19-نوفمبر-2024
صواريخ أتاكمز الأميركية بعيدة المدى

(Getty) قد توفر صواريخ أتاكمز حماية نوعية للقوات الأوكرانية

هل قرر حلف "الناتو"، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، دخول حرب مع روسيا؟ يطرح هذا السؤال نفسه بعد سماح الولايات المتحدة لكييف باستخدام الصواريخ الأميركية طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، مع العلم أنه سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أكد بأن اتخاذ قرارٍ مثل هذا يعني الدخول مع روسيا في حرب.

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، حاسمًا في تفاعله مع هذا القرار المفاجئ بقوله "إن الصواريخ ستتحدث عن نفسها"، ويمثل هذا التصريح تحديًا جديدًا لروسيا بعد تحدي دخول القوات الأوكرانية قبل أشهر لمقاطعة كورسك الروسية. مع الإشارة إلى أن القرار الأميركي جاء بعد أن أكملت روسيا خططها لاستعادة كورسك وتعزيز مكاسبها على الأرض، مستفيدةً من مشاركة قوات من كوريا الشمالية في عمليتها، ومن فترة انتقال السلطة في واشنطن.

لقد وضع قرار بايدن موسكو في وضع حرج، ففي حال صعدت الحرب تجاه دول "الناتو"، فقد تجازف بخوض حرب لم تعد لها العدة الكافية. وفي حال تراجعت عن خططها لاستعادة كورسك وتعزيز نفوذها داخل أوكرانيا، فستكون قد تركت بيد كييف ورقة تفاوض قوية في مفاوضات إنهاء الحرب، بالتزامن مع دخول بايدن للبيت الأبيض في الـ20 من كانون الثاني/يناير المقبل.

يهدد سماح جو بايدن لكييف باستخدام الصواريخ الأميركية طويلة المدى لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية باندلاع مواجهة شاملة بين روسيا و"الناتو"

ويشار إلى أن صواريخ "أتاكمز" الأميركية، بعيدة المدى، من شأنها أن توفر حماية نوعية للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقة كورسك التي تحتلها غرب روسيا.

احتمالات التصعيد

ستتمكن أوكرانيا بفضل القرار الأميركي من استهداف مواقع على بعد مئات الكيلومترات في عمق الأراضي الروسية، وأمام أوكرانيا بنك أهداف متعددة تشمل مواقع لوجستية للجيش الروسي، بالإضافة إلى مطارات روسية ومنشآت طاقوية حيوية. ولعل هذا ما يفسر التحذيرات الروسية من أن القرار الأميركي من شأنه أن يتسبب في اندلاع حرب عالمية ثالثة.

وفي هذا الصدد، قال أندريه كليشاس، العضو البارز في مجلس الاتحاد الروسي، إن الغرب "يمضي في مستوى من التصعيد قد ينتهي بتدمير الدولة الأوكرانية بالكامل بحلول الصباح"، وذات الأمر أكده فلاديمير جباروف، النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس، بقوله "إن رد موسكو سيكون فوريًا"، مضيفًا في تصريح لوكالة "تاس": "هذه خطوة كبيرة جدًا نحو بداية الحرب العالمية الثالثة".

بدورها، قالت النائبة في البرلمان الروسي ماريا بوتينا "إن إدارة بايدن تخاطر باندلاع حرب عالمية ثالثة، إذا سمحت لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لقصف عمق الأراضي الروسية"، مضيفةً في تصريح لوكالة "رويترز"، أن "هؤلاء الأشخاص، إدارة بايدن، يحاولون تصعيد الموقف إلى أقصى حد بينما لا يزالون في مناصبهم"، معربةً عن أمل كبير في أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب "سيلغي هذا القرار إذا تم اتخاذه لأنهم يخاطرون بشدة ببدء الحرب العالمية الثالثة، وهو أمر ليس في مصلحة أحد" وفق تعبيرها.

أما المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، فحاول احتواء الموقف بالقول إن إدارة بايدن المنصرفة تحاول تصعيد الصراع قبل مغادرتها البيت الأبيض، ملمحًا بذلك إلى أن بايدن ربما يريد تعقيد حل إنهاء الحرب الذي يطرحه دونالد ترامب.

انقسام في "الناتو"

لا تبدو ألمانيا متحمسةً للخطوة الأميركية، حيث أعلنت أنه لا تغيير في موقفها المتمثل "بعدم تسليم تاوروس بعيدة المدى لأوكرانيا".

وفي المقابل، رحبت كل من بولندا وليتوانيا بالخطوة الأميركية، في حين اعتبرت باريس أن الأمر يبقى "خيارًا مطروحًا"، متبعةً بذلك سياسة الغموض الاستراتيجي. ولعل السبب في تباين المواقف الأوروبية مرده إلى أن عمر إدارة بايدن القصير لا يكفي لتعليق أمل على خطوة جاءت متأخرة عن وقتها بكثير، بينما يستعد رئيس جديد، معروف بتبرمه من حماية أوروبا ومن تكاليف الحرب الباهظة في أوكرانيا، لدخول البيت الأبيض لمدة 4 سنوات قادمة.