يُشارك المنتخب البولندي للمرة الثانية على التوالي والتاسعة في بطولة كأس العالم، عندما يحط الرحال في قطر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، بلاعبين وأسماء قوية انتزعت بطاقة التأهل لمونديال 2022 من بوابة الملحق الأوروبي.
لم يسبق للكرة البولندية أن توجت بلقب عالمي أو قاري كبير، غير أنها دائما ما كانت رقمًا صعبًا في البطولات والمواعيد الكبرى، وقدمت للعالم عديد الأسماء العظيمة في تاريخ الساحرة المستديرة أمثال، زبيغنيو بونيك، غجيغوج لاتو، كازيميرز دينا، وآخرهم روبرت ليفاندوفسكي نجم برشلونة الحالي وبايرن ميونخ سابقًا، والحائز على جائزة أفضل لاعب في العالم لعامي 2021 و2022.
قرعة مونديال قطر 2022 التي أقيمت في نيسان/ أبريل الفائت، أوقعت بولندا في مجموعة قوية تضم أيضًا المكسيك والسعودية والأرجنتين، هذه الأخيرة ستكون المواجهة معها هي الأبرز كونها ستجمع اللاعبين الفائزين بجائزة "الفيفا" لأفضل لاعب، في السنوات الثلاث الماضية، ليفاندوفسكي وليونيل ميسي، اللاعبان اللذان قد يُشاركا للمرة الأخيرة في نهائيات كأس العالم.
وصول متأخر
خاضت بولندا التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى مونديال قطر ضمن المجموعة التاسعة رفقة إنجلترا وألبانيا والمجر وأندورا وسان مارينو، واحتلت المركز الثاني بعد نهاية التصفيات برصيد 20 نقطة خلف منتخب "الأسود الثلاثة" الذي حل أولا وتأهل مباشرة إلى النهائيات العالمية.
وبحسب نظام التصفيات الأوروبية، فإن أصحاب المركز الثاني في المجموعات العشر ومنتخبين من دوري الأمم الأوروبي يخوضون ملحقا من ثلاث مسارات، يتأهل منه ثلاث منتخبات إلى نهائيات كأس العالم.
القرعة وضعت بولندا في المسار الثاني في مواجهة روسيا التي قررت تنفيذ غزو عسكري على جارتها أوكرانيا، أعقبه عديد العقوبات على موسكو من بينها استبعاد المنتخب الروسي من التصفيات بقرار من الاتحاد الدولي لكرة القدم"فيفا".
ونجح منتخب بولندا في الفوز على السويد بهدفين دون رد في نهائي المسار الثاني ووصل إلى مونديال قطر، ليحرم النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش (40 عاما) من التأهل والمشاركة لأخر مرة في العرس الكروي العالمي.
تاريخ مونديالي جميل
وصلت بولندا إلى الأدوار النهائية في بطولة كأس العالم في ثمان نسخ سابقة، الأولى كانت عام 1938 في فرنسا حيث واجهت البرازيل في الدور الأول وخسرت أمامها بصعوبة بخمسة أهداف مقابل ستة "للسيلساو".
غاب المنتخب البولندي بعد ذلك عن المشاركة 40 عامًا ليعود في مونديال ألمانيا الغربية 1974، بمنتخب مثل بداية الجيل الذهبي للكرة البولندية، وكان قريب من تحقيق اللقب لولا أنه اصطدم بمنتخب البلد المضيف في نصف النهائي، وخسر أمامه بهدفٍ دون مقابل بعد أن فاز على السويد ويوغوسلافيا.
في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، واجهت بولندا نظيرتها البرازيل وتغلبت عليها بهدف غجيغوج لاتو، لتحقق أبرز إنجاز مونديالي لها، وتتمكن من بلوغ نهائيات كأس العالم في ثلاث نسخ أخرى متتالية، وتكرر الإنجاز نفسه في مونديال إسبانيا 1982 حين وصلت إلى النصف نهائي وخسرت أمام البطلة إيطاليا بهدفين قبل أن تفوز على فرنسا بثلاثة أهداف لاثنين وتحتل المركز الثالث.
المشاركة الخامسة لمنتخب بولندا في مونديال 1986 بالمكسيك عرفت توديعه المنافسات في دور الـ 16 عقب الهزيمة من البرازيل بأربعة أهداف نظيفة، ومن بعدها أخفقت بولندا في الوصول إلى النهائيات العالمية حتى عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، حيث ودعت البطولة من الدور الأول. وفي مونديال ألمانيا 2006 احتلت بولندا المركز الثالث في المجموعة الأولى وغادرت المنافسات من الدور الأول أيضًا، الأمر الذي تكرر مُجددا في مشاركتها الأخيرة في روسيا 2018.
كسر حاجز الدور الأول
من المنتظر أن تدخل بولندا مونديال قطر 2022 بهدف تعويض فشلها في آخر ثلاث مشاركات لها بالنهائيات، وتجاوز دور المجموعات وصولًا إلى استعادة المجد الذي بلغته أيام سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
تشيسلاف ميخنييفيتش المدرب الذي توالى مهمة الإشراف الفني على منتخب بولندا في كانون الثاني/ يناير الفائت خلفا لسوزا المنتقل لتدريب فلامنغو البرازيلي، صنع تشكيلة متماسكة على أرض الملعب من عنصر مميزة يتقدمهم ليفاندوفسكي، المهاجم الذي يمتلك حسًا تهديفيًا عاليًا ويعرف الطريق إلى مرمى الخصوم من أشباه الفرص.
كما أن لدى ميخنييفيتش لاعبين بأدوار قيادية في أنديتهم أمثال بيوتر زيلينسكي متوسط ميدان نابولي الذي خطف الأضواء مؤخرا، وكاميل غليك المدافع المخضرم في صفوف موناكو، إلى جانب حارس مرمى خبير هو فويتشيك تشيزني حامي عرين يوفنتوس.
مركز قوة المنتخب البولندي هو في ألية لعبه الهجومية الناجحة والتي استطاع من خلالها تسجيل 30 هدفًا في التصفيات، أكثر من منتخبات فرنسا (18 هدفا)، وصربيا (18 هدفا)، وإسبانيا (15 هدفا)، وسويسرا (15 هدفا)، وبلجيكا (25 هدفا)، وجميعها منتخبات احتلت المراكز الأولى في مجموعاتها.
بحسب توقعات العديد من المحللين تمتلك بولندا فرصة كبيرة لبلوغ دور الـ 16 لأول مرة بعد 36 عاما، وفقا للإمكانيات ومفاتيح اللعب المتوفرة بين أيدي ميخنييفيتش، والتي قد تعطيه الأفضلية أمام المكسيك والسعودية بأول جولتين، في حين تبقى المهمة الأصعب هي مواجهة الأرجنتين ومنتخبها القوي المرشح للذهاب بعيدا في المونديال القادم.