أطلق رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سباق التحريض على نواب حزب التجمع الوطني الديمقراطي في الكنيست، بعد اتهامهم بدعم ما يصفه بالإرهاب، فسارع أعضاء الكنيست حتى من الأحزاب اليسارية التي تسمي نفسها "معسكر السلام"، إلى إطلاق الدعوات لفرض عقوبات على جمال زحالقة، حنين زعبي وباسل غطاس.
انتهازية نتنياهو تفرض عليه التحريض على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، لتأكيد زعامته للقبيلة، خاصة بعد فشله في الضغط لإبقاء الحصار على إيران
حجة نتنياهو للهجوم على التجمع، ليس بالإمكان إثباتها حتى أمام القضاء الإسرائيلي، فاجتماع الزعبي وزحالقة وغطاس مع أسر شهداء القدس الذين تحتجز إسرائيل جثامينهم، تم بهدف إنهاء معاناة تلك الأسر بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لتسليم الجثث لذويها، ولم يحمل اللقاء أي طابع سياسي، ولكن هل نتنياهو لا يعي ذلك؟
الإجابة، نتنياهو بالفعل يعي ذلك، لكن انتهازيته تفرض عليه عدم تفويت أي فرصة للتحريض على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وخصوصا على "حزب التجمع"، لتأكيد زعامته للقبيلة التي تتعرض لخطر داخلي داهم، بعد فشله بالتأثير على قرار المجتمع الدولي برفع الحصار عن إيران، الذي أظهره بحجمه الطبيعي أمام الإسرائيليين.
كتل ميرتس والمعسكر الصيهوني البرلمانية اليسارية، التي باتت منذ فترة طويلة مجرد صدى لأصوات التحريض انضمت للجوقة رغم يقينها أن اتهامات نتنياهو الموجهة لـ"التجمع" مجرد جبل سيلد فأرا، لأنها تدرك أن شيطنة الفلسطينيين داخل الخط الاخضر هو البوابة المؤدية لقلوب وعقول الإسرائيليين، وإكسير البقاء في الحياة السياسية خصوصا لحزب ميرتس الذي كان يخشى خلال انتخابات النيابة العامة السابقة عدم تخطي نسبة الحسم اللازمة لدخول الكنيست.
على الرغم من التحليل السابق، لظروف حملة التحريض الحالية، لا يجب أن نغفل عن حقيقة هامة هي أن "حزب التجمع الوطني الديمقراطي" يتعرض لمحاولات إقصائه من الكنيست منذ فترة طويلة، بل إن نتنياهو قد استهل جلسة حكومته الأسبوعية بالإعلان عن أنه قد أصدر تعليماته لمستشار الحكومة للشؤون القضائية لدارسة إمكانية إقصاء الزعبي وزحالقة وغطاس من الكنيست. وبهذا يكون نتنياهو قد تفوق كعادته في سباق التحريض الذي أطلقه، فدعوات حزب العمل وميرتس لمعاقبة التجمع سبقهم إليها نتنياهو، متجاوزًا الوعيد إلى التنفيذ.
حملة شيطنة "التجمع" بلغت ذورتها بتقرير مطول بثته القناة العاشرة الإسرائيلية، أقر معده أنه "تشاور" مع عدد من رجال المخابرات والمستشرقين خلال كتابته
قرار الحكومة الإسرائيلية بحظر الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية، الذي يقوده الشيخ رائد صلاح، قبل عدة شهور، ومر دون احتجاج معتبر للمجتمع الدولي، رأى فيه الكثيرون من قادة إسرائيل خطوة متأخرة ونجاح بالإمكان استنساخه مع "التجمع". فانطلقت ماكينة الإعلام الإسرائيلي بحملة دعائية لشيطنة "التجمع" بلغت ذورتها بتقرير مطول بثته القناة العاشرة من التلفزيون الإسرائيلي، أقر معده أنه "تشاور" مع عدد من رجال المخابرات والمستشرقين خلال كتابة التقرير، الذي جاء فيه "حزب التجمع الذي يواصل مؤسسه عزمي بشارة قيادته من الخارج يتحمل مسؤولية موجة التطرف في صفوف عرب إسرائيل منذ بداية موجة العنف الحالية"، وبالإمكان الاستنتاج من هذا أن "إسرائيل" ترى "التجمع" خطرًا أمنيًا، وأن استهداف "التجمع" بالإقصاء من الكنيست أو الحظـر، مسألة إجرائية يجري تنفيذها خطوة بعد خطوة، كما فعلت إسرائيل بملف الحركة الإسلامية.
اقرأ/ي أيضًا: