25-سبتمبر-2024
صاروخ حزب الله

تصاعد الدخان جراء غارة جوية لجيش الاحتلال على مدينة صور بجنوب لبنان (رويترز)

تباينت قراءة المحللين الإسرائيليين لاستهداف "حزب الله" بصاروخ باليستي، للمرة الأولى منذ الثامن من تشرين الأول/اكتوبر الماضي، مقر قيادة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في منطقة "تل أبيب الكبرى"، بين من رأى أن "حزب الله" اختار "حلًا وسطًا"، وبين من طالب الجيش الإسرائيلي "القيام بمفاجئات"، ومنهم من ذهب إلى طلب مواصلة "ضرب حزب الله بشدة"، حتى التوصل إلى تسوية على الحدود الشمالية للأراضي المحتلة مع جنوب لبنان.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد بدأ هجومًا واسع النطاق، الإثنين الماضي، استهدف مدن وبلدات جنوب لبنان وصولًا إلى شرقه، ما أسفر عن استشهاد وإصابة المئات من المدنيين، فضلًا عن نزوح أكثر من 500 ألف مدني من مناطقهم، وسط تحذيرات عربية ودولية من تحول التصعيد الإسرائيلي في لبنان إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط.

الجيش الإسرائيلي اعترض الصاروخ بمنظومة "مقلاع داوود"

وقال "حزب الله"، إنه أطلق عند الساعة الـ6:30، اليوم الأربعاء، "صاروخًا ‏باليستيًا من نوع قادر 1، مستهدفًا مقر قيادة الموساد في ضواحي تل أبيب"، وأضاف أن هذا "المقر هو المسؤول عن اغتيال ‏القادة (بالحزب) وعن تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي"، التي ضربت، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، مختلف أنحاء لبنان، فضلًا عن عمليات الاغتيال التي طالت قيادات الصف الأول في الحزب خلال الأيام الماضية.

بحسب بيان "حزب الله"، فإن "المقر هو المسؤول عن اغتيال ‏القادة (بالحزب) وعن تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي"، التي ضربت، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، مختلف أنحاء لبنان

من جانبها، أفادت إذاعة جيش الاحتلال بأن "قذيفة صاروخية واحدة تم إطلاقها من لبنان على منطقتي غوش دان (تل أبيب الكبرى) وشارون وسط إسرائيل، وأنه تم اعتراضها"، وأضافت أنه "لأول مرة منذ بداية الحرب (في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي) تتعرض غوش دان لإطلاق نار من لبنان"، لافتة إلى أنه سبق اعتراض القذيفة إطلاق صفارات الإنذار.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي، إفيخاي أدرعي، إنه "في عملية رصد واستهداف سريعة: مهاجمة المنصة الصاروخية التي استخدمت لعملية الإطلاق نحو منطقة تل أبيب الكبرى، صباح اليوم، واستهداف مستودعات أسلحة ومخربين عملوا داخل مباني عسكرية ومنصات صاروخية".

في السياق، أفاد مراسل "التلفزيون العربي"، عبد القادر عبد الحليم، نقلًا عن وسائل إعلام عبرية، بأن "صافرات الإنذار دوّت وتم اعتراض الصاروخ بعد لحظات قليلة بمنظومة مقلاع داوود"، وأضاف بأن "تلك المنظومة مكلفة جدًا وتستخدم ضد الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى"، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام العبرية تتحدث عن "اختراق للخطوط الحمراء"، وأن "التحليلات تشير إلى أنه يمكن أن تعمد تل أبيب إلى توسيع قصفها لمناطق قريبة من العاصمة بيروت".

وكانت مقاتلات جيش الاحتلال قد شنت غارة جوية استهدفت بلدة المعيصرة بقضاء كسروان، التي تبعد نحو 6.9 كم إلى الشمال من بيروت، ما أسفر عن سقوط ثلاثة شهداء، فضلًا عن إصابة تسعة آخرين بجروح، وفقًا لبيانات وزارة الصحة اللبنانية، وهذه المرة الثالثة التي يستهدف فيها جيش الاحتلال كسروان، بعدما استهدف قرية ميروبا، الإثنين الماضي، لمرتين خلال أقل من ساعتين، وهي من المناطق التي لا يتواجد فيها "حزب الله"، ولجأ إليها مئات النازحين خلال اليومين الماضي.

