علق دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي محادثاتهم بشأن تحديد سقف لسعر النفط الخام الروسي إلى الاثنين القادم. واجتمع دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي، مساء الجمعة، لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي، للتخفيف من أزمة الطاقة في أوروبا.
علق دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي محادثاتهم بشأن تحديد سقف لسعر النفط الخام الروسي إلى الاثنين القادم
وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، في مقابلة مع وكالة بلومبرغ "إذا وضعت سقفًا مرتفعًا جدًا للأسعار، لن يكون ذلك أمرًا مزعجًا حقًا، النفط هو أكبر مصدر للدخل بالنسبة إلى الميزانية الروسية، ولذلك من المهم جدًا أن نقوم بذلك بالطريقة الصحيحة التي يكون لها تأثير حقيقي على قدرة روسيا على تمويل هذه الحرب".
ويشعر الاتحاد الأوروبي بضغوط إزاء الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق، إذ من المقرر أن تبدأ عقوبات الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي في الخامس من الشهر المقبل.
وستمنع عقوبات الاتحاد الأوروبي تقديم التأمين والخدمات لأي سفينة تنقل النفط الروسي، اذ لن تتمكن شركات التأمين والشركات الأخرى اللازمة لشحن النفط من التعامل مع الخام الروسي، إلّا إذا تم تحديد سعر النفط بالسقف.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد اقترحت سقفًا لأسعار النفط الروسي في وقت سابق من هذا العام، كبديل لعقوبات الاتحاد الأوروبي التي كانت شديدة الصرامة، لدرجة أنها تُخاطر بإغلاق قطاعات من الإنتاج، وجادلت الولايات المتحدة بأن ارتفاع الأسعار الناجم عن عقوبات الاتحاد الأوروبي، يمكن أن يساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية المطاف من خلال إيجاد أسواق بديلة وبسعر أقل، فضلًا عن أثره المدمر على الاقتصاد العالمي.
وذكر مسؤول أمريكي أن الهدف من تحديد السعر عند مستوى يغطي تكلفة إنتاج روسيا للنفط، بحيث يتم تحفيز موسكو على مواصلة تصدير النفط، لكن ليس بأسعار مرتفعة بما يكفي للسماح لها بتمويل حربها على أوكرانيا.
ويشار إلى أن وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي قد فشلوا الخميس في التوصل إلى اتفاق لوضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي.
ونقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي قوله إن "هناك الكثير من المحادثات الثنائية تجري الآن على مستويات عالية للغاية، سيكون هناك اجتماع لممثلي جميع دول الاتحاد الأوروبي بمجرد حدوث تقدم، لكن لا جدوى من الدعوة إلى اجتماع آخر إذا لم يكن هناك تغيير"، فيما قال دبلوماسيون إن 6 دول من دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 عارضت مستوى سقف الأسعار الذي اقترحته مجموعة السبع.
وكان الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع يتأملان في التوقيع على تحديد سعر أقصى للنفط الروسي، ولكن تعثر الأمر، حيث يحتاج القرار إلى دعم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للموافقة عليه.
ويدور اقتراح مجموعة الدول السبع، حول تحديد سقف السعر النفط الروسي بما يتراوح بين 65 و70 دولارًا للبرميل وهو ما اعتبرته بعض الدول مرتفعًا للغاية، فيما اعتبره آخرون منخفضًا جدًا، حيث اعتبرت بولندا وضع سقف لسعر النفط الروسي عند مستوى 65 دولارًا للبرميل يعتبر سخيًا جدًا بالنسبة لموسكو، إذ أن تكاليف انتاج النفط الروسي يقدرها البعض بنحو 20 دولارًا فقط للبرميل، وهو ما يجعل اقتراح مجموعة السبع يقدم لموسكو هامشًا كبيرًا للربح، واقترحت بولندا تحديد السقف عند 30 دولارًا، ودعمت كل من ليتوانيا وإستونيا المقترح البولندي.
فيما ترفض اليونان، وقبرص، ومالطا التي لديها صناعات شحن كبيرة، وهي لاعب رئيسي في صناعة نقل النفط، من وضع سقف للأسعار يقل عن 70 دولارًا للبرميل، إذ تقول أنها تخسر أكثر من غيرها إذا تم حظر شحنات النفط الروسية، وأن تحديد سقف سعر منخفض للغاية سيضر بها، كما تريد تعويضًا عن نقص النشاط، ويلزمها المزيد من الوقت للتكيف مع الوضع الجديد.
