07-أغسطس-2024
يحيى السنوار

رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يحيى السنوار (رويترز)

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" اختيار رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، رئيسًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهرا،ن الأسبوع الماضي.

وقالت الحركة في بيانها، أمس الثلاثاء، إنه: "بعد مشاورات ومداولات معمقة وموسعة في مؤسسات الحركة القيادية، قررت حركة المقاومة الإسلامية حماس اختيار الأخ القائد يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي للحركة، خلفا للقائد الشهيد إسماعيل هنية".

من هو يحيى السنوار؟

ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار عام 1962 في مخيم خانيونس للاجئين جنوب قطاع غزة لعائلة لاجئة تعود أصولها إلى مدينة المجدل، وتلقى تعليمه الجامعي بالجامعة الإسلامية في غزة حيث تخرج منها بدرجة البكالوريوس في شعبة الدراسات العربية.

جاء اختيار السنوار رئيسًا للمكتب السياسي بعد مشاورات ومداولات معمقة وموسعة في مؤسسات الحركة القيادية

وكان السنوار ناشطًا في الكتلة الإسلامية خلال دراسته الجامعية، وسجل عام 1982 اعتقاله الأول من قبل جيش الاحتلال، حيثُ أفرج عنه بعد عدة أيام، ثم عاود الاحتلال اعتقاله مجددًا في العام ذاته، وحينها حكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر بتهمة المشاركة في نشاطات أمنية ضد "إسرائيل".

أما اعتقاله للمرة الثالثة والأخيرة، فقد كان في عام 1988، وحكم عليه الاحتلال بالسجن مدى الحياة، أربع مرات، بالإضافة إلى ثلاثين عامًا، بعد أن وجهت له تهمة تأسيس جهاز "المجد" الأمني، والمشاركة بتأسيس الجهاز العسكري الأول لـ"حماس"، المعروف باسم "المجاهدون الفلسطينيون".

وقضى السنوار 23 عامًا متواصلة داخل السجون الإسرائيلية حتى أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل عام 2011، التي عُرفت باسم "صفقة شاليط".

وعقب خروجه من السجن، شارك السنوار في الانتخابات الداخلية لحركة حماس عام 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، وتولى مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري "كتائب القسام".

ووفقًا لموقع "العربي الجديد"، فإنه "يقول كثيرون إن الرجل الذي يتحدث بطلاقة اللغة العبرية واحد من أكثر قادة حماس معرفة بالعقلية الإسرائيلية وطريقة تفكيرها، وقد نجح في أوقات سابقة في ما يمكن وصفه "ابتزاز" إسرائيل ودفعها لتقديم تسهيلات وتخفيف القيود على سكان القطاع".

كيف علقت "إسرائيل" على اختيار السنوار؟

قال مراسل "التلفزيون العربي" في القدس المحتلة إن خبر اختيار السنوار رئيسًا جديدًا لـ"حماس" جاء مفاجئًا بشكل كبير للشارع الإسرائيلي، فرغم غياب الردود الرسمية بداية، إلا أن الاختيار شكل صدمة واضحة في تعابير الصحافيين والعسكريين الإسرائيليين، الذين بدوا وكأنهم قد خُدعوا جراء ذلك الخيار الذي ركنت إليه "حماس".

وردًا على تعيين "حماس" السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي، كتب وزير خارجية الاحتلال، يسرائيل كاتس، على منصة "إكس" إن "تعيين يحيى السنوار على رأس حماس خلفًا لإسماعيل هنية، هو سبب إضافي لتصفيته سريعًا ومحو هذه المنظمة من الخريطة"، على حد تعبيره.

فيما قال محرر الشؤون العربية بقناة "كان"، التابعة لهيئة البث العبرية، روعي كايس، إنه: "في الحقيقة مثّل هذا (اختيار السنوار) مفاجأة بعد أسبوع من اغتيال هنية"، وأضاف أن "السنوار، زعيم حماس في غزة، هو أحد مهندسي هجوم (طوفان الأقصى في) السابع من (تشرين الأول) أكتوبر (الماضي)".

ورأى كايس أن تعيين السنوار يحمل "رسالة من حماس مفادها أنه حي رغم المطاردة الإسرائيلية له، وأن قيادة حماس بغزة لا تزال موجودة وقوية وتعتزم البقاء في السلطة".

ورأى محلل شؤون الشرق الأوسط بالقناة الـ12 العبرية، إيهود يعاري، أن "للتعيين معنى رمزيًا لتأكيد موقعه في الحركة"، وتابع مستدركًا "لكن ليس له أي معنى عملي في هذه المرحلة، إذ يواجه السنوار صعوبة في التواصل مع بقية أعضاء القيادة"، على حد تقديره.

من جانبه، علق وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على إعلان "حماس" اختيارها السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي بالقول إن: "السنوار كان ولا يزال صانع القرار الرئيسي في ما يتعلق بإبرام وقف لإطلاق النار"، في إشارة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس" في قطاع غزة.

تحدٍ لمنظومة الاحتلال العسكرية

وفي الوقت الذي رأى قائد الجيش الإيراني، عبد الرحيم موسوي، أن اختيار السنوار رئيسًا للمكتب السياسي للحركة "يعني أن الكيان الصهيوني لا ينبغي أن يكون لديه أي أمل بالمستقبل"، فإن "حزب الله" قال في بيان مقتضب إن اختيار السنوار "هو تأكيد أن ‏الأهداف التي يتوخاها العدو (إسرائيل) من قتل القادة والمسؤولين ‏فشلت في تحقيق مبتغاها".

من جانبه، أكد القيادي في "حماس"، محمود المرداوي، في حديث لـ"التلفزيون العربي"، أمس الثلاثاء، أن "إجماع حماس على اختيار السنوار يؤكد على أنها حركة راسخة، وهويتها المقاومة، وأهدافها تحرير فلسطين مهما بلغت التضحيات"، مشددًا على أن الحركة "ماضية في طريقها".

كما أكد القيادي في الحركة، أسامة حمدان، في حديث أيضًا لـ"التلفزيون العربي"، أن "الرسالة لأعدائنا من اختيار السنوار أن اغتيال القادة لن يحدث فوضى بالحركة"، وتابع مضيفًا أن السنوار قائد للحركة الآن، ويتخذ مع القيادة جملة القرارات الإستراتيجية، مشددًا على أنه "شريك في مسار المفاوضات واختياره رئيسًا تأكيد لثوابت الحركة".

من جهته، رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، شادي شرف، أن اختيار السنوار يشكل "صفعة جديدة بوجه الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بعد صفعة السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي"، في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى".

واعتبر شرف في حديثه لـ"التلفزيون العربي" أن هذا الاختيار يشكل تحديًا للمنظومة الأمنية، ولكل الضربات العسكرية وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، لافتًا إلى أن تعيين السنوار يؤكد أن "وجهة حماس ما زالت نحو المقاومة والتمسك بهذا الخيار لأن السنوار هو من يقود المفاوضات والعقل المدبر لهجوم طوفان الأقصى".

وأعاد شرف التذكير بأن السنوار يحظى بشعبية واسعة ليس فقط لدى "حماس"ن بل أيضًا لدى فصائل عديدة موجودة في قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه استطاع إعادة بلورة وصياغة العلاقات مع جميع الفصائل بطريقة كانت مقبولة جدًا مقارنة بالفترات السابقة.