قال أستاذ القانون الدولي في المركز النرويجي لحقوق الإنسان بجامعة أوسلو، جينتيان زيبيري، إن دعم الدول الغربية لـ"إسرائيل" يتجاوز التسليح إلى "التواطؤ" في عدوانها المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مؤكدًا أن تزويد "تل أبيب" بالأسلحة "غير شرعي وفق القانون الدولي"، وجاء حديث الخبير القانوني خلال مقابلة أجراها مع وكالة "الأناضول" التركية.
وكانت الولايات المتحدة، قد أقرت، الخميس الماضي، بيعها لـ"إسرائيل مقطورات دبابات" ثقيلة ومعدات ذات صلة لاستخدامها في المجال العسكري بقيمة 164.6 مليون دولار، وفق بيان "وكالة التعاون الأمني الدفاعي" الأميركية.
تواطؤ غربي
وقال الخبير القانوني في مجال حقوق الإنسان، إن: "الدعم السياسي والدبلوماسي الذي تقدمه الدول الغربية الحليفة لإسرائيل، والذي يسمح لها بمواصلة حربها واحتلالها غير القانوني للأراضي الفلسطينية، يتجاوز مبيعات الأسلحة، ويندرج أيضًا تحت مسمى التواطؤ".
أكد زيبيري أن الدعم السياسي والدبلوماسي الذي تقدمه الدول الغربية الحليفة لإسرائيل، يتجاوز مبيعات الأسلحة، ويندرج أيضًا تحت مسمى التواطؤ
وأشار زيبيري إلى أن "الرعاة الرئيسيين لإسرائيل هم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وهولندا وإيطاليا وكندا، وبعض الدول الغربية الأخرى (لم يسمها)"، موضحًا أن "تلك الدول قدمت معظم الأسلحة والغطاء السياسي لإسرائيل في المحافل الأممية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فيما قدمت دول أخرى وقودًا وموادًا سمحت لإسرائيل بمواصلة حربها على غزة".
وبرهن الخبير القانوني على عدم شرعية نقل الأسلحة إلى "إسرائيل" بناءً على ثلاثة أمور، أولها أن "احترام جميع الدول لاتفاقيات جنيف عام 1949، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين أمر واجب".
والأمر الثاني، وفق زيبيري، يتعلق بكون "اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 تتطلب من الدول الأطراف منع الإبادة الجماعية"، أما الثالث فهو أن "معاهدة تجارة الأسلحة لعام 2013 تتناول صراحة الحظر المفروض على عمليات نقل الأسلحة، حال علمت الدولة المرسلة أنها ستستخدم في ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب".
ووفقًا لـ"الأناضول"، الأسباب التي ذكرها زيبيري تدحض جملة وتفصيلًا ما قاله محامو ألمانيا أمام جلسة محكمة العدل الدولية في التاسع من نيسان/أبريل الماضي، حين دافعوا عن تسليح برلين لـ"إسرائيل"، زاعمين أنه يتماشى مع قواعد القانون الدولي.
أخطر الجرائم
وتعقيبًا على تلك الأسباب، قال زيبيري، إن: "الهجمات العشوائية التي تشنها إسرائيل على غزة قتلت عشرات آلاف الفلسطينيين، في حين دفع الحصار الخانق المفروض على القطاع منذ 18 عامًا نحو مليوني شخص إلى المجاعة والموت، من خلال حرمانهم الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية".
في منطقة رملية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الأساسية.. نفذ الاحتلال الإسرائيلي 5 مجازر راح ضحيتها أكثر من من 200 شهيد.#مواصي_خانيونس pic.twitter.com/ByTPsQbw2I
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 11, 2024
وشدد الخبير القانوني على أن "الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد الفلسطينيين يمكن تصنيفها إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي أخطر الجرائم المعترف بها دوليًا"، وأضاف في معرض تأكيده على أهمية التعامل مع المحاكم الدولية من أجل القضية الفلسطينية، أنها "توضح التزامات القانون الدولي بطريقة موثوقة".
وبشأن الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في تموز/يوليو الماضي، قال زيبيري إن "المحكمة أعلنت أن إسرائيل ملزمة بوقف جميع أنشطة الاستيطان الجديدة، فضلًا عن إخلاء المستوطنات القائمة"، موضحًا أن "جميع الدول والمنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ووصف الخبير القانوني دعوى "الإبادة الجماعية" التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد "تل أبيب" أمام العدل الدولية في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بأنها "مهمة لأنها تتناول الوضع في غزة وحماية الفلسطينيين من سلوك الحكومة الإسرائيلية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948".
إدانات فارغة
وتعقيبًا على طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، قال زيبيري، إن: "هذه الخطوة تؤكد أن جرائم حرب ارتكبت في غزة، ويجب محاسبة المسؤولين عنها".
واعتبر الخبير القانوني أن "الهجوم الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية المحتلة، كشف النفاق الذي ينطوي عليه النظام العالمي القائم على القواعد، وذلك من خلال استخدام قواعد خاصة استنادًا إلى الطرف المتلقي"، موضحًا أن "العالم لاحظ دعم واشنطن للفظائع التي ترتكبها إسرائيل في القطاع، من خلال تزويدها بالسلاح والدعم السياسي".
🎥عنف المستوطنين في #الضفة_الغربية وصل إلى أعلى مستوياته. pic.twitter.com/LqUqS8ntlW
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 12, 2024
واستدل زيبيري على ذلك بقوله: "حتى عندما أعلنت واشنطن خطوطًا حمراء مثل الهجوم العسكري الإسرائيلي على رفح جنوبي القطاع، أو خطة وقف إطلاق النار في حزيران/يونيو 2024، تراجعت عنها ببطء، رغم وجود عواقب كارثية".
وأكد الخبير القانوني أن "الإدانة الفارغة لن يكون لها أي تأثير على إسرائيل، والدليل على ذلك أنها كثفت هجماتها على غزة والضفة"، مطالبًا جميع الدول بأن "تأخذ التزاماتها القانونية الدولية على محمل الجد، وبدل تقديم مزيد من الأسلحة لإسرائيل، يجب عليها الضغط لوقف إطلاق النار الفوري في غزة".
وختم زيبيري حديثه مع الوكالة التركية بالقول، إن: "العقوبات الاقتصادية إلى جانب الضغط الدبلوماسي، ضرورية لحمل إسرائيل على وقف الإبادة الجماعية في غزة"، داعيًا إلى "ضمان مساءلة إسرائيل عن الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، وتقديم التعويضات لهم".