20-سبتمبر-2024
منشأة سرية

(NYTIMES) دورية لخفر السواحل الأميركي قرب خليج غوانتانامو

كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن ظروف الحياة داخل منشأة سرية أنشأتها الولايات المتحدة لاحتجاز المهاجرين في خليج غوانتانامو، مشيرًا إلى أن المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى الولايات المتحدة كانوا لعقود من الزمن يرسلون إلى غوانتانامو، وهو المعروف أكثر بأنه معسكر وسجن أميركي للمشتبه بهم في الإرهاب.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن المهاجرين كانوا يحتجزون في مكان منفصل، لكنهم يوجدون في شكل من أشكال الفراغ القانوني محاصرين في قاعدة عسكرية تعمل خارج قوانين الهجرة الأميركية، مضيفًا أنه دائمًا ما كان الوضع غامضًا، مع معلومات قليلة متاحة للعامة حول ما يحدث في هذا المكان.

ظروف الحياة في المنشأة السرية

وقد ألقت التقارير الحكومية الداخلية، بالإضافة إلى مقابلات مع المهاجرين وجماعات المناصرة المزيد من الضوء على ظروف الحياة في غوانتانامو، بما في ذلك مزاعم المجاهرين بشأن إجبارهم ارتداء نظارات تعتيم أثناء نقلهم للقاعدة، أو مراقبة مكالماتهم مع المحامين، وأن بعض الأماكن لم تكن صالحة للسكن بسبب الجرذان، وفقًا للصحيفة ذاتها.

المهاجرون كانوا يحتجزون في مكان منفصل، لكنهم يوجدون في شكل من أشكال الفراغ القانوني محاصرين في قاعدة عسكرية تعمل خارج قوانين الهجرة الأميركية

وردًا على طلب تعليق "نيويورك تايمز"، قالت وزارة الأمن الداخلي، إن المهاجرين يحتجزون في منشأة تتفق مع سياسات الرعاية والإسكان، لكن مفتشي الوكالة الذين زاروا المنشأة في آذار/مارس 2023 للنظر في الشكاوى المقدمة من جماعات المناصرة وجدوا سبًبا للقلق، وأوصوا بأن تتوقف الإدارة عن احتجاز الأطفال في غوانتانامو تمامًا، وأن تجلب الأسر إلى الولايات المتحدة لمعالجتها بدلًا من ذلك.

وقالت الصحيفة الأميركية، إن عدد الأشخاص الذين احتجزوا في المنشأة ما بين عامي 2020 – 2023 بلغ 37 شخصًا، لافتة إلى أن هذه الأرقام تشمل فقط الأشحاص الذين تمت الموافقة على طلب إعادة توطينهم في دولة ثالثة، فيما لا توجد أرقام رسمية بشأن الأشخاص الذين تمت إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.

وقال مسؤولون حكوميون لـ"نيويورك تايمز"، إن احتجاز المهاجرين في منشأة غوانتانامو هو ممارسة شائعة كانت على مر إدارات الرؤساء السابقين، وأضافوا أن الهدف من هذه المنشأة ردع طالبي اللجوء من القيام بالرحلة الخطرة عبر البحر من أجل الوصول إلى الولايات المتحدة.

ووفقًا لـ"نيويورك تايمز"، فإن المنشأة ترمز إلى الرغبة المتزايدة لكلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، في إبقاء المهاجرين على مسافة، وقد فكر المسؤولون الأميركيون في توسيعها، حيث تدفع الأزمات، كما الحال في هايتي، الناس اليائسين نحو الشواطئ الأميركية.

وكان الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، قد اقترح في عام 2019، استخدام القاعدة العسكرية كمركز احتجاز واسع النطاق للمهاجرين من جميع أنحاء العالم، ووعد بإحياء وتشديد أجندته المتعلقة بالهجرة إذا أُعيد انتخابه في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

فحص طالبي اللجوء في البحر

وبحسب "نيويورك تايمز"، المهاجرون الذين ينطلقون من دول مثل كوبا وهاييتي إذا تم القبض عليهم في البحر واجتازوا فحص اللجوء، فإنهم يمنحون خيارًا بين العودة للبلد الذي كانوا يحاولون الهروب منه أو الذهاب إلى غوانتانامو، ومحاولة العثور على دولة أخرى لاستقبالهم لأنه لا سبيل لديهم لدخول الولايات المتحدة.

وعلى عكس المهاجرين الآخرين لا يمكن البحث عن أولئك الموجودين في غوانتانامو في قاعدة بيانات المحتجزين العامة، ولا تعتبر وزارة الخارجية الأميركية هؤلاء المهاجرين محتجزين، لأنهم يستطيعون الموافقة على مغادرة المنشأة عن طريق ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.

