في مقدمة مقالها في مجلة "فورين بوليسي"، والذي جاء تحت عنوان "الولايات الإسلاموفوبيا المتحدة"، كتبت "كيم غطاس" عن الشاب الإماراتي الذي تم توقيفه في ولاية أوهايو والذي كان متواجدًا هناك للعلاج حيث قام أحدهم بالاتصال بـ 911 للإبلاغ عن مشتبه به ذي ملامح عربية يمكن أن يكون جنديًا من داعش، كل ما أدى إلى الاشتباه به غترته وعقاله العربي واستخدامه لكلمات عربية أثناء تحدثه في الهاتف.
المهين الأكبر لصورة المسلمين في أمريكا هو دونالد ترامب الذي بات يسعى -خصوصا بعد حادث إطلاق النار في أورلاندو- إلى مزيد من تضييق الخناق عليهم
صرحت المديرة التنفيذية لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في فرعها في كليفلاند جوليا شيرسون للنيورك تايمز تعليقًا على ما حدث أن الملابس التقليدية قد تكون دافعا عاديًا للاشتباه بأحدهم لكن ذلك لا يعني غض البصر عن أن سنوات طويلة من السينما وبعض الأداء الإعلامي من تصوير المسلمين على أنهم غرباء يشكلون تهديدًا، ساهم كل ذلك في تعقيد الأوضاع.
اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل وعضوية الاتحاد الأفريقي..احتمالات وتداعيات
أشارت كيم أن المهين الأكبر لصورة المسلمين هو دونالد ترامب الذي بات يسعى -وخصوصًا بعد حادث إطلاق النار في أورلاندو- إلى مزيد من تضييق الخناق على المسلمين، مهاجمًا "الإسلام الراديكالي"، وداعيًا لإيقاف هجرتهم إلى أمريكا قائلا: "الإسلام الراديكالي سيقف على شواطئنا".
ترامب الذي أشار إلى نيله توبيخًا حادًا من الرئيس أوباما على خلفية أنه حذره من الوقوع في فخ وسم جميع المسلمين بلون العنف وإعلان الحرب ضد الدين كله.
و على الرغم من رد الفعل الصاخب تجاه ترامب، تشير كيم إلى أن ذلك ليس كافيًا أبدًا للقضاء على الإسلاموفوبيا في السياسة الرسمية الأمريكية ولا حتى على المستوى الشعبي.
في عام 2011 أشار استطلاع للرأي قامت به جامعة ميريلاند أن 61% من الأشخاص لديهم أفكار سلبية عن الإسلام. وهناك آلاف من استطلاعات الرأي تشير غالبًا إلى نفس النتائج حتى بعد مرور أعوام طويلة على الحادي عشر من سبتمبر.
اقرأ/ي أيضًا: نتنياهو يفتح إفريقيا.. سر الزائر والزيارة
تلك الآراء تفسر على هيئة جرائم في الولايات المتحدة، ففي عام 2015 وعلى خلفية حادثة سان برناردينو وهجمات باريس، تضاعفت الجرائم ضد المسلمين إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبلها.
و تقول كيم إنه صحيح أن الشرق الأوسط ليس مصدرًا للأخبار السعيدة وأن أغلب العناوين تتحدث عن العنف هناك، وتلعب هذه الأخبار دومًا دورًا في تغذية الإسلاموفوبيا حتى نجد أنفسنا أمام حادث مثل حادث أوهايو.
دراسة أخرى، أجراها أحد معامل تحليل الأخبار، وجدت أنه على مدى خمسة وعشرين عامًا كان الإسلام يحظى بصورة سلبية أكثر من المشروبات الكحولية، ومرض السرطان، والكوكايين، وأن معظم الأخبار التي حملت مضمونًا عن الإسلام جاءت سلبية تمامًا بينما 8% فقط حملت مؤشرات إيجابية. بينما حظي السرطان ب 17% من الأخبار الإيجابية! .
و تشير كيم إلى واقعة أخرى حدثت أثناء الحملة الانتخابية لباراك أوباما حين تحدثت سيدة تقول إنها خشيت من الوثوق في أوباما لأنها سمعت عنه أنه من أصول عربية، وقتها أخذ جون ماكين الميكروفون منها وقال: "لا سيدتي إنه رجل محترم ورب أسرة وإنه ربما أكون قد اختلفت معه في أمور جوهرية إلا أنه أبدًا ليس عربيًا!".
و لكن كيف لامرأة عادية أن يتعارض كونه رجلًا محترمًا ورب أسرة مع كونه مسلمًا. الأمر ليس فقط بيد الإعلام والسياسيين إن الأمر كما تشير له كيم "ثقافة".
جاك شاهين كاتب كتاب "العرب الأشرار، كيف تسيء هوليوود إلى الناس" حلل في كتابه هذا 1000 مادة فيلمية أنتجتها هوليود ذُكر فيها العرب والمسلمون، وجد أنه في 932 صوروا كإرهابيين، بينما 12 فيلمًا فقط حظي فيهم المسلم بصورة إيجابية.
تغيير الصورة الذهنية التي تضافرت عدة عوامل اجتماعية وسياسية وثقافية على تشكيلها على مدى عقود تحتاج إلى كفاح طويل أيضًا لتغييرها على مدى عقود.
تحكي كيم في نهاية المقال عن جبراني وهو شاب إيراني مهاجر منذ السبعينيات، وهو ممن يمارسون "الاستاند أب كوميدي" على المسارح الأمريكية، وكيف ظلوا لعقود ينادونه في الشارع بالأمريكي الملعون، وينادون أمه بالعاهرة، ويصف لكيم كيف أن الأمور تحتاج إلى وقت للتغيير وأن الأمل موجود وأن التعايش يستحق بذل المجهود.
اقرأ/ي أيضًا: