كشفت صحيفة "ذا آيريش تايمز" الأيرلندية أن أكثر من 80% من الفلسطينيين يرفضون "صفقة القرن" التي تعكف إدارة ترامب على تمريرها وتطبيقها على أرض الواقع، من أجل إنهاء الصراع العربي "الإسرائيلي"، وفرض تسوية بما يشبه القوة والابتزاز معهما التحايل.
ستزيل صفقة القرن من جدول الأعمال العالمي، جميع القضايا المطروحة للتفاوض منذ مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991: الأرض، والمستوطنات، والقدس، واللاجئين
وبحسب استطلاع للرأي نشرته الصحيفة، وأجراه مركز القدس للإعلام والاتصال، فإن 6.8% من المستطلعة آراؤهم يرون أن صفقة القرن قد تكون لها نتائج إيجابية بالنسبة للفلسطينيين. في حين أن نحو 60% من الفلسطينيين يؤيدون قرار السلطة الفلسطينية، برفض الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط بعد اعترافها بالقدس عاصمة "لإسرائيل".
ونقلت الصحيفة الإيرلندية تصريحات المسؤولين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة رفضهم القاطع لصفقة القرن، أو مناقشتها حتى. وكذلك الموقف العربي منها، أو المعلن منه على الأقل، خاصة ما صرح به العاهل الأردني من أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون القدس كعاصمة لدولة فلسطين.
صفقة القرن وإنهاء القضية الفلسطينية
وبحسب تسريبات نقلتها الصحيفة فإن "الصفقة" ستزيل من جدول الأعمال العالمي، جميع القضايا المطروحة للتفاوض منذ مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991: الأرض، والمستوطنات الإسرائيلية، والقدس، واللاجئين، والدولة الفلسطينية. ولن يكون هناك انسحاب إسرائيلي آخر من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، كما ستواصل إسرائيل النشاط الاستيطاني وستكون القدس عاصمة إسرائيل الحصرية.
اقرأ/ي أيضًا: توطين اللاجئين وتصفية الأونروا.. "صفقة القرن" تمهد لشطب القرار 194
وأضافت الصحيفة أنه ستتم إزالة أحفاد اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم خلال حرب عام 1948 من قوائم وكالة الأمم المتحدة التي ترعاهم (الأونروا)، فيما ستقتصر القوائم على نحو 40 ألف من كبار السن الذين شهدوا التشرد بأنفسهم، والذين ستؤدي وفاتهم إلى زوال الوكالة. وسيتم تجنيس غالبية اللاجئين (خمسة ملايين لاجئ) في الدول المضيفة لهم: الأردن ولبنان وسوريا، والتي بدورها ستتلقى المساعدات المالية الخليجية مقابل هذه التسوية.
وإذا وافقت حركة حماس على هدنة دائمة مع إسرائيل، فستتلقى غزة مساعدات إنمائية، وسيتم إنشاء منطقة صناعية في شمال سيناء في مصر، لتوفير فرص العمل للغزيين والسكان المحليين وستقع غزة تحت سلطة مصر.
وبدلًا من إقامة دولة فلسطينية، سيتم منح الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا محدودًا في المناطق الحضرية الفلسطينية بالضفة الغربية، أي على 11% من مجمل أراضي فلسطين الجغرافية، وستكون العاصمة بلدة أبو ديس.
حال اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية
بالرغم من أن قضية اللجوء الفلسطينية مستمرة منذ ما يقارب 70 عامًا، ما يجعلها القضية الأطول عمرًا في العالم المعاصر، إلا أن اللاجئين الفلسطينيين ما زالوا من أكثر مجموعات اللاجئين الذين يعانون من نقص الحماية على المستوى العالمي.
وفضلًا عن عدم حل مشكلة اللاجئين، ومعاناتهم المستمرة، فهم يواجهون باستمرار، مخاطر محدقة بهم، على مستوى الحقوق المدنية، ومحاولات الاحتلال الإسرائيلي إنهاء قضيتهم، وكذلك على مستوى الدول المضيفة، وممارساتها وسياساتها المهمِشة لقضيتهم.
تشير سجلات وكالة الأونروا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في عام 2017 يبلغ نحو 5.9 مليون لاجئ، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين. وقد شكل اللاجئون المقيمون في الضفة الغربية المحتلة والمسجلون لدى وكالة الغوث في العام 2017 ما نسبته 17.0% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة، مقابل 24.4% في قطاع غزة المحاصر. أما على مستوى الدول العربية، فقد جاءت النسب كالآتي: الأردن 39.0% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت النسبة في لبنان 9.1%، وفي سوريا 10.5%.
كما بلغت نسبة الفقر بين اللاجئين 38.5% خلال عام 2017 وفقًا لأنماط الاستهلاك الشهري، بما معناه أن استهلاك أسرهم الشهري كان دون خط الفقر الذي بلغ للأسرة الفلسطينية المكونة من 5 أفراد (2 بالغين و3 اطفال) 2470 شيكل. كما وصل معدل البطالة بين اللاجئين إلى 34.7%، بالرغم من تدني نسب الأمية بينهم إلى ما دون 3%، وارتفاع نسب الحاصلين على شهادة البكالوريوس إلى أكثر من 18%.
