تبدو جنوب إفريقيا مصممةً، أكثر من أي وقتٍ مضى، على المضي في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية رغم الضغوط التي بدأت تتعرض لها من واشنطن وتل أبيب لسحب دعواها، التي حصلت على دعم الكثير من الدول من مختلف أنحاء العالم، وجعلت دولة الاحتلال بمقتضاها أمام قرارات قضائية دولية بالشروع في الإبادة الجماعية وضرورة التوقف عنها. لكن تل أبيب، مستفيدةً من الحماية والدعم الأميركي، تضرب بالقرارات القضائية الدولية عرض الحائط.
وفي آخر موقفٍ حاسم لجنوب إفريقيا من دعواها، قال الرئيس الجنوب الإفريقي، سيريل رامافوزا، إنّ بلاده مصمّمة على متابعة قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مشيرًا إلى أنه سيُقدَّم المزيد من الحقائق والأدلة خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر، المقبل بالتزامن مع مرور أول عام على العدوان الإسرائيلي على غزة.
تعزيز دعوى الإبادة بأدلة ومؤيدات جديدة
وقال رامافوزا للصحفيين عندما سئل عن قضية الإبادة الجماعية "نحن عنيدون"، مؤكدًا أن بلاده ستقدم الشهر المقبل "مجلدًا من مئات الصفحات" يضم الحقائق والأدلة لدعم قضية الإبادة التي رفعتها بلاده ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
ستقدم جنوب إفريقيا أدلة من مئات الصفحات تدين إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية بالتزامن مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة عامه الثاني
وتابع رامافوزا: "نواصل القول بأن الإبادة الجماعية يجب أن تتوقف، ويجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، وبشكل مماثل، يجب أن يكون هناك إعادة للرهائن"، وفقًا لما نقلته عنه وكالة "فرانس برس".
وأمام جنوب إفريقيا مهلة حتى الـ28 من تشرين الأول/أكتوبر المقبل من أجل تقديم أدلتها وحججها إلى المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة، لمواصلة القضية ضد إسرائيل بشأن انتهاكها لاتفاقية منع الإبادة الجماعية في عدوان إسرائيل المستمر على غزة.
ويشار إلى أن محكمة العدل الدولية لم تبدأ بعد بمناقشة اتهامات جنوب إفريقيا بالإبادة الجماعية بشكل جوهري، لكن من المتوقع أن تفعل ذلك خلال الأشهر المقبلة.
وكانت جنوب إفريقيا قد رفعت قضية دعوى الإبادة الجماعية على إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية في كانون الأول/ديسمبر الماضي، مؤكدةً أن العدوان الإسرائيلي على غزة ينتهك اتفاقية عام 1948 في الأمم المتحدة بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، الأمر الذي تنفيه إسرائيل دون أن تكون قادرة على ذلك بسبب شهادة العالم على بشاعة جرائمها في غزة ضد البشر والحجر والبيئة.
وانضمت إلى جنوب إفريقيا في الدعوى دول عدة، بينها كولومبيا، وليبيا، والمكسيك، وإسبانيا، وتركيا والعديد من الدول بصفة مراقب.
الضغوط الإسرائيلية على جنوب إفريقيا
ونشر موقع "أكسيوس" الأميركي تفاصيل برقيةٍ وجّهتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، في أيلول/سبتمبر الجاري، إلى أعضاء الكونغرس الأميركي تحثّهم فيها على المشاركة في الضغوط التي تسلّطها على جنوب إفريقيا بغية إسقاط القضية التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية.
كما كشف الموقع أنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية أرسلت، الإثنين الماضي، برقيةً سرية إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن وإلى جميع القنصليات الإسرائيلية في الولايات المتحدة بشأن القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدها أمام محكمة العدل الدولية.
كما نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم يريدون من أعضاء الكونغرس أن يوضحوا لجنوب إفريقيا أنه ستكون هناك عواقب لمواصلة متابعة القضية. وقال المسؤولون إن تل أبيب تأمل أن تتخذ الحكومة الائتلافية الجديدة في جنوب إفريقيا نهجًا مختلفًا تجاه إسرائيل والحرب على غزة.