وتقول "نيويورك تايمز"، إن القواعد التي تحكم اللجوء للمهاجرين على الحدود الجنوبية لا تنطبق على أولئك الموجودين في غوانتانامو، ووفقًا لوزارة الخارجية، فإن "أحكام قانون الهجرة والجنسية ولوائح الهجرة التي تحكم اللجوء والحماية من الإبعاد وإجراءات الإبعاد لا تنطبق على المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر".

ألبرتو كورزو، وهو صحفي كوبي هرب مع عائلته من كوبا عبر البحر، وبعدما ألقى خفر السواحل عليهم سلمهم إلى منشأة غوانتانامو، قال لـ"نيويورك تايمز"، إنه تعرض للضرب من قبل عملاء الحكومة، وقد وثقت لجنة حماية الصحفيين و"صوت أميركا" أحد الاعتداءات، وقد قرر كورزو هو وعائلته أن العودة إلى الوطن ليست خيارًا، فوضعوا في خليج غوانتانامو.

وبحسب "نيويورك تايمز"، قال بعض الأشخاص إنهم أجبروا على ارتداء نظارات تعتيم أثناء الرحلة عبر القاعدة، وقد أبلغت إدارة الهجرة والجمارك الأميركية المفتشين بأن هذه التدابير ضرورية "للحفاظ على سلامة وأمن عمليات القاعدة العسكرية الأميركية".

وكان تقرير صادر عن مفتشين من مكتب الحقوق والحريات المدنية التابع لوزارة الأمن الداخلي، قد أشار إلى أن المفتشين راجعوا الإرشادات الخاصة بالتعامل مع المهاجرين، وقالوا إن نظارات التعتيم تهدف إلى إخفاء ما يراه المهاجرين أثناء نقلهم إلى المنشأة، وفقًا للصحيفة ذاتها.

ويحصل المهاجرون، وفقًا لـ"نيويورك تايمز"، على 30 دقيقة في الأسبوع لإجراء مكالمات هاتفية، وكلها تخضع للمراقبة، ولا تجوز لهم مناقشة مرافق القاعدة، ولا المعلومات المتعلقة بالمهاجرين الآخرين، ولا "المعلومات التي تشوه أو تبالغ" في معاملتهم، كما لا يجوز للمهاجرين قول أي شيء في المكالمات من شأنه أن "يشجع الآخرين على محاولة الهجرة غير الشرعية"، بحسب نسخة من القواعد.

ويخضع المهاجرون لحظر تجول من غروب الشمس حتى صباح اليوم التالي، لكن على النقيض من المهاجرين الذين تحتجزهم وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة، يمكنهم مغادرة المنشأة أثناء النهار إذا تمت الموافقة على ذلك، وبإمكانهم أيضًا الحصول على وظائف على الجانب الآخر من الجزيرة، لكن الوصول إلى المستشار القانوني محدود.

وقالت منظمة "إيراب"، التي تحدث فريقها للمهاجرين، إن "الأشخاص الذين تمت مقابلتهم تحدثوا عن علامات التدهور والإهمال، كالمراحيض التي تنفث مياه الصرف الصحي، وكمشكلة السباكة المعروفة في السجون، ونمو الفطريات على الأسقف والجرذان التي تركض في الغرفة"، وأضاف التقرير أن الظروف كانت سيئة، خاصة للأطفال.

بين الحرية والأسر

ووفقًا للصحيفة ذاتها، أعرب مفتشو وزارة الأمن الداخلي في تقريرهم، عن قلقهم من أن "الأضرار" التي قد تلحق بالأسر والأطفال في المنشأة "تفوق سياسات الردع التي تنتهجها الوزارة"، لكن دائرة الهجرة والجمارك قالت إنها لا تستطيع أن ترفض من جانب واحد احتجاز الأطفال في المنشأة، وأحالت الأمر إلى مجلس الأمن القومي.

ومع استمرار وجود أسرة كورزو في غوانتانامو شعرت بأنها محاصرة بين الحرية والأسر، وقالت مارثا ليزيت سانشيز، زوجة كورزو، "إنه مكان معزول للغاية، إنه معزول عن العالم"، أما بالنسبة لكورزو، فيعتقد "أنه لا ينبغي احتجاز العائلات في غوانتانامو، فالأطفال يحتاجون إلى الحرية والتواصل الاجتماعي، يحتاجون إلى الشعور بالأمان، كما يحتاجون إلى الذهاب إلى المدرسة".

وقال المسؤول السابق في وزارة العدل، لوكاس غوتنتاغ، إن غوانتانامو كان وسيلة للحكومة لتجنب الرقابة، مضيفًا أن "وضع العائلات في مكان لا توجد فيه الرقابة القانونية والدستورية يجعل هذه العائلات أكثر عرضة للمعاناة وسوء المعاملة".

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن كندا وافقت على استقبال كورزو مع عائلته بعد خمسة أشهر قضوها في منشأة غوانتنامو، وأعرب كورزو للصحيفة الأميركية عن شعوره بأنه اتخذ القرار الصحيح عندما قرر الهروب من كوبا في عام 2022.