هل تتجه "إسرائيل" إلى التصعيد في لبنان؟

يقع مقر قيادة "الموساد" ضمن معسكرات جليلوت، التي تضم قواعد عسكرية لجيش الاحتلال في مدينة "رمات هشارون"، وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه القواعد 1870 دونمًا، وتضم القاعدة المركزية لوحدة المخابرات 8200، و"معسكر هرتسوغ"، الذي يضم مدرسة لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، و"معسكر ديان". كما يقع بالقرب من هذه المعسكرات مقر جهاز "الموساد"، بالإضافة إلى مركز التراث المخابراتي، وموقع تخليد ذكرى قتلى الأجهزة الاستخباراتية.

وفي قراءة وسائل الإعلام العبرية لاستهداف "حزب الله" بصاروخ أرض – أرض منطقة "تل أبيب الكبرى"، يرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هارئيل، أن إطلاق الصاروخ نحو "تل أبيب" هو "إشارة من حزب الله، وقد اختار حلًا وسطًا بإطلاق صاروخ واحد"، في ظل الضربات الصعبة التي يتعرض لها.

ووفقًا للمحلل العسكري للصحيفة العبرية، يوجد أشخاص في قيادة الجيش الإسرائيلي، وكذلك سياسيين ينتظرون هذه اللحظة، التي سيعتبرونها تصعيدًا، والسؤال هو عما إذا كان هذا سيؤدي إلى اجتياح بري؟ في المقابل، يوجود من يعتقدون أن التجربة لم تنجح في عام 1982، ويجب التروي.

من جانبه، اعتبر مراسل الشؤون العسكرية في موقع "والاه"، أمير بوحبوط، أن إطلاق الصاروخ نحو "تل أبيب" يعني أن "حزب الله يحاول فرض معادلة جديدة باستهداف منطقة المركز، ما يفرض هجمات من نوع آخر على لبنان. وعلى الجيش التحرر من أي معادلة والقيام بمفاجآت".

إلى ذلك، يرى رئيس القوات البرية السابق، غاي تسور، في حديث لهيئة البث العبرية، أن العمليات العسكرية وحدها لن تحقق "هدف إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان"، مشيرًا إلى أنه ينبغي دمج مسار سياسي معها، "وحتى الوصول إلى هذه المرحلة يجب مواصلة ضرب حزب الله بشدة"، على أن تستغل الحكومة العمليات العسكرية من أجل التوصل الى تسوية، تعيد أيضًا المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.

من جانبه، اعتبر اللواء في الاحتياط، عاموس يدلين، في حديث لـ"إذاعة ريشت بيت"، أنه يمكن النظر إلى إطلاق الصاروخ الباليستي بأنه تصعيد آخر، ويمكن اعتباره أيضًا بقاء داخل المعادلة، مضيفًا "لسنا في حرب شاملة، ولذلك ليس هذا الوقت وقت حرب برية.. نحن لم ندمر جميع صواريخ حزب الله، ولم نضرب الضاحية الجنوبية ولا البنى التحتية اللبنانية، كما أن الأميركيين طلبوا منا عدم المساس بالدولة اللبنانية"، على حد قوله.

وأضاف يدلين، أن أن سلاح الجو الذي "يوجه ضربات كبيرة وصعبة لحزب الله ويهدم ما بناه على مدار 15 عامًا"، من صواريخ ومخازن أسلحة "يمكنه التصعيد قليلًا أيضًا"، بسبب الصاروخ نحو "تل أبيب، وتجديد الردع بعد الثمن الذي سيدفعه نصر الله من خلال مواصلة استهداف قدراته العسكرية في الأيام المقبلة"، وفق تعبيره.