وتتحدث تقارير إعلامية، عن أن موسكو تبيع حاليًا نفطها بخصومات وبأسعار منخفضة، مما يعني أن تحديد سعر البرميل بحدود 70 دولارًا لن يكون مؤثرًا عليها بشكلٍ كبير. ووسط هذا الخلاف الأوروبي حول آلية تطبيق سقف سعري لمبيعات النفط الروسي، اعترفت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون، بالانقسام خلال مشاركتها في الاجتماع.
من جهته، قال وزير الطاقة التشيكي جوزيف سيكيلا، الذي ترأس بلاده حاليًا الاتحاد الأوروبي، إن وزراء الإتحاد سيجتمعون في النصف الأول من الشهر القادم لمحاولة حل الخلافات، بالمقابل أكد الوزير التشيكي أن "الوزراء تمكّنوا من اتخاذ بعض الإجراءات المهمة الأخرى، بما في ذلك مشتريات الغاز المشتركة لتجنب المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتوفير التضامن في أوقات الحاجة، وتسريع الحصول على ترخيص مصادر الطاقة المتجددة".
وبعد شهور من الجدل والانقسامات داخل الاتحاد، وممارسة بعض الدول الأعضاء ضغوطًا للعمل على كبح تكاليف الطاقة التي أضرّت بشدة بالعديد من القطاعات الاقتصادية في أوروبا، اقترحت المفوضية الأوروبية وضع حد أقصى يبلغ 275 يورو لكل ميغاواط/ساعة، ويعتبر هذا السقف أعلى بكثير من المستويات الراهنة البالغة 120 يورو تقريبًا.
واشتكت العديد من دول الاتحاد الأوروبي من أن الخطة كانت مصحوبةً بشروط جعلت من المستحيل الاستفادة منها، وقالت وزيرة المناخ البولندية آنا موسكفا لدى وصولها إلى الاجتماع "سقف سعر الغاز الوارد في الوثيقة لا يرضي أي دولة في الوقت الحاضر"، وأضافت "إنها مهزلة بالنسبة لنا بعد الكثير من المحادثات والمقترحات للوصول إلى السقف السعري المقترح"، كما انتقدت فرنسا وإسبانيا واليونان اقتراح المفوضية، وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريسا ريبيرا للصحافة "طلبنا من المفوضية الأوروبية وضع اقتراح، وفي اللحظة الأخيرة قدّم لنا هذا الاقتراح، وهو ليس اقتراحًا"، واصفةً الآلية التي ترغب بها بروكسل بأنها "مهزلة".
ومع ذلك ، فإن ما لا يقل عن 15 دولة من دول الاتحاد الأوروبي تطالب بسقف عملي لأسعار الغاز بالجملة للتعامل مع نقص الإمدادات الناجم عن الحرب الروسية في أوكرانيا، وقال وزير الطاقة الإيطالي إن 15 دولة أوروبية تعارض وضع سقف لسعر الغاز الروسي.
وتم تحييد خطة وضع سقف للسعر، والتي لم تكن المفوضية متحمسة لها في المقام الأول، بضغوط من دول مثل ألمانيا وهولندا، والتي تخشى تحويل إمدادات الغاز الروسية إلى أسواق أكثر ربحية مثل الأسواق الآسيوية.
وستبدأ خطة الحد الأقصى للسعر إذا تم تبنيها في كانون الثاني/يناير المقبل، وسيجري ذلك جنبًا إلى جنب مع مبادرة طوعية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لخفض استخدام الغاز الطبيعي بنسبة 15%.
ألمحت روسيا إلى احتمال تغيير موقفها من سقف الأسعار المقترح، بعد أن كانت قد هددت في وقت سابق بقطع النفط والغاز عن الدول التي تلتزم بسقف الأسعار على صادراتها
من جهتها، ألمحت روسيا إلى احتمال تغيير موقفها من سقف الأسعار المقترح، بعد أن كانت قد هددت في وقت سابق بقطع النفط والغاز عن الدول التي تلتزم بسقف الأسعار على صادراتها. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف ردًا على سؤال حول كيفية رد روسيا على سقف الأسعار، في حال تم فرضه بأسعار عند مستويات السوق أو أعلى منها، إننا "نعمل الآن انطلاقًا من موقف الرئيس فلاديمير بوتين، بأننا لن نقوم بتوريد النفط والغاز إلى الدول التي تفرض وضع سقف للأسعار أو تنضم إلى ذلك، ولكن بالنظر إلى هذه الأرقام، يجب علينا تحليل كل هذا قبل صياغة موقفنا".