07-نوفمبر-2024
ترامب ونتنياهو

يظن ترامب أن لديه قدرة خارقة على إنهاء الحروب (رويترز)

يوهم دونالد ترامب أنصاره بأنه صاحب "عصا سحرية" يستطيع حل جميع النزاعات وإنهاء مختلف الحروب المندلعة حاليًا، بما فيها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يمتدّ لعقود، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أي حلٍ يدعمه ترامب سيكون منطلقه مصالح دولة الاحتلال وهدر الحقوق الفلسطينية.

دأب ترامب طيلة فترة الحملة الانتخابية على القول إنه لو كان في البيت الأبيض لما اندلعت الحرب أو وقعت أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وقبل يوم الاقتراع بأيام قليلة، تعهد ترامب خلال لقاء مع الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين بـ"إنهاء الحرب"، دون أن يطرح خطة واضحة المعالم لبلوغ ذلك الهدف، وإن كان سبق وأن دعا بنيامين نتنياهو، منتصف العام الجاري، إلى: "إنهاء الحرب بشكلٍ سريع"، قائلًا: "احصل على انتصارك وتجاوزه، الحرب يجب أن تتوقف، يجب أن يتوقف القتل".

لكنه، في سياقات أخرى، كان يسخر من كل الدعوات الصادرة من كامالا هاريس والديمقراطيين لإنهاء الحرب، معتبرًا إنهاءها هو قرار إسرائيلي، مدافعًا في الوقت نفسه عن الاستعمال المفرط للقوة من طرف دولة الاحتلال في القتل والتدمير، وعن سعي نتنياهو لتحقيق النصر المطلق والقضاء على "حماس"، بقوله: "منذ البداية، عملت هاريس على تقييد يد إسرائيل بمطالبتها بوقفٍ فوري لإطلاق النار، وهذا لن يمنح حماس سوى الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد، على غرار هجوم السابع من أكتوبر".

لا يتحدث ترامب عن إنهاء الحرب إلا في سياق تحقيق إسرائيل لنصرها المطلق، لكنه يفضل أن يكون ذلك سريعًا ولو بأسلحة فتاكة

 

وبمناسبة الذكرى الأولى لأحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تعهد ترامب بدعم ما أسماه "حق إسرائيل في كسب حربها على الإرهاب"، قائلًا: "على إسرائيل أن تنتصر بسرعة، بغض النظر عما يحدث" من تدمير وقتل وإبادة جماعية. ولم يكتف ترامب بذلك، بل اعتبر مواقف الإدارة الديمقراطية في دعم إسرائيل خلال عدوانها: "موقفًا ضعيفًا ومترددًا"، حسب تعبيره.

وعليه، يمكن القول إن ترامب لا يتحدث عن إنهاء الحرب إلا في سياق: "تحقيق إسرائيل لنصرها المطلق"، لكنه يفضل أن يكون ذلك سريعًا ولو بأسلحة فتاكة.

وكان هذا تقريبًا هو موقفه منذ بداية الحرب. ففي مناظرته مع بايدن، قال إن: "إسرائيل هي التي تريد أن تستمر في الحرب، ويجب السماح للإسرائيليين بإنهاء عملهم" في غزة.

بناءً على ذلك، لا يتفاءل المتابعون لشؤون المنطقة بعودة ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، لأنه سيكرر المشروع ذاته الذي بدأه في ولايته الأولى (2016 - 2020) بتعزيز النفوذ الإسرائيلي وتوسع إسرائيل على حساب الأراضي الفلسطينية وربما أراضي الأردن. وفي المقابل، سيعمد ترامب إلى تحجيم الدعم المقدم للفلسطينيين ومواصلة التنكر لحقوقهم التاريخية، وتقليص القضية إلى قضية اتفاقيات اقتصادية مقابل السلام المزعوم.

سيناريوهات إنهاء الحرب في ظل إدارة ترامب

لعلّ التحدي الرئيسي أمام ترامب في الصراعات الحالية في المنطقة هو قدرته على المزاوجة أو التوفيق بين: "الدعم القوي لإسرائيل لتحقيق أهدافها بالنصر المطلق من جهة، والرغبة المعلنة في وقف الحرب من جهة أخرى".

ويمكن الحديث عن أربعة سيناريوهات في هذا الصدد، أولها سيناريو وقف الحرب بشروط إسرائيل أو بشروط ترجّح المصالح الإسرائيلية من قبيل: "نزع السلاح من المقاومة في غزة"، وفصل الساحات بين حركات المقاومة في المنطقة. لكن الحصول على مثل هذه التنازلات من المقاومة هو أمر مستبعد.

السيناريو الثاني يتمثل في طريقة: "وقف الحرب دون حل الصراع جذريًا"، من خلال التوصل إلى تسوية قصيرة الأمد، يتم فيها فرض شروط صعبة على المقاومة في غزة ولبنان، مقابل: "وعودٍ اقتصادية أو تخفيف الحصار".

وفي السيناريو الثالث، قد يلجأ ترامب إلى اتخاذ الضغط على إيران كوسيلة لإضعاف موقف المقاومة. وفي حال لم تنجح أي من التصورات السابقة، قد لا يجد ترامب حلًا إلا سياسة الهدنة الممتدة مع الحفاظ على الأوضاع القائمة.