20-أكتوبر-2024
يحيى السنوار

(Getty) تزايد الحديث عن اليوم التالي للحرب في غزة بعد استشهاد يحيى السنوار

انتشت إسرائيل كثيرًا باستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، لأنه في نظرها مهندس حدث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وحسب وجهة نظر "الواشنطن بوست"، فعلى الرغم من أن إسرائيل نجحت في قتل السنوار ـ مصادفةً ـ  وقبله اغتالت اثنين من قادة الحركة هما إسماعيل هنية وصالح العاروري، فإنّ انتشاء دولة الاحتلال بهذه الإنجازات يجب أن يصاحبه حذرٌ شديد، لأن تلك الاغتيالات لم تؤدّ إلى تدمير حماس، ولا إلى تحقيق النصر المطلق، لذا فإن أي بيانات إسرائيلية تعلن النصر تعدّ سابقة لأوانها، وفقًا للصحيفة الأميركية.

وكان رئيس الوزراء في دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو أعلن أنّ "اليوم التالي" قد وصل إلى الشرق الأوسط، على الرغم من تحذيره من أن الحرب "ضد أعداء إسرائيل مستمرة". وقد قرأت واشنطن بوست في هذا التصريح عرضًا إسرائيليًا، مضمونه "العفو والمرور الآمن لأعضاء حماس للخروج من غزة إذا نزعوا سلاحهم وسلموا الرهائن الإسرائيليين".

عُقدة غزة:

ترى واشنطن بوست أنّ الحقيقة التي يريد نتنياهو حجبها بغربال، هي أنّ رئيس الوزراء السبعيني وجد في مقتل السنوار حدثًا للتبرئة، بمقدوره أن يغيرّ حصيلة عام من الفشل الذريع لنتنياهو بدءً بحدث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وصولًا إلى عجزه عن إعادة الأسرى لدى المقاومة.

ليس لدى إسرائيل تصورٌ واضح حول اليوم التالي للحرب في غزة

يُضاف إلى ذلك أنّ نتنياهو "فشل تمامًا" -حسب واشنطن بوست- "في الاستعداد لما يعرِف أنه ينتظره، فقطاع غزة أصبح عبارةً عن فوضى عارمة يائسة، وإسرائيل لا تملك بعد خطةً واضحة لحكم القطاع واستقراره".

وتذهب الصحيفة الأميركية إلى القول: "إن مسار حياة السنوار لا ينفصل عن التاريخ الحديث لهذا الصراع، ووفاته تؤكد لماذا سيكون من الصعب للغاية خلق الاستقرار بعد الحرب، في شريطٍ صغير من الأرض حيث قُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني وطُرد 90٪ من السكان من منازلهم".

لقد كانت غزة "مكانًا للغضب المشتعل لمدة 50 عامًا، وأدى هذا الغضب إلى ولادة حماس في عام 1987، وامتلك السنوار العبقرية لتجنيد هذا الغضب في شكل قوة قتالية منضبطة، ومخادعة هاجمت إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، فيما وصفه نتنياهو بأنه أسوأ حدثٍ للشعب اليهودي منذ الهولوكوست".

فقد توالت سلطاتٌ عدة على إدارة قطاع غزة، ففي عام 1967 احتلت إسرائيل القطاع حتى عام 1994، وبموجب مفاوضات اتفاق أوسلو تم نقل السيطرة الرسمية على غزة إلى السلطة الفلسطينية، وذلك على الرغم من أنّ إسرائيل حافظت على إحدى وعشرين مستوطنةً فيها حتى عام 2005.

وعرفت إدارة القطاع منعرجًا جديدًا عام 2006، عندما فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، حيث تمكّنت الحركة في غضون أقل من عام من السيطرة على غزة وحكمها، رغم العديد من القيود الإسرائيلية.

وجاء حدث طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ليشكّل منعرجًا جديدًا في تاريخ القطاع المعاصِر، إذ احتلّت على إثره إسرائيل غزة من جديد، ردًّا على عملية "طوفان الأقصى".

من ساعتها ومصير إدارة القطاع غير محسوم، وإن كانت جميع السيناريوهات المطروحة لا تخلو من أحد خمسة احتمالات، الأول أن تواصل إسرائيل احتلال القطاع، والثاني أن تتخلى عن إدارته لصالح السلطة الفلسطينية، والثالث أن تتولى إدارة محلية تختارها إسرائيل مهمة حكم غزة والرابع أن تعود حماس إلى حكم القطاع من جديد، والاحتمال الأخير هو سيناريو الطرف الثالث أي أن تتولى جهة خارجية إدارة غزة حال فشل البدائل الفلسطينية والإسرائيلية.

ومن الواضح أنّ بعض هذه الخيارات المحتملة لمستقبل غزة يترك حركة حماس قويةً للغاية، في حين يتطلّب بعضها الآخر احتلالًا مكلفًا للمنطقة من جانب إسرائيل أو قوًى أجنبية. وفي الوقت الذي يبدو فيه الاحتمالان الأول والرابع مستبعدان، تحظى الاحتمالات الثلاث الأخرى بدعمٍ كبير إلى حدٍّ ما.

وترجّح "خطة الجنرالات" التي بدأ جيش الاحتلال تنفيذها منذ أسبوعين لدفع سكان شمال غزة إلى النزوح نحو جنوب القطاع، أن تدمج سلطات الاحتلال بين السيناريو الأول والثالث، أي المحافظة على وجود عسكري دائم في القطاع بتحويل شمال غزة إلى منطقة عسكرية مغلقة، ودعم فعاليات محلية لتولي الحكم في الجانب المأهول من غزة.