24-يونيو-2024
مهسا أميني

احتجاجات 2022 في إيران (أسوشيتد برس)

قالت وكالة رويترز إن احتجاجات 2022 ترسم إلى حدٍّ كبير ملامح السباق الرئاسي بالنسبة للشباب الإيراني الذي يمثل نسبة 60 % من السكان.

ففي وقتٍ يدعو فيه الشباب "الإصلاحي" و"التقدمي" إلى مقاطعة الانتخابات، يتحمّس نظراؤهم من التيارات المحافظة لفكرة المشاركة. والقاسم المشترك بين الاتجاهين هو الموقف من احتجاجات 2022 التي شهدتها إيران إثر مقتل الشابة مهسا أميني في معتقل للشرطة، وتعاملت معها قوات الأمن بقمع شديد أسفر حسب منظمات حقوقية مقتل 500 شخص، بينهم 71 من القصّر، وإصابة المئات واعتقال الآلاف.

وكان هاشتاغ #سيرك_الانتخابات  قد انتشر على نطاق واسع على منصة إكس للتواصل الاجتماعي، في الأسابيع القليلة الماضية، تزامنًا مع دعوة إيرانيين في الداخل والخارج إلى مقاطعة الانتخابات.

يحمل الجيل الذي ولد بعد الثورة الإسلامية مشاعر متناقضة حول احتجاجات 2022 التي تعدّ أبرز استعراض شعبي في وجه النظام الحاكم في طهران منذ فترة طويلة

ونقلت رويترز في تقريرها وجهتيْ نظر حول الانتخابات لشابة من المشاركات في الاحتجاجات، وشاب محافظ من قوات الباسيج التي قمعت احتجاجات 2022.

ولاحظ تقرير رويترز أنه بعد مرور عامين "ظلت وجهات النظر السياسية للفريقين متناقضة، بشكل يعكس شرخًا سيرسم ملامح نتيجة الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية هذا الأسبوع".

حيث قال أتوسا (22 عامًا) إنها ستحجم عن التصويت في الانتخابات "الهزلية" وفق تعبيرها، والتي ستنظم يوم الجمعة لاختيار خليفة للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي بعد وفاته في حادث تحطّم طائرة هوليكوبتر.

لكن في المقابل يعتزم رضا (26 عامًا)، وهو شاب متدين متطوع في ميليشيا الباسيج، المشاركة في التصويت.

ويلقي هذا التناقض في وجهات النظر الضوء، حسب تقرير رويترز، على الانقسام في إيران بين مؤيدي ومعارضي الجمهورية الإسلامية، التي يبلغ عمرها 45 عامًا.

وتنحصر المنافسة في السباق الرئاسي على "خمسة من غلاة المحافظين وسياسي معتدل واحد وافق على ترشّحهم مجلس صيانة الدستور".

وخطب المرشحون الستة، حسب روتيرز، ودّ الناخبين الشباب، في حملاتهم الدعائية، ولجؤوا إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى من تقل أعمارهم عن 30 عامًا، وهم شريحة تشكل 60 بالمئة من السكان، البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

وقالت أتوسا: "هذه الانتخابات، مثل كل انتخابات في إيران عبارة عن سيرك. لماذا أصوّت بينما أريد الإطاحة بالنظام؟”، يشار إلى أن الشابة الإيرانية التي تحدثت لرويترز رفضت الكشف عن اسمها الكامل لأسباب أمنية.

وأردفت أوتوسا: "حتى لو كانت انتخابات حرةً ونزيهة، ولو كان جميع المرشحين قادرين على خوض السباق، فإن الرئيس في إيران لا يملك أي سلطة".

ففي ظل نظام ولاية الفقيه، يدير الرئيس المنتخب الشؤون اليومية للحكومة، لكن سلطاته تخضع لسلطات الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي له القول الفصل في القضايا الرئيسية مثل السياسات النووية والخارجية.

وقالت الشابة الإيرانية إنها شاركت مثل الكثير من النساء والشبان الإيرانيين، في احتجاجات في عام 2022، التي أشعلت شرارتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في حجز تابع لشرطة الأخلاق، بعد القبض عليها بتهمة انتهاك قواعد ارتداء الحجاب.

وتقول أوتوسا إنه تم القبض عليها أثناء الاحتجاجات، وتحطمَ حلمها في أن تصبح مهندسةً معمارية عندما طُردت من الجامعة عقابًا على مشاركتها في المظاهرات.

وانتشرت ميليشيا الباسيج، وهي قوة تابعة للحرس الثوري الإيراني من متطوعين مدنيين، إلى جانب قوات الأمن النظامية خلال اضطرابات 2022، وساعدت في قمع الاحتجاجات بالقوة المميتة.

وفي هذا الصدد تنقل رويترز عن الشاب رضا، وهو من منطقة نازي آباد، في جنوب طهران، وأغلب قاطنيها من محدودي الدخل، ومتطوع في الباسيج شارك في قمع احتجاجات 2022: "سأضحي بحياتي من أجل الزعيم والجمهورية الإسلامية. التصويت واجب ديني. ومشاركتي ستدعم النظام".

وأضاف رضا أنه سيدعم مرشحًا من غلاة المحافظين يدافع عن ما أسماه "اقتصاد المقاومة" الذي صاغه خامنئي، ويعني هذا المصطلح في أدبيات المحافظين الإيرانيين "الاكتفاء الذاتي اقتصاديًا، وتعزيز العلاقات التجارية مع الجيران بالمنطقة، وتحسين التعاون الاقتصادي مع الصين وروسيا".

وذكرت رويترز أن الاقتصاد الإيراني "يرزح تحت وطأة سوء الإدارة والفساد الحكومي والعقوبات، التي أعيد فرضها منذ 2018، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران في 2015 مع ست قوى عالمية".

لدى رضا وأتوسا، وكلاهما ولدا بعد الثورة الإسلامية في 1979، مشاعر سلبية حيال مظاهرات 2022، وإن كان لكل منهما أسباب مختلفة.

يلقي رضا باللوم على الاحتجاجات في زيادة الضغوط على إيران من الدول الغربية، التي فرضت عقوبات تستهدف قوات الأمن ومسؤولين إيرانيين، على خلفية مزاعم انتهاكات لحقوق الإنسان. واتهمت طهران القوى الغربية بالوقوف وراء إثارة الاضطرابات.

يقول رضا لرويترز: "كنت أتمنى لو لم تحدث الاحتجاجات… استخدمها أعداؤنا ذريعة لممارسة الضغط على بلادنا".

أما أتوسا فهي تتذكر تلك الفترة بحالة من الحزن، وهي تقول "كنت متفائلةً… ظننت أن التغيير سيأتي أخيرًا، وسأتمكن من أن أعيش حياةً بلا قمع في بلد حر… دفعت ثمنًا باهظًا  لكن النظام لا يزال موجودًا".