أما حال اللاجئين في دول الطوق، فيتباين من دولة لأخرى، ففي الأردن على سبيل المثال التي تعيش فيها أكبر مجموعة من اللاجئين، بما نسبته 41% من مجموع اللاجئين المسجلين لدى وكالة الأونروا، فيتمتع الفلسطيني على مستوى القانون بكافة الحقوق التي يتمتع بها الأردني، إلا أن الواقع على الأرض يقول غير ذلك، إذ يصعب على الفلسطينيين الحصول على وظائف حكومية بنسبة تقارب عددهم، كما يقل عددهم في البرلمان ويكاد ينعدم في الوظائف الحساسة.
بينما في لبنان فيعاني اللاجئ الفلسطيني سياسيًا واقتصاديًا، ونظرًا لتركيبة لبنان الطائفية، وانخراط منظمة التحرير في الصراعات اللبنانية في القرن الماضي، ومن ثم خروجها من لبنان وانحسار نفوذ رجالات الفصائل، وصل الوضع السياسي للاجئين في لبنان إلى الحضيض، وكثيرًا ما جرى استهدافهم اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، وجسديًا!
فجرى إغلاق المخيمات، وتقييد حركة اللاجئين، ولم يعد للمخيمات مرجعية سياسية موحدة، ما أدى بجانب الإجراءات الاقتصادية إلى معاناة الفلسطينيين. بعد ذلك منعت الحكومة اللبنانية اللاجئ الفلسطيني من ممارسة أكثر من 73 مهنة، بالموازاة مع تخفيض المساعدات المقدمة من وكالة الأونروا، بسبب الضغوط العالمية وقلة الدعم الواصل إليها، ما جعل المعاناة مضاعفة على الفلسطينيين هناك الذين يبلغ عددهم ما يقارب نصف مليون نسمة.
أما في سوريا، فقد تمتع الفلسطيني بكافة الحقوق المدنية التي يتمتع بها المواطن السوري، إلا أنه حرم من جميع الحقوق السياسية كالترشيح والانتخاب، وكان نشاطهم السياسي محكومًا بالسياسة المخابراتية السورية ومراقبًا بشدة، فلا يسمح بالتجمعات أو تكوين جمعيات أو التعبير الحر إلا فيما يصب بمصلحة النظام.
تعكف الإدارة الأمريكية مؤخرًا، كما كشفت العديد من الصحف العالمية على إنهاء وكالة الأونروا، كونها وكالة دولية متخصصة، يؤشر وجودها استمرار قضية اللاجئين
وحيث إن التداعيات السلبية للنزاعات في المنطقة طالما أثرت على اللاجئ الفلسطيني، خاصة في حالتي الكويت والعراق، فقبل احتلال الكويت من قبل النظام العراقي في عام 1990 كان عدد اللاجئين الفلسطينيين هناك ما يقارب 400 ألف نسمة، في حين أنه انخفض إلى 26 ألف نسمة فقط في عام 1995. فإن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من بين أشد المتضررين من الاستهداف المزدوج من نظام الأسد وتنظيم داعش، فمن بين 560 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى "أونروا" في سورية، اضطر حوالي 400 ألف للنزوح عن مساكنهم، وبينهم ما يزيد على 120 ألف نزحوا عن البلد إلى لبنان والأردن ومصر وإلى أبعد من ذلك، بما يشمل أوروبا، فيما لا يزال 280 ألف لاجئ فلسطيني من ضمن النازحين داخل سورية.
اقرأ/ي أيضًا: جديد علاقات إسرائيل مع السعودية والإمارات.. ترتيبات ما قبل صفقة القرن
كما أن هنالك 43 ألف فلسطيني ما زالوا عالقين في مناطق محاصرة، ويصعب الوصول إليها، بما في ذلك مناطق القتال في اليرموك وخان الشيح.
توطين اللاجئين وتصفية الأونروا
تعكف الإدارة الأمريكية مؤخرًا، كما كشفت العديد من الصحف العالمية على إنهاء وكالة الأونروا، كونها وكالة دولية متخصصة، يعني وجودها مؤشرًا على استمرار قضية اللاجئين، ومعاناتهم.
فقد كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تحركًا يقوم به جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يهدف إلى إغلاق الوكالة. وأوضحت أن مبادرة كوشنر بالاعتماد على إدارة ترامب، وحلفائه في الكونغرس، تأتي في إطار حملة أوسع تهدف لتجريد هؤلاء الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة، وتحييد ملفهم على طاولة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
فيما كشفت صحف إسرائيلية عدة، أن هذا المشروع متصل اتصالًا وثيقة بالجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية، مع بعض حلفائها في المنطقة، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، من أجل تطبيق التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، تحت اسم صفقة القرن.
اقرأ/ي أيضًا: