفسه دعم هاريس، أول امرأة تتولى نيابة الرئيس، وأول سوداء وجنوب آسيوية تشغله، لنيل بطاقة الترشيح الديموقراطية بدلًا منه.

وبعدما كان التقدم في سنّ بايدن سلاحًا بيد ترامب، انقلب السحر على الساحر، وبات الجمهوري البالغ 78 عامًا، أكبر مرشح رئاسي سنًّا في تاريخ الانتخابات.

أرقام الاستطلاعات

بثّ ترشّح هاريس زخمًا جديدًا لدى الديموقراطيين في استطلاعات الرأي، اذ تمكنت خلال أسبوع فقط، من تقليص فارق النقاط الثلاث لصالح ترامب الى النصف.

لكن الديموقراطيين يدركون أن الطريق للاحتفاظ بالبيت الأبيض ليس مفروشًا بالورود. ويرى المتخصص في استطلاعات الرأي ضمن فريق ترامب توني فابريزيو أنه "بعد فترةٍ وجيزة، سينتهي شهر العسل بالنسبة إلى هاريس وسيعاود الناخبون التركيز على دورها الشريك والمساعد لبايدن".

كما أكّد جيمس كارفبل أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الديموقراطي لشبكة “أم أس أن بي سي” أنّ على الديموقراطيين أن يكفّوا "عن الاحتفال بفرح والتحضير للعاصفة المقبلة".

بثّ ترشّح هاريس زخمًا جديدًا لدى الديموقراطيين في استطلاعات الرأي، اذ تمكنت خلال أسبوع فقط، من تقليص فارق النقاط الثلاث لصالح ترامب الى النصف

مضيفًا الجمهوريون "يُهاجموننا وسيواصلون القيام بذلك. هذا النوع من الابتهاج لن يكون ذا فائدة لفترة طويلة".

فضلًا عن ذلك قرع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما جرس الإنذار، منبهًا إلى ضرورة أن يستعيد الحزب الديمقراطي ثقة الناخبين قبل التمكن من الفوز.

ماذا تنتظر المنطقة؟

تترقب منطقة الشرق الأوسط، مثلها مثل بقية العالم، بفضولٍ كبير نتائج الانتخابات الأميركية الرئاسية. وقبل دخول السباق الرئاسي أمتاره الأخيرة، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا في فلوريدا مع ترامب، وقبل ذلك التقى في واشنطن مع هاريس عقب خطابه الشعبوي الذي ألقاه أمام الكونغرس.

ويستمر دونالد ترامب في الادعاء أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس لم تكن لتحدث في ظل رئاسته، مؤكدًا أنه إذا أعيد انتخابه فإنه سيضمن السلام في الشرق الأوسط والعالم، من دون توضيح الآليات التي سيحقق بها ذلك. وكان ترامب قد اكتفى الأسبوع الجاري بنشر تدوينه على منصته "تروث" قبل لقاء نتنياهو أنه يتطلع أكثر من ذلك "لتحقيق السلام في الشرق الأوسط" على حد زعمه.

يشار إلى أن ترامب حرص في عهدته الرئاسية الأولى على تصفية القضية الفلسطينية، عبر ما بات يعرف بصفقة القرن أو اتفاقيات أبراهام، حيث اعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، كما اعترف بضم الجولان لإسرائيل، ويرجّح متابعون أنه اتفق مع نتنياهو تحت الطاولة على الاعتراف بضم البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية إلى إسرائيل حال فوزه، وهذا ما يفسر تقرب نتنياهو منه.

أما كامالا هاريس فمن الواضح أنها تعمل على تجنّب ربطها بموقف إدارة بايدن الداعم بالكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما نتج عنه من غضب واسع بين تيارات الحزب الديمقراطية التقدمية والشبابية.

وقالت هاريس عقب لقائها بنتنياهو "دعونا ننجز الصفقة حتى نتمكن من التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب. دعونا نعيد الرهائن إلى الوطن، ودعونا نقدم الإغاثة للشعب الفلسطيني التي تشتد الحاجة إليها".

كما خاطبت هاريس الجماعات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ودفعت من أجل حل الدولتين قائلةً "أراكم، أسمعكم"، ودفع ذلك ترامب إلى مهاجمتها واصفًا إياها بأنها "لا تحترم إسرائيل".